الاحتباس الحراري: في انتظار فارس البيت الأبيض المقبل

سكنت وعي أميركا العام بآل غور وبقضية ضد الرئيس بوش

TT

سيكون عام 2008 عاما مفصليا في تاريخ الاحتباس الحراري والتغير المناخي بعد التئام ممثلين لـ190 دولة في منتجع بالي بأندونيسيا لمدة أسبوعين كاملين انتهيا يوم 15 ديسمبر (كانون الثاني) 2007، ليخرجوا باتفاق طويل الأجل خاص بالمناخ يشمل جميع دول العالم بحلول نهاية 2009 على أن يشهد عام 2008 عمليات تقترب من إزالة حائط برلين بين الفقراء والأغنياء، وصولا إلى تفعيل برتوكول كويوتو الموقع عام 1997، والذي يلزم 37 دولة غنية، خفض الانبعاثات بنسبة خمسة في المائة في المتوسط عن مستوياتها في عام 1990 في الفترة بين 2008 و2012.

الأخبار الحسنة في هذا الملف أن مؤتمري بالي وضعوا «خارطة طريق» وجدولا زمنيا صارما ربما يقودهم لمؤتمر آخر في غانا بأفريقيا في موعد أقصاه أبريل (نيسان) المقبل، على أن تعقد للغرض ذاته أربع جلسات في كل عام في أنحاء متفرقة في العالم، وتتوج باتفاق في أواخر 2009 في كوبنهاغن.

ولكن الأخبار السيئة أيضا موجودة، فالواقع المر، وعلى صعيد التغيرات المناخية، يقول بغير ذلك، فقد تجاوزت الولايات المتحدة (رافضة لاتفاق كويوتو من الأصل) والكثير من الدول التي قبلت بالبروتوكول المبرم في عام 1997 مستويات عام 1990 إلى حد بعيد، فيما تقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة لاتفاق جديد بحلول عام 2009 لمنح البرلمانات وقتا للتصديق عليه وإعطاء توجيهات للمستثمرين بشأن كل الأمور من الطاقة الشمسية إلى الفحم.

إذن فالثابت الوحيد هنا أن البيئة وقضايا المناخ أصبحت أجندة سياسية ساخنة حتى في أميركا التي تعهد فيها حاكم كاليفورنيا الغاضب أرنولد شوارزينجر قبل أسبوع فقط بمقاضاة إدارة الرئيس الامريكي جورج بوش، لأنها لم تتعامل مع قضية التغير المناخي بجدية من خلال عرقلة جهود الولاية للسيطرة على الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وجاء هذا التعهد بعد يوم واحد من عرقلة الحكومة الاتحادية الجهود التي تبذلها كاليفورنيا و16 ولاية أخرى للحد من انبعاثات السيارات والشاحنات كوسيلة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

الشاهد أن أميركا والصين وروسيا والهند هي أكبر أربع دولة تطلق الغازات التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. ولكن الأخبار السارة للتغيرات المناخية، جاءت بما يقترب من المرونة من جانب أميركا ليمهد التحول في الموقف الأميركي من الرفض إلى القبول الطريق لبدء مفاوضات بشأن اتفاق عالمي، ويؤكد ذلك همبرتو روسا رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالقول: أمامنا عامان عصيبان بداية من يناير مباشرة.

في غضون ذلك عبرت أميركا عن تحفظات على الاتفاق الذي تم التوصل اليه في مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية في بالي، مطالبة بالتزامات إضافية من جانب الدول النامية، ولكن البيت الأبيض لم يغفل العناصر الايجابية في نتائج هذا المؤتمر، لكنه أبدى «قلقا كبيرا» حيال بعض جوانب «خارطة الطريق» التي اعتمدت في بالي وجمعت للمرة الأولى الدول الصناعية والبلدان الناشئة حول هدف خفض انبعاثات الغازات الملوثة. وينص الاتفاق على إطلاق عملية المفاوضات التي ستحدد مصير بروتوكول كيوتو «في أسرع وقت ممكن وفي موعد اقصاه ابريل (نيسان) 2008». وأن المفاوضات التي ستفتتح يجب أن تنطلق من مبدأ أن مشكلة التغيرات المناخية لا يمكن أن تعالج بشكل صحيح بالتزام الدول المتطورة وحدها خفض انبعاثات الغازات، وهي تلمح بذلك إلى الهند والصين خصوصا، مؤكدة أن الاقتصاديات الكبرى أيضا يجب أن تتحرك». ومن هنا فالملف مع أميركا ربما يشهد جمودا جزئيا حتى يأتي رئيس جديد في البيت الأبيض، خلفا للرئيس الاميركي جورج بوش، برغم أن قضية التغيرات المناخية، قد أخذت ذروتها بخطوة ذكية من مانحي جائزة نوبل بإعطائهم جائزة نوبل للسلام لعام 2007 لنائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، مناصفة نتيجة جهوده المقدرة في نشر الوعي بمخاطر التغيرات المناخية بما يوحي أن رأيا عاما أميركيا ضاغطا، يمكن أن يدفع بالموقف الأميركي من المرونة التي بدت في بالي إلى الانخراط رسميا في هذه القضية من دولة هي بين أربع دول، تسهم في دورة التغيرات المناخية بشكلها المخيف حاضرا ومستقبلا.