العالم في2007: سباق سنوات السوء في لبنان امتد إلى 2007

مزيد من الاغتيالات والانقسامات.. وفراغ رئاسي

TT

مرة جديدة يودع لبنان عاماً جديداً غير آسفٍ على رحيله، اذ يبدو أخيرا ان السنوات التي تمر على لبنان تتسابق في نسبة السوء حتى باتت الأمنية المشتركة لدى اللبنانيين «عاما أقل سوءاً» بدلا من جملة «عام سعيد».

خرج لبنان من عام 2006 وهو ينفض غبار حرب ضروس بين «حزب الله» واسرائيل، فيما كانت غيوم الحرب الاهلية تتجمع في أجوائه بسبب الصدامات بين انصار المعارضة والاكثرية. وشهد لبنان عام 2007 المزيد من الاغتيالات والانقسامات والشلل في المؤسسات السياسية والحكومية بفعل صراع سياسي كاد يتطور اكثر من مرة الى مواجهات عنيفة بين ابنائه. كما شهد الكثير من الاحداث التي لا يمكن ان تحصل.. إلا في لبنان.

وفي ما يأتي سرد لأبرز الاحداث التي شهدها لبنان عام 2007:

* يناير(كانون الثاني): شبح الحرب الأهلية كانت المعارضة تصعِّد مواقفها ضد الحكومة وتسعى لإسقاطها قبل انعقاد مؤتمر «باريس3» الذي نجح «مع وقف التنفيذ» بعد حصول لبنان على تعهدات مالية وصلت قيمتها الى 7.7 مليار دولار، لكنها كانت في معظمها مشروطة باجراءات حكومية صعبة التطبيق في ظل الوضع القائم في لبنان.

وفي الثالث والعشرين من هذا الشهر، وقف لبنان على أعتاب الحرب الاهلية مع اعلان المعارضة يوم اضراب عام لإسقاط الحكومة تحول الى يوم اضطراب عام بنزول انصارها الى الشارع واقفال الطرق بالاطارات المشتعلة، ونزول انصار الاكثرية في المقابل في بعض الاماكن لفتح الطرقات بالقوة. سقط في هذا اليوم والايام التي تلته عدد من القتلى من الجانبين، خصوصا في منطقة الجامعة العربية غرب بيروت حيث سقط نحو اربعة قتلى، واضطر الجيش الى فرض حظر للتجول ليومين في احياء بيروت لضبط الوضع.

* فبراير(شباط): الحرب الكلامية دخل شهر فبراير على لبنان من باب الحرب الفعلية التي تفاداها اللبنانيون في الشهر السابق الى الحرب الكلامية التي استعرت في هذا الشهر بين اركان المعارضة والاكثرية فتراشقوا بالاتهامات والتهديدات. وأحيت الاكثرية في الرابع عشر من هذا الشهر الذكرى السنوية الثانية لاغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري بمهرجان حاشد في «نصف» ساحة الشهداء التي احتلت المعارضة نصفها الآخر مع بدء اعتصامها وسط بيروت. في المهرجان وصف النائب وليد جنبلاط هذه السنة بانها سنة «القصاص والعدل.. والإعدام». في المقابل، كانت المعارضة تدرس خياراتها وتطرحها إعلامياً دون ان تنفذ، فكان الكلام عن «عصيان مدني» ثم عن احتلال المراكز الحكومية، لكن الشهر مر على.. خير.

* مارس (آذار): عودة الحوار عاد في هذا الشهر الحوار المقطوع الى الساحة اللبنانية، حيث التقى ممثلا المعارضة والاكثرية، الرئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة ورئيس كتلة نواب المستقبل النائب سعد الحريري من الجهة الثانية. تواصلت «الإشارات الإيجابية» من أطراف الأزمة حيال احتمالات التوصل الى مخارج، مع ميل واضح لدى جميع الاطراف لعدم «الاغراق في التفاؤل». وأدى الدخول السعودي على الخط الى تهدئة لافتة. وبينما كانت التوقعات ترتفع باحتمال اعلان اتفاق لبناني من المملكة العربية السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أبدى اهتماما لافتا بالأزمة اللبنانية عبر سفيره المميز في بيروت عبد العزيز خوجة. وعادت الاوضاع مجددا الى التدهور مع اصرار المعارضة على «اعلان نوايا» قبل الانتقال الى المملكة للتحاور ورفض الاكثرية للطلب ومطالبتها بالحلول.

