عريقات لـ«الشرق الأوسط»: إما السلام وإما الاستيطان

مفاوضات «الدولة الفلسطينية» تنطلق غداً في جو مثقل بالخلافات

جندي اسرائيلي (يمين) يتحدث إلى مستوطنين يهود في أحد المباني المهجورة في تلة قرب مستوطنة قريبة من رام الله (أ.ب)
TT

تنطلق غدا في القدس، مفاوضات «الدولة الفلسطينية»، والتي يسعى الفلسطينيون للحصول عليها قبل نهاية عام 2008. وتعتبر هذه، اول جولة من المفاوضات منذ اجتماع انابوليس، وتأتي في جو مثقل اصلا بالخلافات حول الاستيطان، والقدس الشرقية، وسقف انتهاء المفاوضات.

والتقى في القدس امس احمد قريع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، بتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية، رئيسة الوفد الاسرئيلي، للتمهيد لبدء مفاوضات الوضع الدائم رسميا غدا. ورغم ما نقلته الاذاعة الاسرائيلية عن مصادر مقربة من ليفني «بأن اجواء ايجابية سادت الاجتماع»، إلا ان الخلافات بين مواقف الطرفين بدت كبيرة ومعقدة قبل انطلاق المفاوضات. وقال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين لـ«الشرق الاوسط»، ان لقاء قريع ليفني بحث فقط موضوع الاستيطان. واكد عريقات ان قريع طالب ليفني بوقف فوري للاستيطان قبل انطلاق المفاوضات. وشدد عريقات قائلا «على اسرائيل ان تختار ما بين الاستيطان او السلام، وقال ان معركة وقف الاستيطان هي معركة كل الذين شاركوا في انابوليس»، موضحا ان السلطة ارسلت الى الادارة الاميركية، مطالبة اياها بالتدخل لوقف الاستيطان الاسرائيلي. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس، استمرار الاستيطان ضربة كبيرة لالتزامات انابوليس. واكد اثناء لقائه وزير الدولة لشؤون التنمية الدولية البريطاني دوغلاس ألكساندر، ضرورة موضوعية متابعة التزامات مؤتمر أنابوليس من قبل الجهات الدولية.

وبموجب قرار، اتخذ الشهر الماضي خلال اجتماع انابوليس، ستعقد «اللجنة العليا» المكلفة متابعة المفاوضات، اجتماعها غدا بحضور تسع لجان متخصصة. وقال قريع ان اللقاء سيشكل بداية اجتماعات تسع لجان للخبراء من الجانبين؛ كلفت كل منها باحدى القضايا الكبرى في النزاع. وكانت السلطة قد استدعت خبراء واكاديميين متخصصين في القضايا محل الخلاف.

واستبقت الرئاسة الفلسطينية انطلاق المفاوضات النهائية، مؤكدة رفض التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وقال نبيل ابو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة في تصريح صحافي، «إن الإجراءات الاستيطانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وخاصة في القدس العربية المحتلة ومحيطها، تشكل تهديداً حقيقياً لإمكانية انطلاق مفاوضات الوضع النهائي، وعملية السلام برمتها». واعتبر «أن الامتحان الحقيقي للنوايا الإسرائيلية يتمثل في وقف فوري لجميع أعمال الاستيطان بكل أشكاله، بما فيها ما يسمى النمو الطبيعي»، مشيراً إلى أن المدخل الطبيعي لمفاوضات جدية تفضي إلى سلام عادل، هو إغلاق ملف الاستيطان أولاً، تأكيداً للمرجعية الأساسية التي نهضت عليها عملية السلام برمتها «الأرض مقابل السلام».

واقر عريقات بأن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا مع إسرائيل، بعد قرارها إنشاء المزيد من المنازل في مستوطنة «جبل أبو غنيم» القريبة من مدينة القدس. واكد «ان السلطة لن تقبل باستمرار الاستيطان، ولن تتنازل عن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. كما انها متمسكة بنهاية 2008 موعدا نهائيا لانتهاء المفاوضات. وكان عريقات يرد على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول إصرار اسرائيل على استمرار الاستيطان، وتنصلها من الالتزام بجدول زمني، واعتبارها السيادة على منطقة الحوض المقدس في القدس الشرقية اسرائيلية. وتابع عريقات «ان جميع إجراءات إسرائيل على الأرض التي احتلت عام 1967 إلى الآن هي إجراءات باطلة وملغاة وخارجة عن القانون الدولي».

وكان طلب استدراج العروض الذي اطلقته اسرائيل خلال الاسبوع الجاري لبناء 307 مساكن اضافية في مستوطنة «هار حوما» (جبل ابو غنيم)، قد فجر الخلافات عميقا بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وحذر عريقات من ان «هذا القرار اذا طبق، فانه سيوجه ضربة قاسية لعملية السلام، لكن الحكومة الاسرائيلية اعلنت انها لن تتوقف عن متابعة البناء في ابو غنيم. وصرح المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لوكالة فرانس برس بأن «هناك تحديات كثيرة (في المفاوضات)، ستكون عملية معقدة لأن القضايا العالقة معقدة، لكننا نريد ان تسفر عن نتيجة».

وفي الوقت الذي عبر فيه المتحدث باسم اولمرت، مارك ريغيف، عن «الامل» في ألا يشكل توسيع مستوطنة «هار حوما» عقبة في طريق المفاوضات، فان حجم الخلافات حول القضايا المصيرية قبل انطلاق المفاوضات، يلقي بشكوك عميقة حول القدرة على التوصل الى اتفاق خلال عام، في ظل التهديدات التي يلاقيها اولمرت كذلك بانهيار ائتلافه الحكومي اذا ما تنازل في القضايا النهائية، وما يواجهه ابو مازن من انقسام فلسطيني حاد، اضافة الى الخلافات الكبيرة التي ما زالت مستمرة حول الملفات الاساسية الاخرى العالقة.