باريس تبحث عن «أفكار جديدة» لكسر الدوران في حلقة مفرغة في لبنان

الانتخابات الرئاسية على جدول مباحثات مبارك ـ ساركوزي غدا

TT

ينتقل الملف اللبناني الى القاهرة غدا، في إطار اجتماع القمة الذي سيضم الرئيسين المصري والفرنسي، على خلفية استمرار الأزمة السياسية في لبنان، وصعوية التوفيق بين الأكثرية والمعارضة، لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.

ولم تفقد باريس الأمل، وفق ما تقوله مصادرها، من إمكانية الوصول الى صيغة توفيقية تسهل تحقيق هذا الهدف، رغم سقوط آخر مبادرة فرنسية لجمع الأكثرية والمعارضة في باريس. وتأتي قمة القاهرة بعد التأجيل الحادي عشر لجلسة البرلمان اللبناني، وبعد انتهاء أجل الدورة العادية للبرلمان اللبناني. وتشكل القمة الفرنسية ـ المصرية، وفق ما قالته مصادر فرنسية دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، مناسبة مزدوجة لساركوزي ومبارك، من أجل «تقويم التحركات» التي جرت حتى الآن، وفشلت كلها في تأمين إجراء الانتخابات الرئاسية من جهة، و«للبحث عن مبادرة جديدة» من شأنها كسر الحلقة المفرغة التي تدور ضمنها الاتصالات والمشاورات والمواقف. وأفادت المصادر الفرنسية بأن باريس «ما زالت تعمل على خطين: اقليمي ـ دولي من جهة، ومحلي داخلي من جهة أخرى». ورغم ما قيل سابقا، تبدو باريس عازمة على الاستمرار في اتصالاتها مع الجانب السوري الذي تقول عنه إنه «قادر إذا ما أراد» على الضغط على حلفائه في المعارضة لحملهم على تليين موقفهم وتسهيل انتخاب الرئيس الجديد، بعيدا عن الشروط «التعجيزية» حول توزيع الحصص في الحكومة الجديدة والتعيينات في المناصب الأمنية والحساسة، التي يهتم بها حزب الله بالدرجة الأولى. ولكن بموازاة ذلك، تعتبر باريس ان لإيران «تأثيرا» على مجريات الوضع اللبناني. ومن المنتظر أن يطلع الرئيس مبارك على نتائج المباحثات التي أجراها علي لاريجاني في القاهرة أخيرا، والتي ركزت في أحد جوانبها على الملف اللبناني.

وتوقفت المصادر الفرنسية عند أمرين: الأول، إشارة مصدر في حزب الله، قبل ثلاثة أيام، الى «قلة فائدة» ما تطلبه باريس من دمشق لجهة الضغط على المعارضة للتخلي عن شروطها، باعتبار أن دمشق «لن تعمل ضد مصلحة المعارضة». أما الأمر الثاني فهو قول نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ان باريس تعد لمبادرة جديدة لإخراج الوضع في لبنان من عنق الزجاجة. وتتوقع المصادر الفرنسية أن يوجه الرئيسان المصري والفرنسي دعوة للرئيس السوري للمساعدة على حلحلة الوضع في لبنان، في الوقت الذي تشكك فيه المصادر الأميركية بـ«جدوى» الانفتاح على دمشق. وكان الرئيس الأميركي قد قال قبل أيام إنه «فقد صبره» إزاء الرئيس السوري، فيما قال ساركوزي الأسبوع الماضي إنه «ينتظر (منه) أفعالا وليس أقوالا».

وتتوقع المصادر المشار اليها أن تعمد باريس الى إعادة تقويم سياستها اللبنانية ـ السورية، إذا لم تتوصل الى نتيجة إيجابية في الأيام والأسابيع المقبلة. وتشير هذه المصادر الى أن سياسة فرنسا الجديدة، لم تكسبها المعارضة فيما هي على وشك خسارة الأكثرية التي اصبحت حذرة إزاء ما يصدر عن هذه السياسة. وتنفي باريس بشدة انحيازها الى هذا الجانب أو ذاك. وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن بند تشكيل حكومة جديدة تأخذ بعين الاعتبار «ميزان القوى السياسي» ليس اقتراحا فرنسيا، بقدر ما هو أحد الخلاصات التي توصل اليها اجتماع «لا سيل سان كلو» حول لبنان في يوليو (تموز) الماضي. وتبحث باريس، وفق ما تقوله مصادر دبلوماسية، عن «أفكار جديدة تحاشيا لإدامة الفراغ الدستوري» ودرءا لأية مخاطر يفضي اليها التصعيد الكلامي والسياسي بين الأطراف الداخلية. وتستمر باريس في الحديث عن ثوابتها في لبنان (الاستقلال والسيادة والاستفرار...) وعن دعمها المستمر للحكومة القائمة، التي تؤكد وبعكس المعارضة على شرعيتها، خصوصا استمرار حرصها على مواكبة الوضع اللبناني. وتحرص باريس على تحاشي التصعيد من أية جهة جاء، من أجل إبقاء الوضع تحت السيطرة. وإذا كانت باريس قد فقدت الأمل بانتخابات سريعة، فإن مصادرها تعول على استحقاق القمة العربية المقررة في دمشق في مارس (آذار) المقبل. وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن دمشق «لا يمكنها أن تغامر بنسف القمة إذا ما أبدت دول عربية رئيسية استعدادا لمقاطعتها، في حال بقيت الأزمة اللبنانية مفتوحة، ولم يتحقق أي تقارب بين دمشق والمملكة السعودية على وجه الخصوص».