سكان الأهوار يشكون: الأحزاب تتاجر بقضيتنا.. ولم نجن من وعودها سوى السراب

وزير دولة: مشكلة إعادة إعمار المنطقة سياسية وليست فنية

TT

اتهم سكان الأهوار في جنوب العراق الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة بمصادرة حقوقهم والمتاجرة بقضية الأهوار في المزايدات السياسية  وتحويل تضحياتهم إلى صفقة في دعايتهم الانتخابية، مؤكدين أن كل الوعود التي جاءت بها هذه الأحزاب بتحويل الأهوار إلى «فينيسيا» عراقية هي مجرد أحلام وردية، إذ لم يجن أهلها على مدى الخمسة أعوام الماضية  سوى الجري وراء السراب.

وأكد عدد منهم لـ«الشرق الأوسط» أن أمنياتهم بالعام الميلادي الجديد «لا تختلف عن أماني السنوات القليلة الماضية التي تتجلى بتوفير الحد الأدنى من الخدمات العامة التي تذكر إنسان الهور بآدميته..». وأجمع سكان أهوار محافظات البصرة والعمارة والناصرية على أن «معظم الأعمال المنجزة بعد التغيير هي إحداث فتحات في السدود التي شيدت خلال عمليات التجفيف انسابت بعدها المياه لإغمار أجزاء من أراضي الأهوار المنخفضة وبناء نصب صغير يمثل الشهيد في الجبايش وخدمات بسيطة هنا وهناك نفذت معظمها المنظمات الإنسانية..». وذكر الأهالي «أن الأحزاب والتيارات الإسلامية التي بصموا لها خلال الانتخابات التشريعية تناست قضاياهم بعد تسلم السلطة، وهم الذين قالوا عندما كانوا يمثلون المعارضة في الخارج إن تجفيف الأهوار وتشريد أهلها هما من اكبر جرائم العصر ضد الإنسان والبيئة..».

لكن حسن الساري وزير الدولة لشؤون الأهوار أكد أن ملف إعادة إعمار الأهوار «يلقى اهتماماً خاصاً من الحكومة، والمشكلة التي تواجه هذا الملف ليست فنية فقط وإنما هي مشكلة سياسية، إذ تحاول بعض الجهات عرقلة الإعمار وعودة المياه إلى تلك المناطق رغم الظلم والجور اللذين لحقا بها في زمن النظام السابق..» ونقل بيان عن الساري أن جهات سياسية لم يسمها تعرقل المساعي الرامية الى إغمار كامل أراضي الأهوار المجففة بالمياه وإعادة إعمارها، مشددا على أهمية التواصل وعقد الاجتماعات المستمرة وضرورة التنسيق بين الحكومة وإدارة المحافظات في ما يتعلق بمشكلة الأهوار.

وأشار شيوخ عشائر الأهوار الى أن «ما يميز الحكومات التي جاءت بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 هي كثرة التصريحات الإعلامية والوعود دون التنفيذ في ما يتعلق بقضية الأهوار.. وأنهم شبعوا إلى حد التخمة مما يسمى القرض الياباني والموازنات السنوية والتخصصات المالية ومقررات المؤتمرات المحلية والعربية والدولية، وحث المانحين على الإسراع بتنفيذ المشاريع لما تتمتع بها هذه المناطق من استتباب امني وافر». وأكدوا «أن الفانوس لا زال المصدر الوحيد للنور منذ مئات السنين ومصادر مياه الشرب هي ذاتها غير صحية، ومدارس ومراكز صحية طينية وصرائف متناثرة، وما زال الأهالي يطردون البعوض بدخان المواقد وينامون مع حيواناتهم ..». وكشفوا أن «العديد من السكان تركوا الأهوار وعادوا للعيش على ضفاف الأنهار بعد أن  أدركوا أنهم ضحية وسائل الإعلام التي تقف وراءها برامج سياسية لتيارات وأحزاب دينية..». وتعد اهوار جنوب العراق من القضايا المثيرة للجدل، فهي واحدة من أهم نطاقات أنظمة الأراضي الرطبة في قارتي آسيا وأوروبا حيث يعيش فيها أقوام من البشر منذ فجر الحضارات القديمة وعرفوا كيف يوطدون علاقاتهم بالمكونات البيئية ويقيمون حياتهم على ما يقدمه لهم هذا النظام البيئي المتميز من مقومات الحياة.. ولحق الدمار بها ما بين عامي 1991 و2000 إذ جفت مساحة ما يقارب 15 ألف كيلومتر ولم يبق منها إلا 50 كيلومترا هي اهوار الحويزة من مجموع مساحة العراق البالغة 434 ألفا و317 كيلومترا كإجراءات سياسية قمعية ضد سكان المنطقة..

وأصدر برنامج الأمم المتحدة قبل سنوات قليلة تقريرا بعنوان «أهوار ما بين النهرين» رصد فيه ما لحق بهذه المنطقة من دمار في تسعينات القرن العشرين وانعكاسات ذلك على الحياة البرية والمائية والسكان المحليين.

وتكتسب أهمية مناطق الأهوار التي يقطنها حاليا 100 ألف نسمة من أصل 300 ألف نسمة قبل تجفيفها، موزعين على 259 قرية ـ حسب البيانات الرسمية ـ مكانة كبيرة لوجود 160 موقعاً اثرياً يرجع تاريخها إلى السلالة السومرية. كما أنها من المناطق التي تمتلك خزينا هائلا غير مكتشف من حقول النفط والغاز التي أعلنت عند التجفيف بانبعاث تيارات غازية منها ـ كما أكد خبراء في شركة نفط الجنوب وثروات مائية وحيوانية كبيرة، إضافة لصلاحيتها بإقامة محميات طبيعية للأسماك والطيور المهاجرة بإمكان تحويلها بلمسات بسيطة إلى مناطق سياحية فريدة.