* أبريل (نيسان): محكمة.. دولية كان شهر ابريل موعدا مع مغادرة المحكمة الدولية كواليس الحوار اللبنانية الى مجلس الامن الدولي بعد فشل كل المحاولات الحوارية في الوصول الى توافق حولها يسمح بانعقاد البرلمان لإقرار مشروعها لارتباط ملفها بملفات اخرى؛ منها ملف الحكومة والرئاسة وسلاح المقاومة. حملت الاكثرية مشروع المحكمة الى مجلس الامن طالبة من الامم المتحدة اقرار المحكمة الدولية عبر «الوسائل البديلة»، معلنة في الوقت نفسه مدها يد الحوار للمعارضة حول موضوعي المحكمة ورئاسة الجمهورية التي يقترب استحقاقها.

* مايو (أيار): «فتح الإسلام» طبع تنظيم «فتح الاسلام» الملتبس المصدر والانتماء شهر مايو بطابع دموي، باعتداء بشع على الجيش اللبناني أسفر عن مقتل نحو 30 جنديا، بينهم اكثر من 20 قضوا ذبحا.. فاندلعت حرب نهر البارد التي كانت ساخنة جدا، بعد ان لجأ مسلحو التنظيم الى المخيم الفلسطيني في شمال لبنان واتخذوا من ابنيته وسكانه متاريس لهم في وجه الجيش اللبناني.

* يونيو (حزيران): الاغتيالات.. والتفجيرات مجدداً ضربت الاغتيالات لبنان مجددا، فقتل النائب وليد عيدو ونجله خالد واكثر من 10 اشخاص في انفجار استهدف موكبه في محلة المنارة غرب بيروت. واتهمت الاكثرية سورية بالضلوع في الجريمة. وقال النائب وليد جنبلاط يومها لـ«الشرق الاوسط» ان لبنان دخل مرحلة «يا قاتل يا مقتول»، فيما دعا النائب سعد الحريري في حديث لـ«الشرق الاوسط» ايضا «حزب الله» الى الاختيار بين لبنان والحرس الثوري الايراني. ودخل الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على خط الاتصالات على رأس وفد وزاري عربي كبير محاولا جمع الفرقاء اللبنانيين حول طاولة حوار، لكن مهمته فشلت. وغادر موسى منزعجاً من وصف مهمته بأنها «سياحية».

ولم تسلم القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان من الاعتداءات التي طالت دورية اسبانية في منطقة مرجعيون الحدودية، مما أدى الى مقتل 6 جنود من الوحدة.

* يوليو (تموز): هجرة النواب مر شهر يوليو بهدوء على اللبنانيين دون ان يعني هذا خلوه من السجالات السياسية الساخنة، لكن شمس الصيف كانت اقوى. هجر نواب الاكثرية لبنان بحثا عن امنهم، فغادروا الى الامارات العربية المتحدة ومصر، وأقاموا في فنادقها هرباً من آلة القتل التي كانت تستهدفهم في شوارع لبنان.

* أغسطس (آب): تحديد الأحجام المسيحية رغم عدم اعترافها بالحكومة، خضع قسم من المعارضة لقرارات الحكومة. وخاض التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب ميشال عون معركة انتخابية في منطقة المتن الشمالي لبيروت لملء المقعد الذي شغر باغتيال النائب الراحل بيار الجميل. الهدف من المعركة كان تحديد الاحجام المسيحية لأنها اول انتخابات بعد اندلاع الازمة. واجه مرشح عون الرئيس الاسبق امين الجميل، ففاز الاول بفارق نحو 400 صوت. اعترف فريق «14 اذار» بهزيمته، لكنه اعتبرها انتصارا بعدما تقلص الفارق من نحو 20 الى صوت في الانتخابات العامة الى 400 فقط في الانتخابات الفرعية.

