الانتخابات التشريعية في باكستان ستؤجل ومشرف يوجه كلمة إلى الأمة اليوم

5 ملايين روبية لمن يرشد إلى قاتلي بوتو

TT

أجلت لجنة الانتخابات في باكستان حتى اليوم، وللمرة الثانية، البت في مصير الانتخابات المقرر إجراؤها في الثامن من يناير (كانون الثاني) الجاري. وقالت اللجنة إنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لإجراء مشاورات مع الأحزاب السياسية بخصوص إرجاء عملية الاقتراع. وستقرر باكستان ارجاء الانتخابات التشريعية على الارجح، لمدة شهر اثر حادث اغتيال زعيمة المعارضة بي نظير بوتو الخميس، وما تلاه من اعمال عنف. وقال رئيس مفوضية الانتخابات الباكستانية كانوار ديلشاد، إن اجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في الثامن من يناير الجاري مستحيل. إلا انه أضاف أن المفوضية ستعلن قرارها النهائي اليوم، كما كان مقررا بعد التشاور مع الاحزاب السياسية الباكستانية. لكن مسؤولين رفيعين في الحكومة وفي اللجنة اعلنوا في اليومين الأخيرين، ان الانتخابات ستؤجل الى فبراير (شباط) جراء اعمال العنف التي تلت اغتيال بوتو. وأضاف ديلشاد «سنعلن الموعد اليوم بعد اجراء مشاورات مع الاحزاب السياسية». وأوضح مسؤول اللجنة، أنه أبلغ الأحزاب السياسية عن وجود مشاكل أمنية في13 مقاطعة بأنحاء البلاد، منذ اغتيال زعيمة حزب الشعب».

وذكرت اللجنة اعمال الشغب التي تلت اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو في 27 ديسمبر (كانون الأول) والتي اسفرت عن مقتل 58 شخصا على الاقل في البلاد، لا سيما في ولاية السند الجنوبية، معقل بوتو وحزبها، حزب الشعب الباكستاني. ودمر في هذه الولاية ما لا يقل عن 40 مكتبا ومقرا للجنة الانتخابية، واتلفوا لوائح انتخابية. وقال مسؤول اللجنة ان «الوضع في السند مضطرب»، مؤكدا ان «المندوبين الانتخابيين يجدون صعوبة في التنقل» في الولاية.

وقال مسؤولون إنه من المقرر أن تعلن لجنة الانتخابات الباكستانية اليوم أن الانتخابات المزمعة في 8 يناير الجاري، ستؤجل على الأرجح لمدة شهر على الاقل، بعد تشاورها مع الاحزاب السياسية الرئيسية في البلاد، ومن بينها حزب الشعب الذي كانت تتزعمه بوتو، والذي طالب بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر يوم 8 يناير الحالي.

لكن حزب رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة، اعلن فورا انه يرفض اي ارجاء تاركا القرار النهائي الى اجتماع لجنته التنفيذية. ولمح مقربون من عائلة بوتو التي استعادت قيادة حزب الشعب الباكستاني الى احتمال الموافقة على مهلة «معقولة».

من جهة أخرى، يوجه رئيس البلاد برويز مشرف، كلمة لشعبه مساء اليوم. واعلن المتحدث باسم مشرف، ان الرئيس الباكستاني سيلقي مساء اليوم، كلمة موجهة للشعب الباكستاني بعد ستة ايام على اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو.

وقال رشيد قرشي ان «الرئيس سيوجه كلمة الى الشعب عند الساعة 20.00 بالتوقيت المحلي (15.00 بتوقيت غرينتش) اليوم»، بدون أن يضيف أية تفاصيل عن مضمون الخطاب.

وكانت أعمال الشغب التي استمرت ثلاثة أيام في أعقاب اغتيال بوتو، في هجوم انتحاري في مدينة روالبندي الخميس الماضي، قد أدت إلى تدمير أكثر من 12 لجنة انتخابية في إقليم السند جنوب البلاد معقلها السياسي.

وذكر مسؤولو الانتخابات، أنه سيكون «من المستحيل» اجراء الانتخابات في الموعد المناسب بسبب تدمير قوائم الانتخابات وأوراق الاقتراع ومراكز الاقتراع وغيرها من المواد.

وقال مسؤول، اشترط عدم ذكر اسمه، إن اللجنة تلقت تقارير تقييمية من الحكومات الاقليمية الاربع، واستنادا إليها اتضح أنه «بالنظر إلى الوضع الأمني الحالي، فإن الانتخابات لا يمكن أن تجرى يوم 8 يناير الحالي، كما كان مقررا». وأوضح هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، ان «الانتخابات لن تؤجل الى ابعد من فبراير». واضاف «نعتقد انها ستنظم حوالي نهاية الشهر المقبل». وكان محتجون غاضبون قد أحرقوا نصف المكاتب الانتخابية على الاقل في إقليم السند بجنوب باكستان، والمعقل السياسي لبوتو خلال ثلاثة أيام من الاضطرابات، التي أعقبت اغتيالها في انفجار انتحاري الخميس الماضي.

