صفير يدعو إلى التزام الدستور.. وحزب الله يرفض انتخاب الرئيس إلا «باتفاق متكامل وضمانات»

عطلة الأعياد لم تغيِّب السجال حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني

TT

لم تخفف عطلة الاعياد ونهاية الاسبوع من حدة السجال السياسي بين الفرقاء اللبنانيين حول الاستحقاق الرئاسي والوضع الحكومي ودور الحكومة القائمة في تظهير الآلية الدستورية التي تمكن مجلس النواب من تعديل المادة 49 من الدستور، ثم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً جديد للجمهورية بعد مرور شهر كامل على خلو منصب الرئاسة بانتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفيما لمح احد وزراء الحكومة الى انها ستجتمع في الساعات المقبلة للبحث في عملية تسريع حصول الاستحقاق الرئاسي، حذر البطريرك الماروني نصر الله صفير من ان الخروج على الدستور يتسبب بالاضطرابات، آملاً التزام النصوص الدستورية والمبادرة الى انتخاب رئيس يتولى تسيير امور الدولة قبل ان يندم اللبنانيون. وفي المقابل، بدت المعارضة ماضية في شروطها المتصلة بتركيبة الحكومة المقبلة قبل الموافقة على اجراءات انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. وقد اكد احد نواب حزب الله ان المعارضة «لن نذهب الى جلسة السبت المقبل، ولن تشارك في الانتخابات الا في اطار اتفاق سياسي متكامل في سلة كاملة وبضمانات واضحة».

جاء موقف البطريرك صفير في عظة القاها امس وقال فيها: «لكل امر في الدنيا قاعدة. ولكل دولة دستورها. والخروج عليه سبب لاضطرابات كثيرة. وهذا ما نراه ونلمسه كل يوم. وانا لنأمل ان نلتزم ما سنه لنا الدستور، فنبادر الى انتخاب رئيس للجمهورية يتولى تسيير امور الدولة مع معاونيه، قبل فوات الاوان، وقبل ان نندم. ولات ساعة مندم» الى ذلك، رأى وزير المال اللبناني جهاد ازعور: «ان المعارضة لم تستطع تغيير المعادلة السياسية. وتعطيل المؤسسات لم يمنع قيام المحكمة الدولية ولم يمنع الحكومة من القيام بواجبها». وشدد على «ان الحكومة ستجتمع في الساعات المقبلة لبحث الموضوع الرئاسي في ظل الفراغ المستمر والنية الواضحة للتعطيل»، موضحاً ان البحث «سيتناول عمل الحكومة لتسريع حصول الاستحقاق».

واشار في حديث اذاعي بث امس، الى ان «السلطة المالية والنقدية استطاعت ان تؤمن درجة كبيرة من الاستقرار المالي، من دون أي تأثير على وضع الليرة». وتحدث عن «أهمية المحافظة على الاستقرار المالي لاستمرار مؤسسات الدولة ولانعكاساتها على حياة المواطنين»، معلنا عن اجتماعات عديدة عقدت برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وفي حضور المعنيين بالوضع الاقتصادي «ضمن اطار سلسلة من الاجراءات اتخذت وستتخذ للمحافظة على الاستقرار». واعتبر «ان الأخبار الايجابية لها انعكاسها الكبير على الأسواق»، لافتا الى «ان المسؤولين الاقتصاديين أصبحوا قادرين على ابعاد الأسواق عن الأخبار السلبية على رغم تضاعف الصعوبات السياسية والأمنية هذه السنة».

من جهة اخرى، اعتبر ازعور ان «اهم دعم دولي حصل عليه لبنان كان في «باريس ـ 3» وان المجتمع الدولي من العام 2007 كان مواكبا بحوالي 4 مليارات دولار على الرغم من الأوضاع». ودعا مجلس النواب الى «الانعقاد لتمرير مجموعة من القوانين في العام 2008 كي لا يتعثر باريس ـ 3».

في المقابل، اكد عضو كتلة نواب حزب الله حسين الحاج حسن ان المعارضة «لن تذهب الى جلسة الاقتراع السبت المقبل. ولن تسهل عملية الاقتراع. ولن تشارك في جلسة الانتخاب الا في اطار اتفاق سياسي واضح ومتكامل في سلة متكاملة وبضمانات واضحة، مع تشديدنا وتأكيدنا الموافقة على خيار قائد الجيش العماد ميشال سليمان كرئيس توافقي. والمشكلة ليست مع العماد سليمان كمرشح توافقي. المشكلة هي مع فريق 14 شباط (آذار) الذي يتبدل بمواقفه السياسية كتبدل مناخات شباط وتبعاً للاملاءات الاميركية».

