طالب جامعي لم يجد سيارة أجـرة تنقله إلى مدينة غزة لتقديم الامتحان

نقص الوقود يشل حياة عشرات الآلاف من أهالي القطاع

TT

ذهبت جميع محاولات محمد العوني، 20 عاما، الطالب بالجامعة الإسلامية بغزة، سدى وهو يحاول صباح أمس، العثور على سيارة أجرة تقله من مخيم المغازي (وسط قطاع غزة) إلى مدينة غزة لتقديم امتحان نصف الفصل الدراسي الذي كان من المقرر أن يتم صباح أمس.

وقال العوني لـ«الشرق الأوسط» إنه سيحاول إقناع مدرس المادة باختباره مع زملائه الذين تغيبوا عن الامتحان لنفس العذر.

النقص الحاد في الوقود الناجم عن الحصار الإسرائيلي وقرار المحكمة الإسرائيلية العليا تخفيض كميات الوقود التي يسمح بدخولها إلى القطاع في الأسبوع الماضي، جعل معظم سيارات الأجرة في القطاع غير قادرة على العمل، الأمر الذي شل جميع مناحي الحياة في القطاع. ومن يتحرك من أقصى جنوب القطاع إلى شماله منذ صباح أمس، فإنه بكل تأكيد يشاهد الآلاف من الموظفين والطلاب والعمال الذين ينتظرون بفارغ الصبر وصول سيارات النقل العام.

وقال صلاح العايدي، 49 عاما، الذي يقطن في المنطقة الوسطى من غزة، ويعمل حارساً في إحدى المؤسسات التعليمية في مدينة غزة، لـ «الشرق الأوسط»، إنه بات يخرج يومياً قبل ساعتين من موعد بدء العمل حتى يستطيع العثور على سيارة أجرة تقله إلى غزة، علما بأن المسافة بين مكان سكناه والمدينة لا يتجاوز 11 كيلومترا. وتوقف الكثير من أصحاب سيارات الأجرة التي تعمل بالسولار نهائياً عن العمل بسبب النقص الحاد في الوقود. ورغم أن بعض محطات الوقود لا يزال لديها بعض الوقود إلا أن معظم أصحاب السيارات أوقفوا محاولات البحث عن السولار بسبب الطوابير الطويلة التي يضطرون للاصطفاف فيها. ويقضي إبراهيم خلايل، 54 عاما، أحد سائقي الأجرة، معظم وقته في مسجد عز الدين القسام، اكبر مساجد مخيم النصيرات، بعد أن فشل في العثور على السولار رغم محاولته الحثيثة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول قضاء الوقت بين المسجد واللهو مع أحفادي حتى تحل المشكلة مرة وللأبد».

وما يساعد قليلا في تخفيف وطأة الأزمة الناجمة عن تقليص كميات السولار هو حقيقة أن قسما من السيارات في القطاع تعمل بالغاز، رغم أن القانون يحظر ذلك. يذكر أن السلطات الإسرائيلية خفضت بشكل كبير نسبة الوقود التي تسمح بدخولها للقطاع، الأمر الذي حدا بأصحاب محطات الوقود إلى رفض شراء الكميات المسموح بها بسبب الخسائر الكبيرة التي يتعرضون لها. وكما يقول عوني أبو هربيد، مقرر اللجنة الحكومية لمواجهة الحصار، لـ«الشرق الأوسط» فإنه من اصل 601 ألف و920 لتر سولار يحتاجها القطاع يومياً، فإن إسرائيل لا تسمح إلا بـ 90 ألف لتر فقط. وحذر أبو هربيد من أن النقص في الوقود سيؤدي إلى كارثة بيئية وصحية، حيث أن معظم محطات معالجة الصرف الصحي ستتوقف عن العمل قريبا. وأعلنت وزارة الصحة في حكومة إسماعيل هنية المقالة، إنه بسبب النقص في كمية الوقود فإنها اضطرت إلى إغلاق العديد من العيادات الصحية والمراكز الطبية التابعة لها في إرجاء القطاع. وقالت الوزارة في بيان لها إن هذه الخطوة تهدد حياة العشرات من المرضى خاصة الأطفال منهم. وتحمل حكومة هنية المقالة حكومة سلام فياض في رام الله «مسؤولية أزمة الوقود في القطاع، متهمة إياها بالتقاعس عن تسديد المستحقات المالية لشركة «دور» الإسرائيلية التي تورد الوقود للقطاع، في حين تسدد المستحقات المالية لشركة «باز» الإسرائيلية التي تورد الوقود إلى الضفة الغربية، رغم أن أصحاب محطات الوقود يدفعون ثمن الوقود الذي يشترونه. وبعث النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أمس برسالتين إلى وزير النفط المصري سامح فهمي، وزميله وزير الاقتصاد والتجارة محمد رشيد، دعاهما فيها إلى أن تقوم مصر بتزويد القطاع بالوقود والمحروقات.