أجندة - أميركا.. عام للتحقيقات والانتخابات والمفاجآت

TT

لن يكون 2008 في أميركا هو عام الانتخابات فقط، وإنما أيضا عام معالجة ما يسميه إعلام أميركا (الأمة المنقسمة Devided Nation).. وهو المأزق الذي دخلته أميركا مع قرار المحافظين الجدد غزو العراق في مارس (آذار) 2003، وما قبله من جبهات كثيرة تداعت بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001 مثل غزو أفغانستان وإعلان الحرب على الإرهاب ومعتقل غوانتنامو واستحداث وزارة للأمن الوطني... إلخ.

ومع ذلك فمجلة «فورين أفيرز» في عددها لنهاية عام 2007 خرجت بموضوع غلاف يقول: العراق ليس خطؤه وإنما خطؤكم Iraq Is Not His Fault It is Yours ، وعلى صورة الغلاف الرئيس بوش ويجادل كاتبه ألاسدير روبرتس بأن الناخب الأميركي هو الذي يهيئ تشريعيين وصناع قرار لمثل تلك المواقف الحادة بدون حساب من الطرفين للأثمان، وواضح أن ذلك الآن تيار يعشش في أذهان عقول الفكر، لأن من بين أكثر الكتب مبيعا أخيرا كتاب برايان كابلان الشهير (خرافة الناخب العاقل .. لماذا تختار الديمقراطيات سياسات سيئة The Myth of Rational Voter Why Demcracies Choose Bad Policies)، وهو كتاب يناقش وهم الديمقراطيات الغربية ولماذا تتبع سياسات خاطئة.

ولكن ذلك ليس وحده ما سيشغل أميركا في عام 2008. فهناك ما يسمى بذيول 11 سبتمبر 2001 وغوانتنامو، وبينها حكاية شرائط الفيديو وما صاحبها من مزاعم بتضليل «السي آي إيه» للجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر. والثابت الوحيد خلال عام 2008 هو استمرار هذه القضية في ضوء المراجعة التي أجراها فيليب زيليكو، المدير التنفيذي السابق للجنة التحقيق في الهجمات، وقوله الأسبوع الماضي: يجب إجراء مزيد من التحقيق «لتحديد ما إذا كان امتناع «السي أي إيه» عن تسليم تلك الأشرطة للجنة ينتهك القانون الفدرالي. (القانون الفدرالي بحسب «نيويورك تايمز» يعاقب أي شخص يحجب أو يتستر عن معرفة وقصد على اية حقائق في أي تحقيق فيدرالي او يقدم اية إفادات مادية مزيفة» للمحققين. والشاهد هنا أن هذه القضية ستلامس قضايا معتقل غوانتنامو المعقدة، والدعوة المرفوعة ضد إدارة بوش بممارسة التعذيب، وقبل ذلك هل لإتلاف الشرائط أصلا علاقة بإبقاء هؤلاء المعتقلين باعتبار أن الشكوك هنا ربما ذهبت إلى أن 11 سبتمبر ذاتها استصحبت قدرا من نظريات المؤامرة. (رفض قاض أميركي إصدار حكم فوري بشان مطالب عدد من معتقلي غوانتانامو إجراء تحقيق في إتلاف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) أشرطة فيديو تصور تحقيقات قاسية مع مشتبه بضلوعهم في الإرهاب) .

اقرأ كل ذلك مع العراق وأفغانستان وكوريا الشمالية والصراع العربي ـ الإسرائيلي، تعرف كم سيكون عام 2008 كثير السخونة كثير السيولة السياسية، وربما كثير المفاجآت إذا فاجأ الناخب الأميركي العالم وأتى له برئيس جمهوري للبيت الأبيض على كل هذا الركام من الفشل الخارجي، وأميركا هي بلد المفاجآت، فمجلس الشيوخ الأميركي أقر قبل 12 يوما فقط ميزانية بـ70 مليار دولار للحرب في العراق وأفغانستان مما شكل انتصارا للرئيس بوش من مجلسين لا يملك حزبه الأغلبية فيهما.