جنبلاط: التسوية ليست استسلاما بل محاولة استباقية لتعطيل التخريب

رفض صفقات دول تريد ابتلاع لبنان وانتقد التقارب السوري الأردني

طاقم فيلم سينمائي خلال تصوير مشهد على الكورنيش البحري لبيروت حيث تتواصل الحياة اليومية رغم الأزمة السياسية المستفحلة (أ ف ب)
TT

دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الى «وضع انشاء مجلس الشيوخ (الذي اقر في وثيقة الوفاق الوطني اللبناني في الطائف عام 1989) على نار قوية لانه يحفظ التوازنات الوطنية». وشدد في موقفه الاسبوعي الذي تنشره اليوم جريدة «الانباء» الناطقة باسم الحزب، على ان التسوية في لبنان ليست استسلاما، بل خطوة جريئة ومحاولة استباقية لتعطيل محاولات التخريب الداخلي.

وقال: «على عكس ما قد يظن أو يروج البعض، ليست التسوية إستسلاما أو إنهزاما وليست عودة لعقارب الساعة إلى الوراء. إنها خطوة جريئة إلى الامام ومحاولة استباقية لتعطيل كل محاولات التخريب الداخلي واستهداف السلم الأهلي ومسيرة الاستقلال والديمقراطية المستمرة بفعل إيمان اللبنانيين بها رغم كل الصعوبات».

واضاف: «الاستقلال يبنى كل يوم بالدم، بالكلمة الحرة، بالمثابرة والنضال، بالتضامن مع الأحرار والديمقراطيين في كل العالم، من أمثال ميشال كيلو ورياض الترك وسواهما في سورية، ومع الشعب الفنزويلي الذي رفض مشروع التعديلات الدستورية وأكد على حماية الحريات السياسية والشخصية. الاستقلال يبنى برفض الصفقات بين الدول التي تريد أن تعيد إبتلاع لبنان بشكل أو بآخر. وآخرها كان هذا التقارب السوري ـ الاردني الذي تحدث عن أمن لبنان، بينما نحن وحدنا كلبنانيين نعرف مقتضيات أمننا الوطني. ولا نريد تدخلات من هنا وهناك في هذا الموضوع».

وتابع جنبلاط: «الاستقلال يبنى باستمرار المسيرة السلمية والهادئة والديمقراطية التي كانت ولا تزال المسار الوحيد الذي تنتهجه قوى 14 آذار. وهي الحركة الاستقلالية الكبرى في تاريخ لبنان التي عمدت خطواتها بالدم. وهي لذلك سوف تحافظ على وحدتها وتضامنها كما كانت دائما. الاستقلال يبنى ويعزز من خلال القبول بتسوية عنوانها حماية السلم الأهلي والاستقرار الداخلي. وهذا لا يعني صفقة. فالتسوية نابعة من الكلام الأساس للبطريرك (نصرالله) صفير وهو التوافق، أي التوافق على مسلمات الحوار الوطني، أي تحديد ثم ترسيم الحدود والعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية والسلاح الفلسطيني خارج ثم داخل المخيمات والمحكمة الدولية. الاستقلال يبنى مع المقاومة ومع قبولها بالاستيعاب التدريجي ضمن الجيش الوطني في مواجهة إسرائيل. وهو ما سيرفع بشكل كبير من قدرات هذا الجيش على المواجهة. إن هذا الاستيعاب إذا ما تحقق سيؤدي تدريجيا إلى قبول جميع الأطراف السياسية بمبدأ الحياد الايجابي، أي ألا يكون لبنان ساحة بل دولة مثل سائر دول العالم لا يتم استخدامه لتصفية أية صراعات إقليمية أو دولية على أرضه، وفي الوقت ذاته أن نؤكد جميعا كما سبق أن أكدنا مرارا أن القرارات الدولية تنفذ بواسطة الحوار».

كذلك اعتبر ان «الاستقلال يتطلب فهم تعب الناس وأوجاعهم ويتطلب من قوى 14 آذار إدراك هذا التعب. من هنا كانت الرؤية بأن حماية المنجزات التي تحققت تتأمن بواسطة التسوية التي هي تكرار وليست تراجعا بل هي بمثابة التقدم إلى الأمام وفق الظروف والامكانات المتاحة. والاستقلال يعني حماية الجيش الوطني الذي حقق انتصارات باهرة واستطاع رغم إمكاناته العسكرية المحدودة أن يحمي السلم الاهلي والاستقرار كما استطاع أن يحمي الحدود. وهو قادر على تعزيز مهامه الوطنية من خلال احتضانه بواسطة هذه التسوية وانتخاب رئيس الجمهورية وعودة العمل للمؤسسات وإعادة الانتظام إلى كل حياتنا السياسية والديمقراطية».

وخلص جنبلاط الى القول: «إن أي صفقة تضرب المرتكزات الوطنية التي تحققت بفعل نضال ووحدة قوى 14 آذار هي خيانة. وأي استسلام هو خيانة. لقد قامت قوى 14 آذار طوال الفترة الماضية بخطوات مدروسة وحكيمة حققت حماية لمنجزاتها لا سيما عند المنعطفات الكبرى على ضوء جملة من المعطيات المحلية والاقليمية والدولية. لكنها لم ولن تتخلى عن ثوابتها، فنضالها معمد بالدم. وهذا النضال أدى إلى إنشاء المحكمة الدولية التي ستأتي بالحقيقة والعدالة لكل شهداء ثورة الارز. وختاما، كان حريا ببعض الذين يطرحون تعليق الدستور أن يطالبوا بتطبيق الدستور وصولا الى التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، ومن بنوده إنشاء مجلس الشيوخ الذي يفترض أن يوضع على نار قوية بعد الانتخابات الرئاسية لأنه ليس محصورا بطائفة معينة بل هو يحفظ التوازنات الوطنية الكبرى ويشكل ضمانة للقرارات المصيرية والمفصلية».