بوتين يختار ميدفيديف «الحلقة الأضعف» خليفة له على عرش الكرملين

محللون يعتبرون أن تأييد السياسي الصغير في السن للرئاسة يناسب طموح الرئيس الروسي

بوتين ومدفيديف في صورة من الأرشيف (رويترز)
TT

بعد أسابيع من الصمت ولدت الكثير من التكهنات، نطق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرا ليعلن دعمه لنائب رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف ليكون خلفا له في رئاسة الجمهورية. وأكد بوتين في لقاء مع ممثلي الحزب الحاكم وثلاثة من الأحزاب السياسية الصغيرة صباح امس أنه يؤيد ميدفيديف البالغ من العمر 41 عاما والمعروف بوفائه له، ليخلفه على عرش الكرملين. وقال رئيس حزب روسيا الموحدة، بوريس غريزلوف، مخاطبا الرئيس الروسي بحسب المشاهد التي بثتها القناة الأولى في التلفزيون الروسي: «نريد أن نقدم اليكم هذا الترشيح الذي ندعمه جميعا، ترشيح النائب الأول لرئيس الوزراء ديمتري أناتوليفيتش ميدفيديف». ورد بوتين: «في ما يتعلق بترشيح ديمتري ميدفيديف، أنا أعرفه جيدا منذ 17 عاما وعملت وإياه خلال كل هذه الفترة، وأدعم ترشيحه دعما تاما وكاملا».

وأعلن غريزلوف أن ميدفيديف ليس فقط مرشح حزب «روسيا الموحدة» (يمين الوسط)، ولكنه أيضا مرشح حزب «روسيا العادلة» (يسار الوسط)،  و«الحزب الزراعي» (اليسار) و«القوى المدنية» (اليمين الليبرالي). وأشار الى أن ذلك يدل على وجود فرصة حقيقية لبناء سلطة قوية راسخة في روسيا بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الثاني من مارس (آذار) من العام المقبل. من جانبه كشف ميدفيديف عن أن مشاورات بهذا الصدد جرت مع ممثلي الأحزاب الأربعة، مشيرا الى ان هذه المشاورات سوف تتواصل، وهو ما أكده بوريس غريزلوف رئيس حزب «روسيا الموحدة» الذي قال ان الحزب سوف يناقش رسميا هذا الترشيح في المؤتمر المقبل بعد أسبوع، أي في 17 من الشهر الحالي. وفي لقاء أمس الذي جرى في مقر الرئيس خارج العاصمة تبادل ممثلو الأحزاب السياسية الأربعة الحديث عن مؤهلات ميدفيديف وأفضلية ترشيحه في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب والقوى السياسية في روسيا تتناول أطياف المستقبل القريب من منظور اعتبار ميدفيديف الحلقة الأضعف في قائمة مرشحي الكرملين والتي كانت تضم أيضا كلا من سيرغي ايفانوف، المسؤول عن قطاع الصناعات العسكرية والطيران والموانئ والمعروف بتشدده تجاه مخططات الناتو ومناهضته للهيمنة الأميركية، وفيكتور زوبكوف، رئيس الحكومة الروسية الحالي، وغيرهما من رفاق بوتين الذين جاء بهم من سان بطرسبورغ وأروقة الأجهزة الأمنية والمخابرات. وكان بوتين قد اختارميدفيديف الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الإشراف والرقابة على شركة غازبروم الروسية للطاقة والمملوكة للدولة، للعمل معه مستشارا قانونيا عندما كان نائبا أول لمحافظ سان بطرسبورغ للعلاقات الاقتصادية الخارجية. وميدفيديف هو خريج كلية الحقوق في عام 1990، وهي الكلية نفسها التي تخرج منها بوتين.

ثم عيّن بوتين ميدفيديف نائبا لرئيس جهاز الحكومة الروسية يوم تولى رئاسة الحكومة في أغسطس (آب) 1999 ثم انتقل معه للعمل نائبا لرئيس ديوان الكرملين مع مطلع سنوات رئاسته في عام 2000. وعاد بوتين ليختاره رئيسا للديوان عقب إقالة الرئيس الأسبق الكسندر فولوشين في عام 2004. واتخذ بوتين قراره  في مارس (آذار) من هذا العام حول تعيينه نائبا أول لرئيس الحكومة الروسية، معلنا انه قد يكون احد المرشحين لخلافته مع سيرغي ايفانوف وزير الدفاع السابق الذي يشغل حاليا منصب النائب الأول لرئيس الحكومة. غير ان هناك من يقول أيضا ان ترشيح ميدفيديف يصب عمليا في مصلحة الرئيس بوتين الذي يعتزم العودة الى الرئاسة في عام 2012، إن لم يكن قبل هذا التاريخ، كون ميدفيديف هو المرشح الأضعف من بين الباقين وسيسهل على بوتين السيطرة عليه ثم ازاحته ساعة ما يقرر العودة. وثمة من يعزو توقف بوتين عند هذا الخيار الى رغبته في مغازلة القوى الليبرالية داخل حزبه، ذات التوجهات الموالية للغرب، كون ميدفيديف احد ممثلي الجناح الليبرالي في الكرملين في مواجهة الصقور والمتشددين داخل الحزب الحاكم بزعامة سيرغي ايفانوف وزير الدفاع السابق وسكرتير مجلس الأمن القومي ورئيس جهاز المخابرات في اواخر التسعينات. ويأتي ترشيح ميدفيديف في الوقت الذي تتواصل فيه محاولات الكرملين الرامية الى الحد من نفوذ المرشحين المعارضين وفي مقدمتهم زعيم الحزب الشيوعي الروسي، غينادي زيوغانوف، الذي يواصل حملته في فضح ما يصفه بالتزوير الجماعي في الانتخابات البرلمانية الماضية التي اشار الى أنها «بلغت حد تزوير الأصوات المؤيدة للحزب الحاكم والتي بلغت في بعض الجمهوريات والمقاطعات نسبة 105 ـ 110 في المائة».