ديسمبر.. الأكثر أمانا للقوات الأميركية والمدنيين في العراق

تفاؤل بتحسن إضافي عام 2008.. وتحذيرات من عدم استيعاب المتطوعين السنة

TT

انتهى شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي كأكثر الشهور أماناً بالنسبة للقوات الأميركية في العراق منذ الغزو عام 2003 والأقل ضررا بالنسبة للمدنيين العراقيين خلال الشهور الـ 12 الأخيرة. ولكن رغم ذلك، كان 2007 العام الأكثر دموية خلال الحرب وفقا لمعلومات نشرت أول من أمس.

وقالت وزارة الصحة العراقية ان 481 مدنيا قتلوا في مختلف انحاء البلاد خلال الشهر الماضي في أعمال عنف ذات صلة بالحرب. وقالت ان 16232 مدنيا قتلوا العام الماضي. وكان عدد القتلى 12320 خلال عام 2006.

وقال عبد الهادي حسين، الذي يسكن مدينة الصدر ببغداد «اتذكر عام 2007 باعتباره عام التفجيرات». واضاف «لكن في العام الحالي 2008 أشعر بالتفاؤل»، مشيرا الى احتفالات عيد الأضحى واحتفالات المسيحيين بأعياد الميلاد التي اقيمت في بغداد.

وخلال ديسمبر قتل 21 من افراد القوات الأميركية، مما يعتبر الحد الأدنى منذ بداية الحرب، وهو شيء مدهش بالمقارنة مع عدد القتلى في الوقت نفسه عام 2006 والذي بلغ 112. وخلال عام 2007 قتل ما لا يقل عن 899 من الجنود الأميركيين في العراق، وهو أعلى معدل سنوي منذ الغزو في مارس (آذار) 2003.

وبعد معدلات عالية من الضحايا أوائل عام 2007 فان عدد القتلى بين المدنيين العراقيين والقوات الأميركية انخفض منذ أن اكتملت زيادة القوات الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي. ولكن عددا قليلا يحتفون بهذا الانخفاض في العنف باعتباره دليلا على تقدم في الاتجاه المعاكس.

ويحذر مسؤولون عسكريون وسياسيون أميركيون من أن المكاسب الأمنية التي تحققت في الأشهر الأخيرة فتحت الباب أمام تحديات جديدة. ومن بين هذه القضايا كيفية التعامل مع حوالي 70 ألف شاب؛ معظمهم من السنة ممن تطوعوا كقوات أمنية ويتوقعون الحصول على وظائف من الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة. كما أنه يتعين على المسؤولين العراقيين أن يجدوا سبيلا لمعالجة أوضاع اللاجئين الذين يعودون الى البلاد ويحتاجون الى سكن وخدمات أساسية ووظائف.

وفضلا عن ذلك، تبقى مشكلة اخفاق الحكومة العراقية في اقرار تشريعات رئيسية تعتبر أساسية لتعزيز الثقة بين الجماعات الدينية والاثنية. وهذا يتضمن قوانين لادارة الثروة النفطية للعراق وتوسيع فرص العمل لأعضاء حزب البعث السابقين وتقرير سلطات الحكومات المحلية.

وقال الجنرال رايموند أوديرنو، وهو ثاني اكبر مسؤول عسكري اميركي في العراق اثناء لقاء جرى أخيرا مع صحافيين «لدينا نافذة ولا أعرف الى متى ستظل هذه النافذة». ووصف أوديرنو ذلك بـ«دلائل على عودة الى الوضع الطبيعي» الذي شهده أخيرا في بغداد. وقال ان «المسألة الأساسية الآن هي هل يمكننا أن نعزز هذا وبطريقة تجعل الحكومة قادرة على المضي قدما؟».

ولا يبدو أيُّ امرئ واثقا من ذلك. وفي الأقل العراقيون الذين عانوا من سنة بدأت بعدد من القتلى المدنيين الذي وصل الى ألفي قتيل في البلاد في يناير (كانون الثاني) الماضي. غير أنه على الرغم من استمرار العنف فانه ما يزال اقل بكثير بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال حكيم اسماعيل ايراهيم، وهو سائق سيارة أجرة سني، لم يكن يتجرأ قبل اشهر على الدخول الى الأحياء الشيعية «نحن نخشى شيئا واحدا وهو أن لا يبقى الوضع على ما هو عليه في الوقت الحالي». وعزا ابراهيم تحسن الوضع الأمني الى تحسن وضع الحراسات من جانب القوات الأميركية وقوات الأمن العراقية، وتقلص نشاطات المليشيات الشيعية وظهور جماعات المتطوعين. ولكن شأن المسؤولين الأميركيين قال ابراهيم ان الحكومة العراقية بحاجة الى التحرك سريعاً لإعطاء المتطوعين ما يريدونه، وهو الوظائف في قوات الأمن العراقية أو المؤسسات العراقية الأخرى. وعبر حسين، من مدينة الصدر، عن قلقه من جماعات المتطوعين، ولكن لسبب مختلف، ذلك انهم سنة وفي حالات كثيرة من المتمردين السابقين. وتؤكد وجهة نظرة انعدام الثقة السائد في اقسام كثيرة من المجتمع العراقي. وقال حسين «انهم خطرون جدا وطائفيون. وفي السابق كانوا يختفون، أما في الوقت الحالي فانهم يقتلون الناس». وهو قلق يعبر عنه بعض العسكريين الأميركيين. وقال السارجنت ريتشارد ميرز من فرقة المشاة الثالثة من قاعدته في الاسكندرية «اشعر بالقلق. نحن ندفع لهم المال حتى لا يهاجموننا. ويبدو الوضع جيدا حتى الآن. ولكن ما الذي يحدث عندما يتوقف دفع المال؟». ورفضت الحكومة العراقية في البداية تبني تعيين المتطوعين بسبب خشيتها من احتمال ان يعود المتمردون السابقون الى العنف بعد رحيل القوات الأميركية التي تراقب أوضاعهم وتدفع لكل واحد مبلغ عشرة دولارات يوميا.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»