العراق: تكتل كردي ـ «إسلامي» لتفعيل اتفاقيات حكومة الوحدة الوطنية

بوش يؤكد دعمه للتصدي لـ«العمال الكردستاني».. وطالباني: من حق تركيا الدفاع عن نفسها

الرئيس العراقي جلال طالباني يتوسط نائبه طارق الهاشمي (يمين) ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك في السليمانية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن الرئيس العراقي جلال طالباني عن التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضم الحزبين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامته والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والاسلامي العراقي الذي يتزعمه طارق الهاشمي. وقال طالباني ان الاتفاق يأتي لتعزيز العلاقات بين الأحزاب الثلاثة وتفعيل الاتفاقيات بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. من ناحية ثانية، دان الزعماء الثلاثة القصف التركي لقرى في شمال العراق، فيما قالت مصادر تركية إن الرئيس الاميركي جورج بوش اكد لأنقرة دعم بلاده للتصدي لمقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وجاء الاعلان عن الاتفاق الثلاثي في مؤتمر صحافي عقده الزعماء الثلاثة في منتجع دوكان غرب مدينة السليمانية. وقال طالباني ان من شأن مذكرة التفاهم الموقعة «تعزيز علاقات طويلة الأمد بين الاحزاب الثلاثة وتحقيق ما تم الاتفاق بشأنه سابقا فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية في العراق وتنفيذ المبادئ الواردة في بيان القادة الخمسة والبرنامج الوزاري المعلن عنه قبل تشكيل الحكومة العراقية».

ووصف طالباني المذكرة بـ«الخطوة التوفيقية والتوحيدية الهادفة الى رص الصف الوطني العراقي». وأضاف انها «ليست موجهة ضد اي طرف بل موجهة لخدمة الجميع في العراق الديمقراطي الاتحادي الموحد والمستقل والمزدهر المنشود». وقال طالباني ان الاجتماع الثلاثي تناول جملة من القضايا التي تخص العراق وشعبه، وان آراء الاطراف الثلاثة كانت متطابقة حيال ضرورة معالجة الاوضاع والمشاكل العالقة «بروحية الاتفاقية الموقعة وبروحية التوافقات السابقة». وتابع طالباني: أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه عملت على بلورته الاطراف الثلاثة منذ اكثر من عام وانه لا يعني مطلقا الغاء الاتفاق الرباعي المبرم بين الاتحاد والديمقراطي وحزب الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، بل هو تكملة للتحالفات الكردية السابقة مع الاحزاب العراقية التي قال «اننا ملتزمون بها».

ورفض طالباني الكشف عن مضامين الاتفاقية، وقال انه سيتم الاعلان عنها لاحقا من دون تحديد موعد لذلك.

من جانبه، قال الدكتور طارق الهاشمي إن الطيف السياسي العراقي معرض للتغيير بسبب «الركود السياسي في العراق» وانه يتوقع حدوث تغيرات كثيرة في تركيبة التكتلات القائمة الآن وفي المستقيل القريب. وأضاف ان المذكرة التي تم توقيعها «لا ترقى الى مستوى التكتل السياسي ولا نريد أن نوصل رسالة مغلوطة بحيث يفهم الآخرون أنها موجهة ضدهم». وقال ان الحزب الاسلامي العراقي مفتوح على كل الخيارات التي تخدم المشروع الوطني وتدفع العملية السياسية في العراق نحو الامام، مشددا أنها ليست بديلا للتحالف الرباعي.

وفيما يتعلق بعمليات القصف الجوي التركي على قرى كردستان، قال بارزاني ان تلك العمليات الجوية «حالة غير مقبولة بالمرة» وانه شخصيا يدينها ويستنكرها بشدة لأنها «طالت قرى آمنة ومواطنين قرويين عزل استشهد وجرح عدد منهم». وقال انه بحث الامر مع طالباني وسيبحثه ايضا مع الاطراف المعنية لوقف «الاعتداءات التركية».

