المالكي: التنظيمات الإرهابية والمليشيات تحولت إلى مجاميع هاربة

براون بالبصرة في زيارة لم يعلن عنها حتى مغادرته.. وقواته تستعد لتسليم الملف الأمني

TT

في وقت اكد فيه رئيس الحكومة العراقي، نوري المالكي، امس ان «أهم عنصر في النجاح الامني الذي حققناه هو كسب ثقة المواطن وتحول الارهاب والمليشيات الى مجاميع هاربة»، وان قواته على أتم الاستعداد لتسلم الملف الامني في البصرة، افاد رئيس الحكومة البريطاني غوردن براون أن تسليم الملف الامني للقوات العراقية في البصرة سيتيح لبريطانيا التركيز على الملف الاقتصادي بالمحافظة.

وقال المالكي خلال استقباله الادميرال فالون، قائد المنطقة الوسطى في القوات الاميركية، ان «ملاحقتنا لتنظيم القاعدة الارهابي والمليشيات جعلتها في موقع الهزيمة بدل موقع الهجوم، وسنبذل المزيد من الجهود للحفاظ على النصر، وفي مقدمتها الجهد الاستخباري الذي تطور بشكل واضح في كشف هويات الارهابيين وإسناد الجهد العسكري»، حسب بيان صادر عن مكتب المالكي حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه. ونسب البيان الى المالكي قوله ان «قواتنا المسلحة اصبحت على أتم الاستعداد لتسلم الملف الأمني في محافظة البصرة وستواصل تصديها لبقايا الارهاب والخارجين عن القانون في جميع محافظات العراق بالتعاون مع ابناء العشائر والخيِّرين الذين عقدوا العزم على مساندة جهود الحكومة في بسط سلطة القانون وتحقيق الأمن والاستقرار والمضي قدماً بمشاريع البناء والإعمار».

وكان وزير الدفاع العراقي، عبد القادر العبيدي، قد اكد امس في حديث صحافي «ان قوات الجيش العراقي التي ازدادت عدة وعددا وتجهيزا أصبحت مستعدة لان تحل محل القوات متعددة الجنسيات في حال انسحابها من بغداد او المحافظات». وعبر سياسي عراقي من اهالي البصرة لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من منزله بالمدينة امس عن خشيته من تفاقم الاوضاع الامنية في المحافظة التي تتصارع فيها احزاب شيعية من اجل النفوذ والسيطرة على الاوضاع وزيادة نسب الفساد المالي. وقال براون عقب وصوله الى القاعدة الجوية البريطانية في مطار البصرة الدولي مساء اول من امس للصحافيين إن قوات بلاده ستسلم مسؤولية الأمن في المحافظة لقوات الامن العراقية في غضون أسبوعين. وامتدح براون في ثاني زيارة يقوم بها للعراق منذ تسلمه موقعه خلفاً لتوني بلير في يونيو (حزيران) الماضي، الدور الذي تقوم به القوات البريطانية في فرض الامن بالبصرة. وبسبب الوضع الامني المتدهور في المحافظة، لم يسمح للصحافيين المرافقين لرئيس الحكومة البريطانية بنشر نبأ وصوله إلا بعد ان غادر البصرة. ولبريطانيا 5500 جندي في البصرة حاليا وسيجري تقليصهم الى نصف العدد ربيع العام المقبل. وقال براون لجمع من العسكريين البريطانيين هناك «لقد تكلمت تواً مع رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي الذي طلب مني ان اشكركم للدور الذي قمتم به في بناء الديمقراطية بالعراق. إن السبب في تحسن الوضع الامني هنا هو عملكم وإنجازاتكم». واضاف براون «أن المالكي اوصى بتسليم الملف الامني في البصرة لقوات الامن العراقية في غضون اسبوعين»، متوقعا «ان يتم تعيين مستشار اقتصادي بريطاني في البصرة في القريب العاجل ستكون مسؤوليته الاشراف على برنامج للتنمية الاقتصادية يهدف الى خلق فرص عمل جديدة لسكان المحافظة».

