محكمة سلا تبرئ مغربياً من الإرهاب وتحكم على آخرين بالسجن

القضاء المغربي يواصل مناقشة ملف خلية «أنصار المهدي»

حسن الخطاب زعيم خلية «أنصار المهدي» المكونة من 51 متهماً بالارهاب، لدى وصوله أمس الى محكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

بينما واصلت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمدينة سلا المجاورة للرباط، مساء أمس، مناقشة ملف خلية «أنصار المهدي»، المتهمة بالتحضير لعمليات إرهابية بالمغرب، والتي تتكون من 51 متهما، والاستماع الى آخر مرافعات هيئة الدفاع، برأت المحكمة ذاتها، مساء أول من أمس، المغربي بوشعيب كوثري من تهمة تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، في إطار مشروع فردي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام، وجمع وتدبير أموال بغية استخدامها في تمويل أعمال إرهابية، والانتماء الى جماعة دينية محظورة، وعقد اجتماعات عمومية بدون ترخيص قانوني مسبق.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن كوثري، 36 عاما، كان يتاجر في السيارات المستعملة، وتعامل أيضاً مع تجار السيارات المسروقة، وتجار المخدرات، بعد أن طرد من شركة صناعية، كان يعمل بها كعامل مداوم. والتمس الادعاء العام من هيئة المحكمة إدانة كوثري بالتهم المنسوبة اليه، ومؤاخدته، بجمع أموال متحصل عليها من تجارة الممنوعات، لدعم الجماعات الارهابية، وتجنيد أشخاص للتوجه الى العراق لقتال القوات الاميركية.

وأكد الادعاء العام ان كوثري كانت له علاقة بالمجموعة الارهابية للساحل والصحراء، التي يرأسها التونسي، محمد عبد الهادي مساهل، المدان بالسجن مدة 15 عاما من قبل المحكمة المغربية المختصة في الارهاب.

ومن جهته، التمس دفاع المتهم من هيئة المحكمة الحكم ببراءة موكله لغياب أدلة إثبات في حقه، مشيراً إلى أن مساهل، ومواطناً مغربياً آخر يسمى أمين غيور، صرحا أثناء مواجهتهما مع المتهم كوثري أمام قاضي التحقيق، أنه بريء ولا علاقة له بأي تنظيم إرهابي، ولم يسبق له أن مول أي جماعة دينية محظورة، من خلال الاموال المتحصل عليها من بيع المخدرات والسيارات المسروقة، أو ساهم في تهجير متطوعين مغاربة الى العراق.

وقالت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن كوثري هاجر الى إيطاليا عام 1998، لكنه عاد الى المغرب في بداية العام الجاري، بطريقة سرية، ودون أوراق تثبت هويته، وحينما بدأ في إعداد وثائق إدارية بالمصالح المختصة بمدينة الدار البيضاء، اعتقلته الشرطة المغربية، نظرا لانه كان مبحوثا عنه في قضايا مختلفة. وأكد دفاع كوثري أن العلاقة الوحيدة التي ربطت بين موكله ومساهل، تكمن في قيام مساهل بدور المترجم من العربية إلى الإيطالية، والعكس، أثناء محاكمة كوثري في ملف متعلق بالمخدرات بإحدى محاكم إيطاليا.

وفي السياق نفسه، قضت المحكمة ذاتها بإدانة المغربي جواد طرميل، 22 عاما، المرحل من الجزائر، بالأفعال الإرهابية المنسوبة اليه، والحكم عليه بالسجن مدة عامين. وكان طرميل قد اعتقل في الجزائر خلال العام الجاري من قبل أجهزة الأمن للاشتباه في انتمائه الى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي»، وسلم الى المغرب، لوجود اتفاق بين البلدين بشأن ملاحقة المشتبه في تورطهم في التحضير لعمليات إرهابية.

