إسرائيل ماضية في توسيع مستوطنات القدس والسلطة ترى في الأمر مقصلة للمفاوضات

المفاوضات تستأنف اليوم وسط خلافات عميقة

TT

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عدم قبول مفاوضات بمرجعيات جديدة أو تنازلات مهما كلف ذلك من ثمن، مشددا على أن «ما حصل في أنابوليس كان نجاحاً بالنسبة لنا».

وأضاف عباس خلال استقباله أعضاء الأقاليم المنتخبين من حركة فتح في مقر الرئاسة بمدينة رام الله «إننا ذهبنا إلى أنابوليس وكان كل من حولنا يعتقد أننا ذاهبون من اجل أن نبيع هذه القضية ونتنازل ولكنهم تيقنوا بعد ذلك بأن القضية في أيد أمينة وأننا لا يمكن أن نفرط بحقوقنا ومبادئنا وما اعطتنا إياه الشرعية الدولية».

وأضاف أبو مازن «ذهبنا وعدنا بقرار إطلاق المفاوضات على أساس الشرعية الدولية والقرارت الأممية وخطة خارطة الطريق والمبادرة العربية»، مؤكدا «إن الوفد الفلسطيني بقي ثابتاً حتى اللحظة الأخيرة وحصل على ما يريد وهو إطلاق المفاوضات».

وحول المفاوضات التي تنطلق اليوم، قال عباس إنها «تواجه عقبات أبرزها قضية الاستيطان التي سنقف عندها طويلاً في كل مناسبة، لأننا لا نستطيع أن نفهم لماذا هذا النشاط الاستيطاني المحموم في الوقت الذي نتحدث فيه عن مفاوضات الحل النهائي».

وستأتي تصريحات عباس في حين تستأنف اليوم في القدس مفاوضات "الدولة الفلسطينية" بين طاقمي المفاوضات، الفلسطيني برئاسة أحمد قريع، والإسرائيلي برئاسة وزيرة الخارجية تسبي ليفني. وقال ياسر عبد ربه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض ان الموضوع الاساسي الذي سيتم بحثه خلال هذه الجلسة هو تجميد الاستيطان.

ويلتقي الوفدان اليوم وسط جو مثقل اصلا بالخلافات التي تتعمق في ظل اصرار اسرائيل على المضي قدما في بناء وحدات سكنية استيطانية في جبل ابو غنيم جنوب القدس ومواقع اخرى. وسيمهد اللقاء لاجتماع اخر محتمل سيجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت خلال يومين. وتشكو السلطة الفلسطينية من المواقف الاسرائيلية المتشددة حيال موضوع الاستيطان، واصرارها على استثناء القدس الشرقية من المناطق المحتلة عام 1967. واعتبر احمد قريع (ابو العلاء) رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض «ان الاستيطان مقصلة نصبت للمفاوضات»، مؤكدا أن «القيادة الفلسطينية تعمل ما في وسعها لانجاح العملية السياسية ومفاوضات الحل النهائي، لانجاز سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة، يقوم بالأساس على جلاء الإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس». وخلال لقائه بكوادر من حركة فتح جدد قريع موقفه القائل بعدم جدوى المفاوضات في ظل الاستيطان وسياسة الأمر الواقع.

وكانت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية كتبت امس ان مسؤولا سياسيا إسرائيليا ضالعا في المفاوضات مع الفلسطينيين حذر مما اعتبره «أزمة توقعات»، قائلا ان «إسرائيل طرحت توقعات بعيدة المنال في الساحة الدولية وهي تطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، إلا أن ذلك لن يتحقق، إذ لا يوجد قوة سياسية، لا لإخلاء البؤر الاستيطانية ولا لتجميد البناء في المستوطنات». وأضاف المسؤول «في اليوم الذي تبدأ فيه المفاوضات حول القضايا الجوهرية ستكون المشكلة أكبر بكثير» وتساءل «ما الذي سيحصل حينما يفتح ملف القدس مثلا»؟ سيكتشفون أن المواقف الإسرائيلية في طابا بعيدة سنوات ضوئية عن المواقف الإسرائيلية اليوم».

