موريتانيا: تعزيزات أمنية بعد مقتل 3 جنود وأصابع الاتهام تشير إلى «القاعدة»

الجناة ربما فروا إلى «مثلث الصحراء» وتعيينات جديدة على رأس الجيش

TT

تعيش مدن الشمال الموريتاني حالة استنفار أمني قصوى منذ الليلة قبل الماضية بعد الهجوم الذي نفذه مسلحون مجهولون على وحدة الجيش بمنطقة الغلاوية على الحدود مع الجزائر، والذي راح ضحيته 3 جنود. وعززت السلطات إجراءاتها الأمنية، فيما نزلت ألوية عسكرية من ولاية تير الزمور في أقصى الشمال، وحامية لمغيطى العسكرية، محملة بالعتاد والطائرات إلى المكان الذي وقع فيه الهجوم بهدف البحث عن الجناة الذين يعتقد أنهم فروا إلى ما يعرف باسم «مثلث الصحراء» الواقع على الحدود مع الجزائر ومالي وموريتانيا، وهي منطقة خارجة عن حماية هذه الدول وتنشط فيها الجماعات المتطرفة واللصوص.

وكان مسلحون مجهولون أطلقوا النار مساء أول من أمس على سيارة تابعة لوحدة الجيش في الغلاوية أثناء مطاردتها لهم بهدف توقيفهم وإخضاعهم للتفتيش مما أدى إلى مقتل الجنود الاربعة الذين كانوا بداخلها.

وذكرت مصادر مطلعة أن السيارة التي تقل عناصر الجيش كانت تقوم بدوريات في منطقة الغلاوية الواقعة على بعد 800 كيلومتر من العاصمة نواكشوط، بينما اعترضتها سيارة مدنية يستقلها شبان يعتقد أنهم من التيار السلفي الناشط في المنطقة، وتبادل الطرفان إطلاق النار، مما أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى في صفوف الجيش فيما لم تتحدث المصادر عن إصابات في الطرف الآخر.

وتزامناً مع الهجوم، قام الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله بتعيينات جديدة على رأس الجيش ابرزها تعيين رئيس جديد ومساعده لهيئة الاركان، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أمس. وقالت الوكالة إن العقيد فيليكس نغري الذي كان نائبا لرئيس الاركان عين رئيسا للاركان خلفا للعقيد محمد ولد محمد صالح الذي بلغ سن التقاعد. اما منصب نائب رئيس الاركان فعهد به الى العقيد اعل ولد محد الفال، وهو غير الرئيس الانتقالي السابق (2005-2007) الذي يحمل الاسم نفسه.

ورجحت مصادر عسكرية أن تكون عناصر تنتمي للحركة السلفية الجهادية هي من يقف وراء الهجوم على وحدة الجيش دون أن تحدد ما إذا كان من بين منفذيه موريتانيون.

ويأتي هذا الهجوم بعد أيام قليلة على سقوط ضحايا فرنسيين على أيدي مجهولين يشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة، الذي دعا قادته منذ وقت الى توسيع عملياتهم في دول المغرب العربي. وربط مراقبون تقارب العمليتين زمنياً بمحاولة الجهات المسؤولة عن الحادثتين استهداف مصالح فرنسية في موريتانيا، خصوصا أن المنطقة التي وقعت فيها هذه الحادثة توجد فيها شركة توتال الفرنسية، التي تقوم حاليا بالتنقيب عن البترول في الشمال الموريتاني.

يشار إلى أن الوحدة العسكرية التي قتل بعض عناصرها أول من أمس أنشئت أخيرا بهدف حماية المنطقة من عمليات إرهابية محتملة في ظل التهديد المتزايد من قبل الجماعات السلفية الناشطة في الصحراء، إلا أن الدور الأهم لهذه الوحدة، حسب المراقبين، هو السهر على أمن الشركات الأجنبية التي تقوم بعمليات التنقيب عن النفط.

وتعيد هذه الحادثة للأذهان الهجوم الذي شنته «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» على حامية لمغيطي العسكرية (شمال) قبل سنتين، والذي راح ضحيته 15 جندياً موريتانياً، حسب الإحصاءات الرسمية. واعتبرت السلطات الموريتانية آنذاك أن عناصر سلفية موريتانية شاركت فيه.

وشنت أجهزة الأمن الموريتاني في نفس السنة حملة اعتقالات واسعة في صفوف شباب يعتنقون الفكر السلفي، وتمت محاكمتهم من طرف المحكمة الجنائية في نواكشوط، وبرأتهم نهاية يوليو (تموز) الماضي، ليعود أحد أشهر قيادييهم، هو المصطفى ولد عبد القادر الملقب «أبو سعيد»، إلى دائرة الاتهام مجددا بعد حادثة مقتل الفرنسيين مطلع الأسبوع الجاري في مدينة آلاك الواقعة على بعد 250 كيلومترا من نواكشوط.

وتنشط الحركات الإسلامية في موريتانيا منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي وتنقسم إلى تيارات ضمنها السلفية التكفيرية، التي تدعو لإقامة الخلافة وتتبنى العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، وتتخذ من المساجد منبرا لنشر فكرها. أما أكثر هذه الحركات اعتدالا فهم «الإخوان المسلمون»، الذين يتبنون نهجاً وسطياً مكنهم من دخول الحقل السياسي بحصولهم على تمثيل معتبر في البرلمان الجديد وتأسيس حزب اطلقوا عليه اسم «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية». وبين التطرف والاعتدال يبرز تيار آخر هو «حركة الدعوة والتبليغ»، التي تتبنى نهج الوعظ والإرشاد، وتتجنب الخوض في الأمور السياسية.