جدل في ألمانيا حول طريقة جديدة لتحطيم ثاني أوكسيد الكربون وخزنه تحت الأرض

ألمان يتظاهرون حفاة بدرجة حرارة تقترب من الصفر

صورة من التلفزيون الألماني «زد.دي.إف» وتظهر المتظاهرين وهم يحملون القناديل في الليل
TT

في حين يجتمع ساسة العالم لمناقشة شؤون البيئة في جزيرة بالي الإندونيسية السياحية بالي، بدرجة حرارة 31 مئوية، تظاهر نحو 3000 ألماني حفاة قرب كولون احتجاجا على تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. واعتصم المتظاهرون قرب محطة لتوليد الطاقة من الفحم في نويرات طوال يومي السبت والأحد بدرجة حرارة تقترب من الصفر.

وطاف المتظاهرون المنطقة وهم حفاة يحملون اللافتات التي تندد ببناء المزيد من المحطات إنتاج الطاقة من الفحم وتطالب قادة العالم بتقليص انطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى النصف. وحمل المتظاهرون في المساء القناديل الملونة بدلا من الأنوار تضامنا مع مبادرة إطفاء الضوء، التي شارك فيها الملايين من الألمان في الساعة الثامنة من مساء يوم السبت الماضي. وطالب المتظاهرون بخفض إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى النصف رافضين اتفاق بالي الداعي لخفض إطلاق الغاز بنسبة 25 ـ 40 في المائة حتى عام 2020.

وعبر يوزيف تومبرنك عن سعادته بحضور 3000 متظاهر للفعالية رغم البرد والمطر، معظمهم من أعضاء منظمات حماية البيئة وأنصارهم. وقال تومبرنك، من دائرة حماية البيئة الاتحادية، أن البرد أجبر رجال الشرطة وحرس المحطة على الاختباء في أماكن دافئة، إلا أن المتظاهرين واصلوا اعتصامهم حتى الصباح على ضوء الشموع. واعتبر تومبرنك وقف بناء محطات الطاقة من الفحم أكبر خطوة لحماية البيئة يمكن أن تصدر عن قمة بالي.

وتضامن عمال محطة «ري في» للطاقة مع المتظاهرين ورفعوا اللافتات التي تطالب بوقف بناء المزيد من محطات الفحم. كما أحضر العمال للمتظاهرين الحفاة المشروبات الساخنة والبطانيات. وتسلل بعض موظفي المحطة بين المتظاهرين ووزعوا قصاصات تعتبر محطات الطاقة من الفحم ضرورية لوقف ارتفاع على أسعار الكهرباء.

وحاول نشطاء «غرين بيس» رفع شعار ضوئي على قبة المحطة باستخدام «مدفع الضوء» إلا أن إدارة المحطة عرفت بالعملية وهددت بتوجيه «مدافع الماء» ضد المتظاهرين الحفاة. وتم بالاتفاق مع المتظاهرين لاحقا رفع الشعار الضوئي «أوقفوا ثاني اوكسيد الكربون» على جدار المحطة.

وكان معهد الدراسات البيئية السويسري «ماي كلايمت» قد عمم دراسة تقول إن قمة بالي أطلقت 34 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وتختلف هذه التقديرات عن إحصائية القمة نفسها التي قدرت إطلاق نصف هذه الكمية من الغاز. واحتسب المختصون ما يطلقه المشاركون الـ10 آلاف في القمة من غاز ثاني أوكسيد الكربون باستخدامهم الطائرات والمركبات ومن خلال إقامتهم في الفنادق وحركتهم داخل المدينة...إلخ.

وكانت الطائرات والسيارات التي أقلت المشاركين إلى بالي مسؤولة عن إطلاق نحو 28 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وتتكفل الفنادق وأجهزة التكييف بإطلاق المتبقي من الغاز والبالغ نحو 5.5 آلاف طن. وقدر العلماء السويسريون أن الطائرة التي أقلت الوفد الألماني من برلين إلى بالي أطلقت نحو 8.380 طن من الغاز. وهذا أكثر مما تطلقه سيارة حديثة متوسطة الحجم خلال أربع سنوات من عملها على الشوارع.

وأنطلق في ألمانيا، بمناسبة مؤتمر بالي، جدل بين العلماء حول طريقة جديدة اقترحتها شركات إنتاج الطاقة للتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وتحاول شركات الطاقة، من هذا المقترح، تحسين سمعة الطاقة المنتجة من الفحم بعد الإعلان عن رغبتها ببناء 26 محطة جديدة.

ومعروف أن محطات إنتاج الطاقة من الفحم تطلق 700 ـ 1500 غم من ثاني أوكسيد الكربون في إنتاج كل كيلوواط/ ساعة من الكهرباء. ويقترح أصحاب هذه المحطات تركيب أجهزة لشطر غازي ثاني أوكسيد الكربون ومن ثم خزنه في أعماق الأرض بين طبقات الصخور الرملية. ويقول علماء البيئة إن طريقة شطر الغاز أكيدة وأمينة وناجحة، إلا أنه لا توجد ضمانات لعدم تفاعل بقايا الغاز مع الغازات الأخرى تحت سطح الأرض ومن ثم تسربه مجددا إلى الجو. ويمكن لتسرب كميات كبيرة من الغاز مرة واحدة إلى الجو أن يتسبب بنشوء «غيوم» كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون تهدد حياة الأحياء على الأرض. وتعمد بعض الدول إلى حفظ الغاز الطبيعي بين طبقات الأرض برغبة بيعه لاحقا، إلا أنها لا تمتلك ضمانات بعدم تسربه إلى الأعلى. وقدر العلماء إمكانية اعتماد الطريقة في حالة وجود ضمانات ببقائه تحت الأرض لعدة آلاف من السنين.

وفي حين قدر خبراء شركات الطاقة إمكانية خزن غاز ثاني أوكسيد الكربون بين الصخور الرملية لأكثر من 100 سنة، قدر علماء البيئة قدرة هذه الطبقات في ألمانيا على خز الغاز لمدة 40 سنة كحد أقصى. كما لا تتوزع هذه الطبقات بالتساوي في ألمانيا ولا تقع على أعماق متساوية. وتنتشر هذه الطبقات تحت الأرض في الشمال الألماني أكثر من انتشارها في الجنوب، وهذا قد يتطلب نقل الغاز من الجنوب إلى الشمال بواسطة الأنابيب. وطبيعي فان مثل هذا الإجراء سيتطلب الكثير من المال كما أنه يضع الشركات أمام واجب حماية هذه الأنابيب وضمان عدم تسرب الغاز منها.

وقدرت الشركات كلفة شطر الغاز بنحو 40 ـ 70 يورو لكل طن من الغاز. ويعتبر هذا المبلغ فوق طاقة بلدان مثل الصين والهند رغم تصنيفها بين أكثر البلدان الملوثة للبيئة. ويرى علماء البيئة أن الأفضل هو التخلي عن بناء محطات الفحم الجديدة وتفكيك المحطات القديمة ضمن خطة تمتد على 10 مدى سنوات.