الكويت: نائب إسلامي يستجوب وزيرة التربية ونواب يتهمونه بالشخصانية

الخرافي: حل البرلمان حق دستوري مطلق لأمير البلاد ولا يحق لأي كان الحديث عنه

TT

قدم النائب الإسلامي الدكتور سعد الشريع استجوابا أمس بحق وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي، نورية الصبيح، ضمنه أربعة محاور تناولت «تضليل البرلمان، وتجاوزات ومخالفات إدارية وقانونية، وقيام الوزيرة بتصفية حساباتها مع قيادات الوزارة والهيئات التابعة لها، والاعتداء على ثوابت وقيم المجتمع».

ويأتي الاستجواب بعيد تعرض وزارة التربية لانتقادات شديدة، إثر تقديمها معلومات متضاربة حول حادثة تعرض أطفال لاعتداء جنسي في إحدى المدارس التابعة لها مطلع الشهر الجاري.

وكانت وزيرة التربية قد نفت وقوع الحادثة بداية، بناء على معلومات مغلوطة قدمها لها قياديون في الوزارة، إلا أنها سرعان ما اعتذرت ورجعت عن بيانها الأول، مؤكدة وقوع الحادثة وإحالتها القياديين المعنيين إلى التحقيق.

ومن جانبه أكد النائب الشريع أن هدفه من استجواب الوزيرة الصبيح «إصلاح الوضع التعليمي في البلاد، ونحن لن نستهدف شخصها أو تأزيم العلاقة مع الحكومة، لكن الوضع التعليمي بلغ حدا لا يمكن السكوت عنه».

وفيما خلا بيان مجلس الوزراء الأسبوعي من أي إشارة إلى تسلمه ملف الاستجواب أو موقفه من المادة التي تضمنها، أعلن رئيس البرلمان جاسم الخرافي عن تحديد جلسة الثامن من يناير (كانون الاول) المقبل موعدا لمناقشة الاستجواب.

وبيّن الخرافي أنه أبلغ رئيس مجلس الوزراء والوزيرة المعنية بطلب الاستجواب المقدم بحقها، مشددا على أن «الاستجواب حق دستوري لعضو مجلس الأمة».

وحول ما يتردد عن وجود نية لحل البرلمان، بعد تزايد الاستجوابات النيابية في الآونة الأخيرة، أوضح أن «حل مجلس الأمة (البرلمان) حق دستوري مطلق لأمير البلاد، ولا يحق لأي كان الحديث عن حل مجلس الأمة، فهو بأيد أمينة ومصلحة الكويت ستكون هي المقياس لدى سموه».

وتمنى الخرافي من النواب أن «يكونوا على قدر المسؤولية وألا يخرجوا عن أدب الحوار، وأن يحرصوا على التوصل إلى النتيجة المرجوة من الاستجواب بما يصب في صالح تطوير العملية التعليمية للبلاد»، كما طالب بعدم الحديث عن طرح الثقة عن الوزيرة الصبيح "قبل الاستماع الكامل لما يدور من نقاش في جلسة الاستجواب، فربما لن نصل إلى هذه المرحلة».

وفي أول رد فعل على تقديم طلب استجواب وزيرة التربية أكد عضو كتلة العمل الوطني، النائب محمد الصقر، أن «استجواب الوزيرة الصبيح خرج عن طبيعة العمل البرلماني والسياسي، وأن الوزيرة لم يمض على توليها حقيبة التربية سوى ستة أشهر، ولا يمكن مساءلتها عن اهتراء البنية التحتية للمؤسسة التعليمية».

وكشف الصقر بحسب تصريح له نشرته جريدة «الجريدة» أمس عن أن «المشهد السياسي الحالي وما ستشهده البلاد في الأيام القليلة المقبلة مدبر، وأبعد من محاسبة وزيرة، وستكون له انعكاسات سلبية كبيرة على البلاد والحياة الديمقراطية» في إشارة إلى رواج معلومات حول نية لحل البرلمان بداعي زيادة الاستجوابات المقدمة ضد الوزراء.

ورأى عضو كتلة العمل الوطني، النائب فيصل الشايع، وجود «شخصانية في الاستجواب، فالوزيرة الصبيح اتخذت قرارات وزارية وإدارية إصلاحية في وزارة التربية، منها محاسبة مسؤولين مقصرين وإحالة آخرين للتحقيق، وما الحملة الشرسة التي تتعرض لها إلا نتيجة لهذه القرارات».

