أستاذ جامعي أميركي بات نجم التعليم عبر الإنترنت: دروس الفيزياء يمكن أن تكون مسلية

يتلقى مئات الرسائل من المعجبين بتدريسه المشوق والبسيط

بروفسور الفيزياء الاميركي بات معلم المادة العالمي عبر الانترنت («نيويورك تايمز»)
TT

لأستاذ الفيزياء وولتر لوين، 71 سنة، أتباع في «معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا» من فترة طويلة وهو الآن أصبح المعلم العالمي للانترنت بفضل قاعة الصف العالمية التي أسسها المعهد لنشر المعرفة عبر الانترنت.

ويسجل البروفسور لوين محاضراته في الفيزياء على الفيديو ثم ينشرها على الانترنت مجانا على موقع OpenCourseWare الخاص بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، وكسب عددا كبيرا من الاتباع في داخل وخارج الولايات المتحدة.

ففي رسالة الكترونية وصلت أخيرا من شاب يبلغ من العمر السابعة عشرة ويعيش في الهند نقرأ ما يلي: «من خلال محاضراتك عبر الفيديو تيقنت من ان علم الفيزياء جميل ومدهش وبسيط في آن واحد».

كذلك كتب بائع الزهور ستيف بويغون، 62 سنة، «أنا أسير وربيع جديد يقود خطواتي وأنظر إلى الحياة من خلال عيون الفيزياء الملونة».

وفي محاضراته التي يمكن الوصول إليها عبر الموقع ocw.mit.edu نرى البروفسور لوين يرتدي سروالا قصيرا وحذاء صنادل وخوذة وهو يطلق مدفعا محشوا بكرة غولف على حمار يرتدي سترة واقية من الرصاص لإظهار مسارات الأجسام في حالة السقوط.

كما نراه وهو يقود دراجة بثلاث عجلات مخصصة لإطفاء الحرائق في غرفة التدريس لإظهار كيفية ارتفاع الصاروخ.

وفي الأسبوع الماضي، وضعت جامعة يال أكثر محاضراته شعبية على الانترنت بشكل مجاني. وكان معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا قد وسع في الفترة الأخيرة من صفوفه الدراسية عبر الانترنت عن طريق فتح موقع يستهدف طلبة المدارس الثانوية والمدرسين. ومن خلال ما تم رصده من الرسائل الالكترونية القادمة، اتضح أن البروفسور لوين هو واحد من الأساتذة الذين يحظون بشعبية كبيرة بين هذا الجمهور من المتلقين. وقارنته بعض الرسائل بريتشارد فيمان الحائز جائزة نوبل الذي حول الفيزياء إلى موضوع شعبي من خلال كتبه ومحاضراته وظهوره على شاشة التلفزيون.

ومع شعره الذي يخالطه الشيب ونظارتيه الشبيهتين بصدفتي سلحفاة وتركيزه الشديد، أصبح البروفسور لوين العالم المثالي اللامع. لكنه يبدو في الوقت نفسه منفتح على الآخرين مما يجعل الوصول إليه سهلا.

ويقول لوين وهو يرفع جسده متعلقا بعمود افقي فولاذي: «لدينا هنا أم جميع الرقاصات». النقطة التي يريد أن يشرحها لوين هي أن فترة الرقاص مستقلة من الكتلة. ويقول معلقا: «الفيزياء تشتغل» في حين ينفجر الحاضرون في الحصة ضاحكين.