من جهته أعلن زعيم ثاني احزاب المعارضة، رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف، انه يرفض الارجاء، غير ان افرادا من حركته، اشاروا الى ان «ارجاء طفيفا» قد يكون «مقبولا».

وتشكل الانتخابات رهانا كبيرا في بلد على شفير الفوضى السياسية، ويبلغ عدد سكانه 160 مليون نسمة، ويمثل القوة النووية الوحيدة في العالم الاسلامي. وهو ايضا حليف اساسي للولايات المتحدة في «حربها على الارهاب» ولفت اليه انظار العالم منذ اربعة ايام بمزيج من التعاطف والقلق. وطلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من وزير خارجيته برنار كوشنير، ان يتوجه الثلاثاء الى باكستان «تعبيرا عن تضامن» فرنسا. وأعيد انتخاب مشرف لولاية ثانية في 6 اكتوبر (تشرين الاول) في انتخابات اثارت الاحتجاجات بالاقتراع غير المباشر للجان الوطنية والمحلية الخارجة، التي كانت كلها موالية له. وكانت سلطته التي تتعرض للمزيد من الضغوط، لتخسر فعاليتها اذا فازت المعارضة بالانتخابات التشريعية. اما الولايات المتحدة التي فقدت ورقة رئيسة مع مقتل بوتو، فبدت خياراتها متضائلة في باكستان، حيث تستمر في الرهان على الرئيس مشرف. الى ذلك رصدت الحكومة الباكستانية اول من امس 5 ملايين روبية كمكافأة لمن يتعرف على تحديد هوية مشتبهين اثنين في عملية اغتيال أبرز زعماء المعارضة الباكستانية. وقال رئيس حكومة إقليم البنجاب، شودري برفيز إلاهي، إن رسماً تقريباً للمشتبهين يعتقد بتورطهما في الهجوم الذي استهدف بوتو، سيتم تعميمها في الصحف المحلية. وأضاف قائلاً «من يتعرف على هؤلاء الإرهابيين سيكافأ بجائزة نقدية قدرها 5 ملايين روبية (نحو 81 الف دولار) ولن نكشف عن هويته». من جهته قال المتحدث باسم الداخلية الباكستانية جواد إقبال شيما، إن حكومة بلاده ستنتظر ما ستسفر عنه نتائج الأبحاث الجنائية، قبل أن تستخلص سبب الوفاة. وقال شيما إن ما سبق أن أعلنه الجمعة في بيان، استند إلى تقرير قدّمه الأطباء الذين تعاملوا مع بوتو، عند نقلها إلى مستشفى روالبندي غداة الهجوم. وأوضح قائلا «ليست هناك أية نية في إخفاء أي شيء عن الشعب الباكستاني».

وسبق لمحامي مستشفى روالبندي أن أبلغ أنّ الأطباء لم يدلوا بالتصريحات التي نسبتها إليهم الحكومة. ولم يشر التقرير الطبي إلى كون السقف وراء مصرع بوتو. وقالت تقارير ان الحكومة مارست ضغوطا على الفريق الطبي، الذي عالج بوتو قبل اعلان وفاتها، حتى لا يتحدثوا الى اجهزة الاعلام». ويعتقد اطباء مستشفى روالبندي العام، الذين حاولوا انقاذ حياة بوتو، انهم في مهب الريح الآن، لتضارب الروايات حول السبب الحقيقي الذي أدى الى مصرع بوتو ». وكشفت مصادر مطلعة اول من امس، عن أن الحكومة الباكستانية منعت تقريراً طبياً يكشف الأسباب الحقيقية، التي أدت إلى وفاة رئيسة الوزراء السابقة بوتو، التي قضت الخميس مع عشرات من أنصارها، في هجوم انتحاري بمدينة روالبندي». وقد ظهر شريط فيديو جديد بث الأحد الماضي، قد يدعم نظرية اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بي نظير بوتو بالرصاص، بما ينقض روايات الحكومة الباكستانية». وتقدم مقاطع الفيديو أوضح صورة، حتى اللحظة، للهجوم الذي أودى بحياة أول رئيسة حكومة في العالم الإسلامي. وتظهر مقاطع الفيديو تهاوي بوتو، التي ظهر نصفها العلوي من سقف سيارتها لتحية حشود أنصارها، بعد دوي طلقات نارية تبعها انفجار، مما قد يدعم مزاعم أنصارها بأنها قضت بأعيرة نارية، على نقيض مزاعم حكومة إسلام أباد.