وأضاف: «المشكلة معهم هي اننا لا نريد ان نجري انتخابات رئاسية ومن ثم نذهب الى تسمية رئيس حكومة او تشكيل حكومة وتبدأ المشكلات هناك بالتراكم ». وتابع: «اقول لرئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة المستجير من الرمضاء بالنار انه لا يمكن ان يستعين باميركا ليستقوي على المعارضة اللبنانية. واقول له: مخطئ من يحاول، وهو الضعيف الذي يستعين بالضعيف ليحاول الانتصار على القوي الذي انتصر على الضعيف. فحكومة الرئيس السنيورة ترى مصلحتها في اغتصاب السلطة والتسلط. وهي تهدد بأنها ستصدر قوانين وقرارات من هذه الحكومة البتراء التي تكتسب شرعيتها من البيت الأسود الاميركي، فهي لن تكتسب هذه الشرعية ما لم تكن من الشعب اللبناني». من جهته، قال النائب حسن فضل الله (حزب الله): «اننا لم نقترب بعد من تذليل العقبات التي تعترض انجاز التفاهم السياسي الذي يسمح بإتمام الاستحقاق الرئاسي المتضمن انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية، لان هناك من لم يقتنع بعد بخيار التوافق ولا يزال يراهن على امكانية الاستئثار بالسلطة والتفرد بالقرار مستندا الى اوهام الدعم الخارجي. وهو لذلك يعود الى التلويح باتخاذ قرارات او اعتماد خيارات تصعيدية تهدف الى كسب الوقت وتأزيم الامور وتوريط البلاد في مشكلات إضافية من دون ان يتمكن اصحاب هذه الخيارات من تعويم او تدعيم سلطة فاقدة الشرعية حتى لو مدها التحريض الأميركي ببعض الاوكسيجين الاصطناعي. ونصيحتنا هنا ان يخرجوا من هذه الاوهام لانها لن تكسبهم شيئا ولن يستطيعوا ترميم ما هو رميم».

ورأى «ان سياسة الهروب الى الامام وكسب وقت ضائع لممارسة صلاحيات او سلطات وهمية لن تساعد في معالجة المشكلة فعناوين الحل باتت معروفة. الرئيس توافقنا عليه. وبقيت عناوين اخرى اهمها الحكومة التي تحتاج الى توافق مسبق وتشكل وفق مبدأ الشراكة كما ورد في مضمون المبادرة الفرنسية. ومنطق الشراكة يفرض ان تكون حكومة وحدة وطنية فيها ضمانات دستورية لكل الافرقاء. وهي ضمانات يجب ان تكون واضحة وملزمة فلا يكون أي تفاهم مبهم وبعناوين عامة. بنود الضمانات والعناوين الاخرى في حوزة النائب العماد ميشال عون المفوض من المعارضة التفاوض مع الفريق الآخر". وشدد على "ان العملية السياسية مترابطة. الرئاسة والحكومة والبنود الاخرى لا يمكن فصلها عن بعضها البعض». وعلى صعيد ذي صلة، قال رئيس «جبهة العمل الاسلامي» الدكتور فتحي يكن (من المعارضة): «حيال التجاذبات السياسية والتدخلات الاميركية السافرة والماكرة الهادفة باصرار الى ابقاء الفراغ الرئاسي لتحقيق القدر الاكبر المستطاع من المصالح الاميركية في لبنان والمنطقة عبر حكومة السنيورة والقوى التي تقف وراءها، وجب الالتفاف على العقدة القائمة والمزمنة بشكل وبآخر. ومن ذلك تخصيص رئيس الجمهورية بعدد من الوزارات بحيث يكون الثلث الضامن في عهدته وبممارسة وتدخل منه عند الحاجة». واشار الى «ان طرح اسم العماد ميشال سليمان جاء بعد ان استعصى الوصول الى رئيس توافقي. وهو بهذه الخلفية يعتبر رئيس حل وانقاذ وليس فقط رئيسا توافقيا. وهو بهذه الخصوصية يجب ان يعطى صلاحيات استنثائية تمكنه من العودة بالبلد ومؤسساته ومواقع قراره الى الحالة الطبيعية الدستورية. وان خطوة استباقية ذكية خير من ابقاء كسر العقدة بالمنشار وافضل من الرهان على طريقة وضع العصي في الدواليب، لان من شأنها تجاوز المداخلات الدولية في الشأن اللبناني والتأسيس لواقع سليم متوازن».

بدوره دعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، السياسيين الى«تسوية الامور وعدم العودة الى الوراء». وقال امس متوجهاً الى السياسيين: «عليكم ان تكونوا قدوة ولا تكونوا نقمة، لان القدوة تجمع، فيما النقمة هي التي تفرق، فلا يجوز ان نبقى على هذا المنوال. ونحن ننتظر يوم السبت. وعلينا ان نحسن الظن بأنفسنا وببعضنا البعض ونعمل لما يصلح بلدنا ويرفع شأنه».