* سبتمبر (ايلول): انتصار الجيش شهد هذا الشهر نهاية الحرب في مخيم البارد باقتحام الجيش آخر معاقل المسلحين بعد 3 اشهر من القتال، لقي الجيش استقبالا شعبيا كبيرا واحتضانا لم يسبق له مثيل للقوى العسكرية العائدة الى مواقعها.

لكن الانتصار لم يمر دون غصة جديدة، اذ عادت الاغتيالات لتضرب، مسقطة هذه المرة النائب انطوان غانم العائد لتوه من الخارج للمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس التي قررها الرئيس نبيه بري في الخامس والعشرين من الشهر ولم يكتمل نصابها.

* أكتوبر: السلاح زينة الرجال عاد نواب الاكثرية من الخارج الى «سجن 5 نجوم» فقد سجن النواب انفسهم في فندق «فينيسيا» لاكثر من شهر أملا في الوصول الى انتخاب الرئيس وهم اكثرية. احتدت السجالات السياسية وكثر التلويح بالخيارات المتضاربة. الاكثرية ترفض الفراغ وتهدد بانتخاب الرئيس بالنصف زائدا واحدا، كونها لا تمتلك اكثرية الثلثين، فيما تلوح المعارضة باسقاط اي رئيس تنتخبه الاكثرية و«زجه في السجن». وارتفعت اسهم الحكومة الثانية التي قيل ان الرئيس اميل لحود سوف يشكلها، كما تردد ان المعارضة قد تنتخب رئيساً بالنصف ناقصا واحدا، وغيرها من الخيارات التي قد تنتهي كلها بسيناريو واحد. ثم الحرب الاهلية. وكثر الحديث عن التسلح وانتشار السلاح في صفوف اللبنانيين بما أعاد الى الاذهان الايام التي سبقت اندلاع الحرب الاهلية عام 1975.

* نوفمبر (تشرين الثاني): شهر الفراغ.. المنظم حمل شهر نوفمبر الفراغ الى موقع الرئاسة اللبنانية للمرة الاولى منذ توقيع اتفاق الطائف واعادة تقاسم السلطة بين الطوائف عام 1990. وادى الفراغ الى حصول صدمة في الشارع المسيحي خصوصا، حاولت الاكثرية تداركها بالتأكيد على ان الحكومة لا تريد ممارسة صلاحيات الرئيس، فيما حاولت المعارضة استغلالها لتأليب الشارع المسيحي على الحكومة. غير ان اللافت كان ان الفراغ مر بهدوء غريب. فبين ليلة وضحاها تبخرت كل التهديدات التي تبادلها طرفا الازمة خلال الاشهر السابقة، فتوقفت الاكثرية عن طرح الانتخاب المنفرد للرئيس بالغالبية العادية.

كان الشهر قد بدأ مع حركة دولية وعربية دؤوبة، مع اقتراب موعد انتهاء ولاية الرئيس لحود في 24 منه، فانسحب الاميركيون من الساحة بشكل مفاجئ تاركين الساحة اللبنانية لوزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي جال وصال بين المسؤولين ورقص «الدبكة» في احد الاعراس اللبنانية، دونما ان يصل إلا الى «تنظيم الفراغ» بعدما اصطدم بجدار المواقف المتبادلة.

* ديسمبر (كانون الأول) : شهر العماد سليمان دخل شهر ديسمبر على اللبنانيين حاملا معه أمل الاتفاق على قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا، بعدما رشحته الاكثرية وقبلت به المعارضة، مع سلة شروط رأت فيها الاكثرية مطالب تعجيزية و«اوامر استسلام» مما حطم الآمال بانعقاد الجلسة تلو الجلسة، فانفرط عقد الجلسة الثامنة ثم التاسعة فالعاشرة دون ان يتحقق الامل.

ولم يمر هذا الشهر دون رسالة دموية جديدة، فقد اغتيل في الثاني عشر منه رئيس غرفة عمليات الجيش اللبناني العميد الركن فرنسوا الحاج بتفجير استهدف سيارته في محلة بعبدا شرق بيروت.