من جهته، قال طالباني «اننا نقر بحق تركيا في الدفاع عن نفسها ضد اي هجمات متطرفة تتعرض لها على اراضيها.. ونعتقد أن الحكومة التركية الحالية حكومة ديمقراطية وان العراق يسعى لإقامة افضل العلاقات معها». وأسف طالباني في الوقت ذاته «لبعض الاعمال التي لا تخدم المسيرة الديمقراطية في كل من العراق وتركيا ولا مسيرة العلاقات المشتركة بينهما».

ونفى طالباني وجود اي اتفاق بين بغداد وأنقرة بخصوص عمليات القصف التركي للقرى الكردية العراقية، وأضاف ان وزير الخارجية العراقي استدعى السفير التركي في بغداد وسلمه احتجاجا رسميا من الحكومة العراقية، وأضاف «ومع ذلك فان العراق يسعى باتجاه تهدئة الاوضاع عبر حل المشاكل القائمة بالطرق الودية والسلمية لا الى التصعيد والتوتير».

من ناحية ثانية، وفي رده على سؤال «الشرق الاوسط» بصدد ما تردد عن اعتزام الحكومة العراقية إحياء اتفاقية الجزائر المبرمة بين العراق وإيران عام 1975، قال الرئيس طالباني ان تلك «الاتفاقية ملغية في السابق من قبل قوى المعارضة العراقية التي هي الآن تشكل الحكومة العراقية، وكذلك من قبل الأطراف الاخرى في البلاد لأنها اتفاقية مبرمة بين صدام حسين وشاه ايران، وان العراق يسعى الآن لإقامة علاقات جيدة مع جارته ايران». وأضاف ان العراق سبق وان اعلن عن رفضه لتلك الاتفاقية او التوقيع على بيانات مشتركة مع الجانب الايراني بسبب دعوة المسؤولين الايرانيين تضمين تلك البيانات بعض الفقرات التي تشير الى نصوص اتفاقية الجزائر. الى ذلك، افادت وكالة انباء الاناضول بان الرئيس الاميركي جورج بوش اعرب خلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، عن دعم بلاده لتركيا في مواجهة حزب العمال الكردستاني التركي المحظور، وذلك غداة عملية جديدة للجيش التركي ضد المسلحين الاكراد في شمال العراق.

واضافت الوكالة ان البلدين قررا مواصلة تقاسم المعلومات الاستخباراتية حول المسلحين بحسب آلية تم وضعها اثر لقاء بين بوش واردوغان في البيت الابيض في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أتاح للجيش التركي تنفيذ عمليات عدة عبر الحدود مع العراق خلال الاسابيع الاخيرة.

وخلال الاتصال الذي أجراه رئيس الوزراء التركي، كرر بوش واردوغان وصف حزب العمال الكردستاني بأنه «عدو مشترك». وشدد اردوغان على ان العمليات التركية تستهدف المسلحين دون سواهم.

وقصف الطيران التركي اول من أمس مواقع للمتمردين في اقصى شمال شرقي العراق من دون أن تسفر العملية عن ضحايا أو خسائر، بحسب ما اعلن جبار ياور المتحدث باسم قوات الامن الكردية في العراق (البيشمركة).

من جهته، قال حزب العمال الكردستاني إن الغارات الجوية التركية والتوغل عبر الحدود في ديسمبر (كانون الاول) لم يسفر عن سقوط قتلى أو جرحى.

وقال عبد الرحمن جادرجي المسؤول البارز بحزب العمال الكردستاني لوكالة رويترز، ان الهجمات التركية تسببت في مقتل خمسة مقاتلين من حزب الحياة الحرة لكردستان المناهض لإيران والتابع لحزب العمال الكردستاني.

وقال جادرجي ان مقاتلي حزب الحياة الحرة لكردستان قتلوا في 16 ديسمبر، ولكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل.