الغارات التركية الأخيرة تغضب القيادة العسكرية الأميركية في العراق

نفذت بدون إشعار مسبق كاف.. ومباحثات بشأن تدابير لمنع تكرارها

TT

عمل مسؤولون عسكريون أميركيون وأتراك أمس على وضع تدابير لأي هجمات مستقبلية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، بعد أن أغضب التوغل العسكري التركي الأخير، الذي بدأ بغارات جوية الأحد الماضي، القادة العسكريين الأميركيين.

وحسب مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع في واشنطن وبغداد، فان القادة العسكريين الأميركيين لم يكونوا على علم بالغارة التركية حتى بدء أول طائرتين تركيتين في الهجوم، إما أثناء عبور الحدود أو بعد تجاوزها. ونسبت وكالة اسوشييتد برس إلى مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين قولهما إن الجيش التركي لم يبلغ القوات الأميركية بالغارة بالسرعة المتفق عليها بين الطرفين، وهذا يعني أنه كان على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة لضمان خلو المجال الجوي حتى تتم الغارة. وأشار مسؤول في واشنطن إلى أن التصرف التركي أغضب القائد العسكري الاميركي الجنرال ديفيد بترايوس، فيما قال دبلوماسي إن واشنطن احتجت لدى أنقرة. ولم يكن واضحا ما هو الإجراء التركي الهادف إلى إعلام العراق حينما تخطط للدخول إلى أراض عراقية. لكن في حالة ما حدث يوم الأحد الماضي اكتفى القادة العسكريون الأميركيون في بغداد بإخبار الحكومة العراقية عن بدء الطائرات التركية بمهاجمة مواقع حزب العمال الكردستاني. لكن المسؤولين العراقيين احتجوا بقوة على الغارات.

وقد بدأت المدفعية التركية مساء أول من أمس، قصفا مكثفا للقرى الحدودية في منطقة خواكورك التابعة لناحية سيدكان بمحافظة أربيل في إقليم كردستان العراق، في وقت انسحب الجزء الأكبر من القوات التركية التي كانت قد توغلت داخل الأراضي العراقية في وقت سابق من نفس اليوم. وقال مصدر مطلع في المنطقة الحدودية، رفض الكشف عن اسمه، لمراسل وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «المنطقة تعرضت للقصف التركي وبشكل مكثف»، مضيفا أنه «لوحظ وجود عدد قليل من القوات التركية داخل الأراضي العراقية، على الرغم من انسحاب معظم الجنود الأتراك إلى الجانب التركي من المنطقة الحدودية». ولم يكشف المصدر أية معلومات عن الخسائر الناجمة عن القصف، مشيرا إلى تعذر الوصول إلى المناطق التي تعرضت إليه بسبب شدته.

وفي بغداد استبعد المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أمس، قيام القوات التركية بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في إقليم كردستان العراق، لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي. وقال الدباغ لوكالة الصحافة الفرنسية، «نعتقد أن تركيا لن توسع عملياتها، انها عمليات محدودة». وحض الدباغ أنقرة على التخلي عن اللجوء إلى القوة، واعتماد الحوار لحل قضية المتمردين، قائلا «نشجع ذلك لأن القضية لا يمكن أن تحل عسكريا، وأي فعل من هذا القبيل يعتبر تهجما على سيادة العراق».

من جهتها، حرصت الحكومة الاميركية اول من امس، على عدم ابداء معارضة لتوغل عسكري تركي في شمال العراق، رغم انها سعت سابقا الى الحؤول دون ذلك، خشية زعزعة استقرار المنطقة المذكورة الهادئة نسبيا. وفي ما يبدو موافقة على عمليات عسكرية تركية محددة ، شددت ادارة الرئيس جورج بوش على «التهديد» الذي يشكله حزب العمال الكردستاني نية الولايات المتحدة مساعدة تركيا في التصدي له، في موازاة دعوتها حليفها التركي الى تفادي وقوع ضحايا مدنيين. ولم تدل واشنطن بأجوبة واضحة حول مدى المساهمة الاميركية في هجوم الثلاثاء او حول تبادل المعلومات الذي سبقه بين الاتراك والاميركيين. لكن مجرد تأكيد الحكومة الاميركية حصول هذا التوغل يطرح مجددا قضية سيادة العراق، وخصوصا دور جيران هذا البلد في ترسيخ هذه السيادة التي تطالب بها واشنطن على الدوام.

وفيما رفض المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية براين ويتمان، تأكيد دخول القوات التركية للعراق، اشارت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو الى معلومات «متضاربة» مصدرها كردستان العراق. وتداركت «لكنهم يقومون بذلك منذ اعوام. انها عملية جديدة (...) لكنها ليست جديدة من حيث مدتها». وأضافت «طلبنا من تركيا ان تحرص على أن تكون العمليات محددة ومحدودة».