ورفض أمين سر مجلس الأمة، النائب الإسلامي خلف دميثير، الاستجواب المقدم لوزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح، ونقل عنه اعتزامه الوقوف إلى جانب الوزيرة كمؤيد لها في الاستجواب، مع تقديره لأداة الاستجواب كونها حقا دستوريا.

ومن جانبه أعلن النائب المنتمي لكتلة الإخوان المسلمين بالبرلمان، دعيج الشمري، عن إرجاء كتلته البت في موقفها من الاستجواب المقدم بحق وزيرة التربية لحين الانتهاء من مناقشته. كما اتخذ النائب السلفي، وليد الطبطبائي، ذات الموقف، إلا أنه خشي من أن «يستقل الاستجواب باتهام المجلس بالتعسف باستخدام أداته الدستورية، وهذا غير صحيح، فالمجلس لا يتعسف لكن الحكومة هشة وضعيفة، كما أننا بلغنا مرحلة بات فيها الاستجواب يحرج الجميع لعدم قدرة الحكومة على مواجهة المجلس».

ويعد الاستجواب المقدم أمس السابع في عمر مجلس الأمة (البرلمان) الحالي والتي بدأت في يوليو (تموز) قبل الماضي، والثاني بحق وزيرة امرأة إذ سبقه استجواب قدمه النائبان الإسلاميان فيصل المسلم ووليد الطبطبائي في أغسطس (اب) الماضي بحق وزيرة الصحة السابقة معصومة المبارك على خلفية حريق شب في أحد المستشفيات التابعة للوزارة، وأدى إلى تقديمها الاستقالة قبل مناقشته في البرلمان.

وتعتبر الصبيح الوزير رقم 19 الذي يتولى حقيبة التربية والتعليم العالي منذ عام 1962، وسبق لها أن تدرجت في المناصب التربوية منذ أن التحقت بسلك التعليم عام 1976 كمعلمة، حتى وصلت إلى منصب وكيل وزارة التربية المساعد لشؤون التعليم العام 2000، لتتولى في مارس (اذار) الماضي حقيبة التربية والتعليم التي أمضت فيها 275 يوما حتى تقديم الاستجواب لها أمس.

يذكر أن الاستجواب المقدم أخيرا بحق وزيرة التربية هو الرابع، إذ سبقته ثلاثة استجوابات قدمت بحق الدكتور حسن الإبراهيم عام 1986 وتبعه الدكتور أحمد الربعي عام 1995 ثم الدكتور مساعد الهارون عام 2002.

وبموجب الدستور الذي تعمل البلاد بمقتضاه منذ عام 1962 يعد الاستجواب إحدى أدوات الرقابة المكفولة للسلطة التشريعية في مواجهة أعمال السلطة التنفيذية، ومن حق أي نائب أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، كما يجوز أن يفضي الاستجواب إلى طرح الثقة عن الوزير المستجوب، متى ما قدم طلب بهذا الشأن من عشرة نواب على الأقل، ووافق عليه أكثر من نصف الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، فيما عدا الوزراء.

وعودة إلى صحيفة الاستجواب، حمل النائب سعد الشريع على وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نورية الصبيح عدم احترامها لمؤسسة مجلس الأمة، من خلال تحاملها على النواب من جانب، وعدم التزامها بالموعد الدستوري للإجابة على أسئلتهم، إضافة إلى تقديمها معلومات مضللة حول عدد من الوقائع التي شهدتها الوزارة في عهدها.

واتهم النائب الشريع الوزيرة بـ«تعيين مزورين وعديمي كفاءة في وظائف داخل قطاع التربية والتعليم مستفيدة من صلاحياتها في الترقية والتعيين والعزل، إضافة إلى إصدارها قوانين عشوائية، ومخالفتها للوائح أصدرها مجلس الوزراء تتعلق بضوابط الاستعانة بخدمات المتقاعدين».

واستند النائب في صحيفة الاستجواب إلى تقرير أصدره البنك الدولي يشير إلى «هبوط كارثي في معدلات استيعاب تلاميذ دولة الكويت»، محملا الوزيرة سبب التراجع بداعي «تفرغها لتصفية الحسابات مع قيادات الوزارة والروابط التعليمية والجامعة».

وجاء في المحور الرابع من صحيفة الاستجواب أن هناك «طفرة شهدتها وزارة التربية عكست انفلاتا أخلاقيا، تمثل بإقامة حفلات طلابية وعدم تنفيذ قانون منع الاختلاط في الجامعات والمدارس الخاصة، وبيع كتب جنسية في معرض كتاب لطلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، وأخيرا حادثة تحرش جنسي بطلبة إحدى المدارس الابتدائية، وكانت تبريرات الوزيرة لتلك القضايا أخطاء سياسية متتالية».