البصرة: متجاوزون على ممتلكات عامة يشكلون منظمة مجتمع مدني.. ويهددون باستخدام العنف

5 أعوام منذ سقوط النظام السابق ومبان حكومية ما زالت مستباحة من قبل «الحواسم»

TT

تحولت منذ ما يقارب الخمسة أعوام أجمل الأبنية الحكومية في محافظة البصرة إلى أماكن رثة، بعد أن استباحها من يطلق عليهم بـ«الحواسم» خلال أيام الفوضى التي اجتاحت المدينة، بعد سقوط النظام السابق وباتت صالات وغرف ديوان المحافظة ورئاسة الجامعة ودور الضيافة والأمن والطرق والمحكمة القديمة واتحاد الأدباء ومتحف التاريخ الطبيعي والمراكز الثقافية والنوادي الاجتماعية ونقابات الصحافيين والفنانين ومراكز الشباب وغيرها، أماكن للسكن تتداولها مكاتب الدلالية في البيع والإيجار.

ولم يكتف «الحواسم» بهذه الأبنية، بل تطاولوا على مساحات من الأراضي العائدة للدولة وشيدوا بيوتا مهلهلة وسط الحدائق العامة وملاعب كرة القدم والمناطق الخضراء والمساحات المخطط لها أن تكون أبنية مدرسية ومراكز صحية وأسواقا، كما شيدوا بيوتا صغيرة وغير نظامية مصطحبين معهم قطعان حيواناتهم على حافات شط العرب والأنهر المتفرعة منه، التي تخترق المركز الحضري للمدينة.

وبات «الحواسم» مصدر قلق لاهالي المدينة، بعد إن تجاوزوا على حرمات وأثاث الطرق والشوارع العامة وشبكات الكهرباء والماء الصافي والمجاري، وبعد تفشي ظواهر سرقة الأموال الخاصة والعامة. ومن المفارقات أن «الحواسم» شكلوا منظمة لهم كواحدة من منظمات المجتمع المدني، التي تدافع عن حقوقهم، باعتبارهم من ضحايا النظام السابق وبدأوا يهددون باستخدام العنف ضد من يدعو إلى إخلاء واحد من هذه الأماكن. وفي الوقت الذي تثير مظاهرهم الأسى والحزن بين سكان المحافظة كون معظمهم يعيش في بيوت سقوفها من الصفيح، لا يقي أطفالهم الحر أو البرد، وخالية من المرافق الخدمية التي يجب ان تتوفر لكل انسان، يشاهد المارة عند المساء عودة أصحاب هذه البيوت بسيارات حديثة ومعدات إنتاجية ثقيلة أو بقطعان طويلة من الماشية. وتساءل اللواء الركن عبد الجليل خلف قائد شرطة المحافظة بسخرية «من أين جاء هؤلاء بعد سقوط النظام السابق؟ هل جاءوا من المريخ؟». وقال لـ«الشرق الأوسط» انه بعد تسلم السلطات المحلية الملف الأمني بالمحافظة، وجهت قيادة الشرطة عددا من الإنذارات لساكني الدوائر الحكومية، بوجوب إخلائها خلال مدة قصيرة والعودة إلى الأماكن التي كانوا يقطنونها أو أماكن مشروعة أخرى، من دون الاستجابة لمطالبهم بالتعويضات، إذ لا قانون في كل دول العالم يصرف تعويضا على المتجاوز بشكل غير شرعي على أملاك الغير».

وأضاف خلف «أن الأجهزة الأمنية جادة بتحقيق الأمن والاستقرار في المحافظة، وان السكن العشوائي وغير الشرعي من المشاكل الأساسية التي تواجهنا، إذ تعتبر البصرة من اكبر المحافظات التي تغيرت ملامحها الجميلة، من خلال تجاوز الغير وبناء أشباه بيوت في أماكن مهمة وسط المدينة». وأوضح «إننا نعمل بالتعاون مع الدوائر الحكومية الأخرى لإعداد جرد أمني بتلك العوائل ومعرفة أماكن سكنها السابقة، وان كانت قادمة من محافظات أخرى بغية التوصل إلى العناصر المجبولة على ممارسة الجريمة وأعمال العنف»، مشيدا بالتعاون المثمر بين أهالي المحافظة وقيادة الشرطة في توصيل المعلومات الأمنية، التي تشكل خطرا على الدولة والمجتمع، ومؤكدا على تشغيل أجهزة اتصالات حديثة سيتم تشغيلها قريبا لتطوير هذا التعاون.

وردا على آراء تداولها البعض بان معالجة سكن هذه العوائل يقع ضمن مسؤولية الدولة، وكان حريا بها منحهم قطع اراض سكنية وقروضا عقارية مناسبة، يتمكنون من خلالها تحقيق السكن المناسب، قال مصدر في املاك البلدية: «ان التعليمات المركزية تقضي بمنح قطع الاراضي إلى فئات معينة، ووفق ضوابط محددة، من بينها عوائل الشهداء والمفقودون والمهجرون والموظفون».

وقال صحافي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، ان العائلة التي استولت على مبنى مقر نقابة الصحافيين «هي من العوائل الميسورة وان رب العائلة رجل أعمال معروف يعمل في دولة الامارات، وان عائلته ترفض اخلاء المبنى وتهدد كل من يطالب بذلك..».