والتمس الادعاء العام من هيئة المحكمة مؤاخذة المتهم بالمنسوب اليه من الجرائم، وهي تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، في إطار مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام، والانتماء الى جماعة دينية محظورة، وعقد اجتماعات بدون ترخيص مسبق من قبل السلطات، موضحا ان طرميل متشبع بالفكر السلفي الجهادي المتطرف، وكان يعتزم الالتحاق بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» من أجل تلقي تدريبات شبه عسكرية، قصد الالتحاق بالمسلحين في العراق وقتال القوات المتعددة الجنسيات.

والتمس الدفاع من هيئة المحكمة الحكم ببراءة موكله لعدم كفاية الأدلة وحجج الإدانة، مؤكدا ان المتابعة القضائية في حق موكله لا يمكن أن تتم إلا من خلال وقائع إجرامية ثابتة، وليس عبر قراءة النوايا والأفكار، خاصة أنه نفى أن يكون لديه مشروع تخريبي إرهابي ضد المغرب، أو بصدد إعداد عمل إرهابي ما. ومن جهة أخرى، دانت نفس المحكمة سبعة متهمين بالسجن مدة 4 سنوات، بعد ثبوت المنسوب اليهم، وهي تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام، وعقد اجتماعات عمومية بدون ترخيص قانوني مسبق، والانتماء الى جماعة دينية محظورة.

والتمس الادعاء العام من هيئة المحكمة إدانة المتهمين السبعة بالمنسوب اليهم والحكم عليهم بعقوبة سجنية نافذة، كونهم متشبعين بالفكر السلفي الجهادي، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من الالتحاق بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».

ويتعلق الأمر بإدريس سامي، الذي كان مقيما في بلجيكا، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة عام، بتهمة الاتجار في المخدرات، وأمين عطار ويوسف بوهراني، وعبد الحفيظ حناش، وعبد العزيز عاني، إضافة الى شخصين كانا يدرسان بسورية، وكانا يودان الالتحاق بالعراق، وهما محمد البوسعيدي، وأسامة الحمداني.

ونفى المتهمون أمام هيئة المحكمة كل التهم التي نسبت اليهم، والتمس دفاعهم الحكم ببراءتهم لعدم وجود دليل واحد يدينهم، مؤكداً أن هؤلاء لا علاقة لهم بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي».

وقضت المحكمة في ملفات أخرى على متهمين بالارهاب، قيل إنهم كانت لهم علاقة بتفجيرات 16 مايو (ايار) 2003 بمدينة الدار البيضاء، وحكمت عليهم بأداء غرامة قدرها 5 آلاف درهم (الدولار يساوي 8.20 درهم)، ويتعلق الامر بمحمد الطاوسي، وحسن الوعد، وإبراهيم بياض، ولحسن أمسعادي، وبوعزة حنون، حيث اسقطت عنهم تهمة تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية والمشاركة في تحضير مشروع إرهابي يهدف المس الخطير بالنظام.

وكان المدعي العام قد التمس من هيئة المحكمة إدانة المتهمين بالمنسوب اليهم، والحكم عليهم بعقوبة سجنية، فيما التمس الدفاع الحكم ببراءتهم، كونهم لم يكونوا من المبحوث عنهم عقب أحداث 16 مايو 2003، بدليل انهم لم يغيروا مقار سكناهم، وبينهم من لم يغير مقر محله التجاري، مضيفاً أن موكليهم لو كانت لهم علاقة بما جرى عام 2003، لكانوا فروا خارج التراب المغربي، خاصة أن الاعتقال طالهم في مايو العام الجاري.

وفي ملف آخر دانت المحكمة سبعة متهمين بالارهاب، وتراوحت الاحكام الصادرة في حقهم بين السجن مدة عام وعامين، حيث قضت بسجن اثنين مدة عامين، وبسجن خمسة مدة عام واحد.

في غضون ذلك، ذكرت قناة «العربية» التلفزيونية، أمس، أن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي» أعلن مسؤوليته عن نحو 15 هجوماً أسفرت عن مقتل أربعة جنود موريتانيين على الاقل. وبثت القناة تسجيلا صوتيا لمتحدث يقول ان الجماعة نفذت الهجمات.