يذكر ان البصرة تشهد منذ مدة معارك وصدامات بين الميليشيات التابعة للاحزاب الدينية الشيعية المختلفة، وذلك في صراع للسيطرة على الموارد الطبيعية الضخمة التي تزخر بها المحافظة.

وقال وزير الدفاع البريطاني ديس براون لوكالة رويترز خلال زيارة للبصرة قبل شهر ان «الامور تتحسن هنا لسبب شديد الوضوح. العراقيون انفسهم أكثر قدرة على تحمل مسؤولية امنهم». غير أن نتائج أكبر عملية عسكرية خارجية لبريطانيا فيما يزيد على 50 عاما تبدو غامضة على احسن تقدير. ويقول منتقدون ان البصرة تحولت الى مدينة تطبق فيها ميليشيات شيعية القانون وتكتب على جدرانها تهديدات بقتل النساء غير المتحجبات. واختطف مترجمون عملوا مع القوات البريطانية وعذبوا وقتلوا. وخلص بعض الخبراء الى ان بريطانيا خسرت الحرب.

وعلى الجانب الايجابي من التقييم، تعج البصرة بالنشاط حيث تفتح المطاعم ابوابها حتى وقت متأخر من الليل، والشوارع مزدحمة والتجارة مزدهرة على النقيض تماما من احياء بغداد التي تحيط بها الاسوار. وتصدر البصرة أكثر من 1.5 مليون برميل من النفط يوميا تمثل جزءاً رئيسياً من ايرادات الحكومة المركزية.

لكن مَنْ يسيطرون على شوارع البصرة ليسوا من اصدقاء بريطانيا او الولايات المتحدة، الامر الذي قد يسبب مشاكل للحكومة المتحالفة مع الولايات المتحدة في بغداد. وربما تكون أسوأ مرحلة للقوات البريطانية في العراق هي المرحلة الاخيرة.

فعلى مدار خمس سنوات تقريبا، قتل 134 جندياً بريطانياً في معارك مع العدو بالعراق وقتل اكثر من 30 منهم في أربعة أشهر من ابريل (نيسان) الى يوليو (تموز) من هذا العام بعد إعلان بلير خطط الانسحاب من البصرة. واستقبلت الميليشيات الشيعية اعلان بلير بهجمات مكثفة بالقنابل وقذائف المورتر لم تتوقف فعليا على مدار أشهر. وقال القائد البريطاني الميجر جنرال غراهام بينز في الشهر الماضي «من مايو (ايار) الى يوليو كان لواؤنا في البصرة يقف في مواجهة الميليشيات الشيعية في المدينة. وخاض أعنف المعارك التكتيكية في نحو اربع سنوات منذ ان قدمنا الى هنا». وأضاف «اذا كان 90 في المائة من أعمال العنف موجهة ضدنا، فماذا سيحدث اذا انسحبنا؟ وهل سيحسن ذلك الوضع بالنسبة للمواطن العادي من سكان البصرة؟».

ويوجه بينز الاتهام بما يحدث في المدينة من اعمال عنف لسيطرة جيش المهدي الموالي لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على البصرة.

ويسيطر على مجلس مدينة البصرة حزب شيعي، (حزب الفضيلة) اصغر منافس للتيار الصدري. وكبار قادة الجيش والشرطة موالون للحكومة في بغداد التي تسيطر عليها احزاب شيعية اخرى.

الى ذلك، وصل براون امس الى كابل إثر انتهاء زيارته الى العراق. وهذه اول زيارة يقوم بها الى افغانستان منذ توليه رئاسة الحكومة. واوضحت المصادر ان براون وصل الى كابل قادما من ولاية هلمند (جنوب) حيث ينتشر القسم الاكبر من الجنود البريطانيين السبعة آلاف العاملين في اطار القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن في افغانستان (ايساف). وتأتي هذه الزيارة غير المعلنة عنها سابقاً، في وقت يوجد فيه وزير الدفاع البريطاني في أفغانستان أيضاً، وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الأفغانية استعادتها لبلدة «موسى قلعة» التي سقطت بأيدي عناصر طالبان في فبراير (شباط) الماضي.