السنيورة يطلع القيادات والسفراء على أجواء «تعطيل الاستحقاق»: هناك من يمتلك قرارا بعدم إجراء انتخابات في لبنان

جلسة الانتخاب اليوم طارت والأكثرية «مرتابة» من مطالب المعارضة المتزايدة

TT

طارت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان اللبناني التي كانت مقررة اليوم، بغض النظر عن تأجيلها او عدمه، وذلك بعد سقوطها بسبب تمسك المعارضة بـ«مطالبها» وتمسك الاكثرية بـ«الحد الادنى» الذي تقبل به للمضي في عملية ملء الفراغ الرئاسي بالشخص المناسب الذي اتفق الجانبان ـ نظريا ـ على انه قائد الجيش العماد ميشال سليمان.

فحتى ساعات ما بعد ظهر امس كانت الاتصالات «الخجولة» عاجزة عن تخطي عقدتي المطالب السياسية و«الدستورية» للمعارضة التي تطالب باجراء عملية «اعادة تشكيل» للسلطة لا يكون فيها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري رئيسا للحكومة. كما تطالب بتمرير التعديل الدستوري من غير باب الحكومة «غير الشرعية» التي لا تعترف بشرعيتها منذ استقالة الوزراء الشيعة منها اواخر العام الماضي. وهو مطلب يبدو صعب المنال في ظل تمسك الحكومة بالنصين الدستوريين الذين يرعيان عملية تعديل الدستور، وكلاهما يمر عبر الحكومة.

ورأى رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية، النائب روبير غانم، أن اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري امكانية السير بتعليق العمل بالمادة 49 من الدستور بناء لاقتراح الرئيس السابق للمجلس حسين الحسيني «هو تعديل دستوري ايضا» جازما لـ«الشرق الاوسط» بعدم امكانية حصول اي تعديل دستوري بمنأى عن الحكومة. واعتبر انه «لا يجوز الاجتهاد في موضع النص الصريح». وكشف ان العريضة التي اعدها والنائب بهيج طبارة وسلماها الى الرئيس بري تنص على تعديل المادة 49 «استثنائيا ولمرة وحيدة» للسماح بانتخاب موظفي الفئة الاولى، مشيرا الى ان هذا النص غير قابل للنقض او الطعن به امام المجلس الدستوري.

وأفاد غانم بأن العقدة التي تمنع تعديل الدستور ليست دستورية، بل اكبر من ذلك «وهي تتعلق بالوضع السياسي المعقد وما يتناوله البعض من مطالب وحصص في المرحلة المقبلة». ورجَّح وجود «مشاكل خارجية، او عقد لم تحل بالكامل بين اللاعبين الاقليميين والدوليين». وتوقع عدم حصول الجلسة لأن «لا بوادر اتفاق بعد». لكنه اشار الى ان امكانية حصولها «لا تزال متاحة تقنيا اذا حصل الاتفاق السياسي».

في المقابل، كانت الحكومة وفريق الاكثرية ينظران الى ما يجري بحذر «تمازجه الريبة» من مطالب المعارضة. فرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي «اطلع على المؤشرات السلبية» عبر وسائل الاعلام، اجرى امس سلسلة اتصالات هاتفية بسفراء معتمدين في بيروت ورؤساء الطوائف والمرجعيات الدينية شارحا الوضع. وذكر بيان صدر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة ان السنيورة ركز في اتصالاته على «التشاور في المستجدات الحاصلة والمواقف الطارئة وعلى وجه الخصوص الاعاقات المستجدة في وجه اتمام الاستحقاق الرئاسي لتعبئة الفراغ في منصب رئيس الجمهورية» وانه شدد على «ضرورة احترام ما نص عليه الدستور من آليات للوصول الى تعديله». لكن مصادر حكومية قالت لـ«الشرق الاوسط» ان الرئيس السنيورة ابلغ من اتصل بهم «ان القضية تتعدى موقف الاكثرية الى وجود من يمتلك قرارا بعدم اجراء انتخابات في لبنان» مشيرا الى ان «لكل من اطراف المعارضة مطالب. وكلها تصب في اتجاه واحد هو استمرار الفراغ». ولفتت المصادر الى ان الاكثرية قدمت التنازل تلو التنازل، فيما كانت المعارضة «تقدم المطالب تلو المطالب» مشيرة الى مطالبة الاخيرة «في البداية بنصاب الثلثين ثم برئيس توافقي. والآن مطالب وبرنامج سياسي شامل». واستغربت كيف انه «كلما تقدمت الاكثرية بخطوة، تزايدت العقبات».

وقالت المصادر ان «المعارضة اتهمت الاكثرية بالسعي الى الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية. لكن الحكومة التي تسلمتها كأمانة، لم تتصرف إلا في اضيق الشروط. واعلنت انها ستعمل على تجاوز الفراغ. وبالفعل رشحت العماد سليمان بعد ايام قليلة. وحتى الان تفاجأ كل يوم بمطلب جديد».

وردا على سؤال عن الخطوة الثانية التي ستقوم بها الاكثرية والحكومة في ظل استمرار الوضع على حاله، افادت المصادر: «لا شيء حتى الان.. لننتظر ونرى».

هذا وسجلت امس تحركات خجولة على صعيد معالجة الوضع القائم، فالتقى الرئيس نبيه بري القائم بالاعمال الفرنسي اندريه باران الذي قال في دردشة مع الصحافيين: «ان الوضع لا يزال معقدا، لكن يجب المحافظة على الأمل». وعن المعلومات التي نشرت حول زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى لبنان في 25 الشهر الحالي، أجاب: «انها فكرة لم تتبلور بعد».

وتلقى الرئيس بري اتصالا هاتفيا من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تداولا خلاله في التطورات الراهنة. أما قائد الجيش العماد ميشال سليمان فقد عقد امس خلوة مع البطريرك الماروني نصر الله صفير استمرت نصف ساعة لم يدل بعدها بأي تصريح.