وتوقع أحد كبار مستشاري أولمرت لصحيفة «هآرتس» إنه من الممكن أن تزيد الولايات المتحدة من ضغطها على إسرائيل لإخلاء بؤر استيطانية وتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية. لكنه قال ان ذلك «قد يدخلنا في مسار صدام مع الأميركيين ومن غير الواضح ما إذا كنا قادرين على تلبية ذلك في الوضع الحالي». وقالت «هآرتس» إن نائب وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش، قال لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، إن «الولايات المتحدة لا تعرف أي مفاجأة تنتظرها خلف الزاوية ومن الممكن أن تعطل المفاوضات». ويقول مسؤولون أميركيون في جلسات مغلقة إنهم يريدون ضمانات من إسرائيل أن لا تتكرر أحداث كالبناء في مستوطنة هار حوما في جبل أبو غنيم.

وأوضح مسؤولون في مكتب رئيس الحكومة أن المفاوضات لن تتقدم على الأقل حتى زيارة الرئيس الأميركي في التاسع من يناير المقبل. وقالوا " نريد استغلال الزيارة لإعادة تحريك المباحثات". وفي رام الله، أكد نبيل عمرو المستشار الاعلامي للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن «موضوع الاستيطان سيحظى بالأولوية على موائد المفاوضات، وكذلك في علاقاتنا مع الولايات المتحدة ودول العالم التي شاركت في مؤتمر أنابوليس». وأضاف عمرو في مؤتمر صحافي عقده في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، امس، أن «استمرار السياسة الاستيطانية الإسرائيلية هو تقويض مقصود للأجواء الإيجابية التي أنشأها العالم بعد مؤتمري أنابوليس وباريس».

وقبل يوم من استئناف المفاوضات، كشف النقاب عن اعتزام وزارة الإسكان الإسرائيلية بناء 750 وحدة سكنية في مستوطنتي هار حوما ومعاليه أدوميم في القدس الشرقية خلال عام 2008. وخصصت الوزارة ميزانية قدرها 100 مليون شيكل لبناء 500 وحدة سكنية في مستوطنة هار حوما و240 وحدة سكنية في مستوطنة معاليه أدوميم، وكلتاهما بنيتا على أراض تابعة للقدس الشرقية المحتلة عام 1967.

وقال وزير شؤون القدس، رافي إيتان، معقبا على خطط البناء في المستوطنات «لم تقرر الحكومة الإسرائيلية بتاتا تجميد البناء في منطقة أورشليم (القدس)». وتابع «لم نمنح أي تعهد لأي جهة بأننا لن نواصل البناء في هار حوما، لأنها تقع في منطقة نفوذ بلدية القدس. وبأي تسوية مستقبلية ستكون معاليه أدوميم جزءا لا يتجزأ من أورشليم».

وأضاف ايتان «مشكلة الفلسطينيين ليست البناء في هار حوما ومعاليه أدوميم، بل في عدم وجود أجهزة سلطة مستقرة لديهم». وتابع يقول «بحوزة إسرائيل رسالة من الرئيس بوش تحتوي على ضمان بأن التجمعات الاستيطانية الكبيرة ستبقى بيد إسرائيل. كونداليزا رايس تعتقد أن معاليه أدوميم ستؤثر على عملية السلام. أنا أعتقد وبخلاف رايس، أن على إسرائيل أن تتبنى رسالة بوش كما هي». من جهته، اعتبر عضو الوفد المفاوض ياسر عبد ربه «ان اعلان الحكومة الاسرائيلية بأنها ستخصص مبالغ في ميزانيتها للعام القادم لاقامة 750 وحدة استيطانية جديدة في معاليه ادوميم وجبل ابو غنيم، لغما في طريق المفاوضات الثنائية».

وفي السياق، نقلت الاذاعه الاسرائيلية عن مسؤوليين أميركيين وغربيين قالوا ان الولايات المتحدة ستجري تقييما سريا لمعرفة ما اذا كانت اسرائيل والفلسطينيون ينفذون التزاماتهم لاحلال السلام. وستعرض النتائج سرا على الطرفين. واشار المسؤولون الى انه بالرغم من أن ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش قررت الابقاء على عملية التقييم سرية الا أنها تحتفظ بحق الاعلان عن النتائج اذا استدعى الامر. وسيعمل الدبلوماسيون الأميركيون المعتمدون في السفارة الأميركية في تل ابيب وفي القنصلية في القدس على اعداد هذا التقييم الذي سيرفع الى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس او الرئيس بوش.