مساعي كوشنير في بيروت تثمر اجتماعاً ثلاثياً مع بري والحريري للبحث في إجراء الانتخابات

هيئة تحديث القوانين أنجزت آليات تعديل الدستور وترجمتها تنتظر التوافق

وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، مجتمعا امس في بيروت برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ورئيس الاكثرية البرلمانية سعد الحريري («الشرق الأوسط»)
TT

واصل أمس وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لقاءاته مع المرجعيات اللبنانية، فاجتمع في عين التينة برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، في وقت خطت الترتيبات النيابية خطوة متقدمة نحو «التوافق على الآليات الدستورية» المتعلقة بتعديل المادة 49 من الدستور لتمكين النواب من انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.

وقد استهل الوزير الفرنسي لقاءاته باجتماع صباحي مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ناقشا فيه موضوع الاستحقاق الرئاسي، ثم انتقل إلى مقر البطريركية المارونية في بكركي حيث اجتمع بالبطريرك نصر الله صفير، كما التقى قائد الجيش العماد ميشال سليمان. وقرابة الثانية والربع من بعد الظهر عقد في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الاجتماع الثلاثي بين كوشنير والرئيس بري والنائب الحريري، في حضور مستشار الرئيس بري، شقيقه الدكتور محمود بري، ومدير مكتب النائب الحريري، نادر الحريري، وتخلل الاجتماع غداء عمل.

وكان الرئيس بري اجتمع قبل ظهر أمس بأعضاء هيئة تحديث القوانين في مجلس النواب برئاسة رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم الذي قال عقب الاجتماع: «اجتمعت هيئة تحديث القوانين بكامل أعضائها برئيس مجلس النواب نبيه بري، من أجل الاطلاع على خلاصة الدراسة الأولية التي أعدت في موضوع آلية تعديل الدستور التي هي أقرب وأسلم نصاً وروحاً لمقتضيات الدستور اللبناني. وبالرغم من أننا اليوم نمر في ظروف استثنائية ودقيقة جداً فقد تم التوافق على كل الخطوات بين الهيئة ودولة الرئيس بري والآليات التي ستعتمد. وهذه الآليات ستكون دستورية في الظرف الذي نعيشه اليوم. وكل هذه الآليات تتطلب التوافق بين شركاء الوطن من أجل إتمامها وترجمتها إلى عمل فعلي في القريب العاجل وملء سدة الرئاسة بانتخاب رئيس وفاقي».

من جهته، استقبل الحريري النائب بطرس حرب (قوى 14 آذار)، وأجريا جولة أفق شملت مختلف المواضيع المطروحة على الساحة اللبنانية. وفي إطار المداولات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، تلقى رئيس حركة «التجدد الديمقراطي» نسيب لحود اتصالا من قائد الجيش العماد ميشال سليمان. ثم استقبل الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن وبحث معه في الأوضاع اللبنانية والجهود المبذولة لملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لاسيما قرارها، في اجتماعها الأخير، التخلي عن احد ثوابت عملها السياسي الذي هو رفض تعديل الدستور إفساحاً في المجال أمام مخرج توافقي وانتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية. وشدد لحود على «أهمية أن تكون الانتخابات الرئاسية الحالية مناسبة لإعادة الاعتبار إلى هذا الموقع المفصلي في الحياة السياسية والنظام السياسي للبنان، الأمر الذي يقتضي حتماً عدم تحميل رئيس الجمهورية المقبل أي شروط أو قيود أو تبعات مسبقة».

وكان رئيس «جبهة العمل الإسلامي» فتحي يكن قد دعا «كل قوى المعارضة لتسهيل وصول العماد سليمان إلى قصر بعبدا، وليس عرقلة ذلك». من جهته، قال الأمين العام للجامعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي: «لقد ظهر واضحاً ان العماد ميشال عون ـ ومن خلفه المعارضة ـ مستمر في فرض شروطه التعجيزية ولو أدى ذلك إلى تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية وإطالة أمد الفراغ الرئاسي». وأضاف: «صحيح أن البلد يعاني من مشاكل كثيرة ومعقدة، لكن الكل يعلم أن معالجتها لا يمكن أن تتم دفعة واحدة، وخصوصا عند فراغ الرئاسة وإغلاق المجلس النيابي والطعن بشرعية الحكومة. إن هذا يستلزم الحوار بين القوى السياسية نفسها». وتابع: «نحن نعتقد أن فريق الموالاة كان منصفا وحريصا على المصلحة العليا عندما أعلن ترشيحه العماد سليمان. وان من واجب المعارضة المبادرة إلى تبني هذا الترشيح من دون شروط. وإذا كان هناك من توافق سياسي قبل الانتخاب، فهو التوافق لإنجازه، أي إيجاد صيغة مقبولة لإجراء التعديل الدستوري. وقد يضاف إلى ذلك التوافق المبدئي على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد استقالة الحكومة الحالية. وهو أصلا أول عمل يقوم به الرئيس الجديد الذي اثبت بممارساته انه لا يقل حرصا على التوافق من جميع الأطراف».

واعتبر أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان انه «من غير الممكن التذرع بالمواقيت، كما كل في مرة كما حدث في الانتخابات النيابية علم 2005، لإمرار الصفقات على حساب المسيحيين، فالذهاب من دون رؤية ومن دون تصور يزيد الخلل ويؤجل الأزمات». ورأى أن «المسيحيين ممثلون بنحو 16 في المائة من قوتهم التمثيلية نتيجة قانون غازي كنعان الأعوج، كما في الحكومة التي تلت الانتخابات في ظل شعارات اتحاد الساحتين والوفاق وهو ما أنتج تخطي القادة المسيحيين الفعليين». وقال: «إن التسوية مطلوبة ولكن من ضمن رؤية ونظرة. فنحن لن نقبل بالبلف (الخداع) السياسي خصوصاً أن هذا البلف يعوق التفاهم السياسي في لبنان ويمنع الحضور المسيحي الفاعل والشريك في هذا الوطن».

وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أمس، أن «جلسة الجمعة باتت في حكم التأجيل لأسباب تقنية»، مشدداً على «أن لا نية صادقة لدى الطرف الآخر في الذهاب إلى الحل من خلال اختراع عقبات». واعتبر أن «موضوع السلة المتكاملة التي تطالب بها المعارضة مجرد حجة»، داعياً «من في المعارضة إلى تحويل قناعاته من مرشحين إلى مؤمنين بالحل والبعض الآخر إلى الكف عن سياسة التلطي». وقال: «الدستور واضح والآليات واضحة وبالتالي هناك ممران لتعديل الدستور، من خلال مشروع قانون دستوري يأتي من 10 نواب يعرض على الهيئة العامة للمجلس النيابي، أو من خلال رئيس الجمهورية فمجلس الوزراء ومجلس النواب».

ورأى النائب الياس عطا الله (قوى 14 آذار) أن «لا مؤشرات واضحة حتى الآن إلى جدية المعارضة في التعامل مع الاستحقاق الرئاسي. وهذا يعرض الجلسة إلى أن تكون كسابقاتها».

واعتبر عضو كتلة نواب «حزب الله» النائب بيار سرحال «ان طرح اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان لتولي المنصب الماروني الأول أعطى الطمأنينة لكل أبناء الوطن، وخصوصاً للمسيحيين منهم». وقال: «إن حزب الله احترم إرادة الشركاء المسيحيين في الوطن عندما طالب بتأمين نصاب الثلثين لأي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية لأنه لو تم التوافق بين كتلتين نيابيتين كبيرتين لكان بالإمكان تمرير اسم رئيس الجمهورية بمعزل عن إرادة المسيحيين».