غياب أكثر من 80 برلمانيا بسبب الحج يشعل أزمة عراقية جديدة

نائب: سفر النواب هروب جماعي من المسؤولية

TT

قال برلمانيون عراقيون إن سفر اكثر من 80 نائبا في البرلمان لأداء فريضة الحج ادى الى توقف جلسات البرلمان وبقاء قوانين مهمة، تتعلق بالميزانية والنفط وقانون المساءلة والعدالة حول حزب البعث، معلقة.

وقال عزة الشابندر، عضو مجلس النواب العراقي والمتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية الوطنية التي يترأسها الدكتور اياد علاوي، ان «تمتع أكثر من 80 عضوا من مجلس النواب بإجازة الحج يعبر عن مستوى شعور اعضاء مجلس النواب بمسؤوليتهم ازاء قضايا البلد من جهة وعن سوء العلاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية (الحكومة)».

وعلق الشابندر في حديث لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من بغداد، عن الازمة التي يعاني منها مجلس النواب من جهة والحكومة العراقية من جهة ثانية بسبب تأخر مناقشة الكثير من القوانين التي يجب ان يصادق عليها المجلس وفي مقدمتها ميزانية الدولة، أن «الحكومة تلح على ان يناقش المجلس ومن ثم يصادق على جملة من القوانين، لكن اعضاء المجلس الذين يمثلون كتلا سياسية مختلفة غير مهتمين بهذا الموضوع معبرين عن علاقة سلبية تفصل بينهم وبين الحكومة».

وأضاف عضو مجلس النواب قائلا ان «مجلس النواب عقد على مدى الاسبوعين الماضيين اجتماعات يومية بخلاف عادته في عقد ثلاثة اجتماعات اسبوعيا من دون ان يناقش أي قانون او يصادق على أي مشروع مقدم من قبل الحكومة، وفوت على نوري المالكي رئيس الحكومة الكثير من القوانين والقرارات التي كان ينتظرها وفي مقدمتها ميزانية الدولة والمصادقة على تعيين وزيرين اختارهما المالكي منذ اكثر من شهرين، وهذا يعكس الصورة السيئة بين البرلمان والحكومة»، مشيرا الى ان «المتضرر الوحيد من هذه الاجراءات هو الشعب العراقي».

وأكد المتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية قائلا ان «البرلمان لا يسمح للحكومة بأن تستخدم ممثلي الشعب العراقي كورقة لتثبت (الحكومة) أقدامها».

وتساءل الشابندر قائلا «هل من المعقول ان يصف المالكي الأزمة المتفاقمة في الحكومة بقوله إن الكرة الآن في ملعب البرلمان في حين يجب على الحكومة ان تقود عملية سياسية متوازنة ومستوعبة لكافة مؤسسات الدولة وقادرة على احتواء ردود الفعل». وطلب الشابندر من رئيس الحكومة العراقية ان «يعمل على تصفية خلافاته مع الكتل السياسية»، مشيرا الى ان «هذا الحديث لا ينطلق من خلافات او مسائل شخصية، فأنا ضد شخصنة أي خلاف بل من حرصنا المبدئي على مصلحة البلد والشعب». وحضر 160 نائبا الجلسة الاخيرة للبرلمان (الخميس) من اصل 275 نائبا، فيما تقرر عقد الجلسة المقبلة في 29 ديسمبر (كانون الاول) للتصويت على ميزانية العام 2008 قبل انتهاء السنة الجارية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويأتي توقف جلسات البرلمان بينما عبر مسؤولون اميركيون عن شعورهم بخيبة الامل لتلكؤ حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في تحقيق المصالحة الوطنية.

وأثار قرار توجه عدد من النواب الى الحج هذا العام، وكثرة غياب نواب اخرين، غضب بعض البرلمانيين. وقال عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق العراقية كبرى الكتل السنية (44 مقعدا) في البرلمان، «كنا نأمل من اخوتنا ان يبقوا في بغداد لمناقشة قوانين مهمة»، مؤكدا ان «سفرهم يعد تقصيرا». ووجه الدليمي اللوم الى حكومة نوري المالكي، وقال «بدلا من ان تقوم الحكومة باصدار عفو عن المعتقلين قبل عيد الاضحى او الابقاء على الحصة التموينية على حالها دون خفضها، عطلت مناقشة قوانين مهمة كالمساءلة والميزانية، عن طريق سماحها للنواب بالسفر». واضاف «كان ينبغي على رئاسة مجلس النواب منع الاعضاء من السفر لان هذا الوقت غير مناسب للسفر سواء كان للحج او لغيره».

من جانبه، قال عباس البياتي النائب عن الائتلاف الشيعي (83 مقعدا) «هناك قانونا النفط والمساءلة وأهم منهما قانون الموازنة، تنتظر اكتمال نصاب الجلسات. لكن الغيابات وسفر النواب بهذا الحجم الكبير أضرت بمصالح العراقيين». واضاف البياتي ان «كل من اسهم بهذا التعطل يتحمل مسؤولية»، متسائلا «ذهب سبعون شخصا للحج فاين 205 نواب اخرين؟ واذا كان خمسون منهم غائبين بعذر فأين الباقون؟ ظاهرة الغياب سلبية، وزاد الطين بلة ذهاب عدد كبير من الاعضاء الى الحج». من جهته، قال النائب الاول لرئيس مجلس النواب الشيخ خالد العطية، ان البرلمانيين يتمتعون باجازة بعد اسبوعين من الجلسات المستمرة. واوضح ان «اجتماعات مجلس النواب عقدت بشكل مستمر لمدة اسبوعين كاملين على التوالي وعليه تقرر ان يكون النصف الثاني لشهر ديسمبر (كانون الاول) عطلة للمجلس بسبب بدء موسم الحج». من جانبه قال النائب حسن السنيد عن الائتلاف الشيعي الحاكم ان سفر النواب «هروب جماعي من المسؤولية».

واضاف ان «الكتل السياسية في البرلمان اغلقت الجلسات بصورة متعمدة في وقت توجب عليها مناقشة الكثير من القوانين المهمة والاستراتيجية، وسيكلف هذا الهروب الجماعي من المسؤولية العملية السياسية كثيرا». وتابع ان «هيئة الحج حرمت العراقيين من بعض حقوقهم عندما اعطت لكل نائب الحق في ارسال شخصين الى الحج خارج القرعة المعتمدة، وهذه مخالفة قانونية وادارية». وتضغط واشنطن على الحكومة العراقية لتسرع في تمرير القوانين التي ما زال بعضها ينتظر التصويت منذ اكثر من عام.