وكتب معجب آخر من العراق الى البروفسور يقول انه كان يعمل استاذا للفيزياء: «انت الآن قدوتي العلمية. على الرغم من الاحتلال والحرب ضد بلدي الحبيب العراق، جعلتني احب الولايات المتحدة لأنك منها ولأن بها معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا». يستمتع البروفيسور لوين بالإطلاع على رسائل معجبيه وبفكرة نشر حب الفيزياء، ويقول ان التدريس حياته. وقال لوين، وهو اصلا من هولندا، ان تدريس مبادئ الفيزياء لطلاب معهد ماساتشوسيتس جعله يدرك ان «الأمر الأكثر أهمية هو جعل الطلاب يحبون مادة الفيزياء والعلوم. وقال انه قضى 25 ساعة في الإعداد لكل محاضرة جديدة وإيراد التفاصيل والتخلص من كل جملة زائدة مؤكدا ان الوضوح أمر غاية في الأهمية. وجعل المادة محببة للطلاب امر لا يقل أهمية في نظر لوين. ففي محاضرة أخرى حول الرقاصات، وقف لوين وظهره إلى الجدار وهو ممسك بكرة معدنية في نهاية رقاص تحت حنكه. وكان قد شرح لتوه كيفية تحول الطاقة الكامنة إلى طاقة حركية من خلال دفع الكرة المعدنية عبر المنصة لتكسر لوحا من الزجاج كان قد ثبته على الجدار. قال لوين: «اعتقد بقوة في القدرة على الحفاظ على الطاقة إلى درجة انني على استعداد للمخاطرة بحياتي من اجل ذلك. وإذا كنت على خطأ، فإن هذه ستكون آخر محاضراتي».

أغمض لوين عينيه وفك الكرة التي تحركت إلى الأمام والخلف وتوقفت بالقرب من حنكه، وصاح بروفيسور لوين فرحا لنجاح التجربة. وباتت متابعة قوس قزح من اهتمامات بويغون، الذي كان في عطلة في هاواي عندما بدأ يلاحظ وجود قوس قزح خلال فترة ما بعد الظهيرة من الفندق الذي كان ينزل به خلال العطلة. ويقول متسائلا: «لماذا ألوان قوس قزح هي ذات الألوان التي نراها دائما؟».

لدى عودته إلى المنزل قال بويغون انه بحث عن قوس قزح من خلال محرك بحث غوغل وحملت له النتائج وجود محاضرة في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا في القاعة رقم 26 ـ 100، وكان البروفيسور لوين يتحدث أمام بعض مئات من الطلاب، وبدأ حديثه قائلا: «كلكم ينظر إلى قوس قزح. ولكن عدد قليل منكم يراه. النظر يختلف عن الرؤية. اليوم سنرى قوس قزح». ظل لوين في حركة دائمة لمدى 50 دقيقة على المنصة وهو يكتب معادلات على اللوح ويتحدث عن فيزياء قوس قزح الرائعة، كما انه أوضح كيفية ظهور الألوان مختلفة بنفس الترتيب بسبب انكسار الضوء في قطرات الماء، كما انه صنع قوس قزح من خلال عكس ضوء باهر على سطح زجاجي به قطرة ماء واحدة. وقال في نهاية المحاضرة مخاطبا الطلاب ان الأشياء في نظرهم لن تكون كما كانت عليها في السابق، وانهم بعد ان حصلوا على المعرفة في هذه النقطة سيتمكنون من رؤية ما هو أكثر من مجرد مجموعة الألوان التي يراها الآخرون. وكتب بويغون في رسالة ان البروفسور لوين على حق مؤكدا انه تمكن بمساعدته من رؤية قوس قزح على نحو غير حياته إلى الأفضل. وكتب ايضا انه لم يحدث ان تلقى فصلا دراسيا في الفيزياء، وأكد في رسالته إلى البروفسور لوين انه فعل كل ما بوسعه كي يستطيع متابعة محاضراته وقال ايضا انه يعرف اسم نيوتن لكنه لا يعرف شيئا عن الميكانيك التي اخترعها وسمع ايضا بأسماء مثل اينشتاين وغاليليو لكنه لا يعرف دلالة هذه الأسماء. وشكر بويغون في نهاية رسالته البروفسور لوين «من كل قلبه»، على حد تعبيره، على ما اكتسبه من معارف جديدة في الفيزياء.

*خدمة «نيويورك تايمز»