أولمرت يلمح إلى استعداده لتقاسم القدس في إطار تسوية

عشية زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل

TT

ضمن المساعي لإنجاح زيارة الرئيس الأميركي، جورج بوش، الى اسرائيل في 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، أدلى رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، بتصريحات سياسية لمح فيها الى استعداده للموافقة على المطلب الفلسطيني والدولي بتقاسم القدس الشرقية المحتلة مع الفلسطينيين.

وقال أولمرت في مقابلة مع صحيفة «جيروساليم بوست»، الصادرة في القدس الغربية باللغة الانجليزية، ان العالم كله يطالب اسرائيل بانهاء وجودها في المناطق التي احتلت في عام 1967. ولكن اسرائيل لا توافق على الانسحاب الى تلك الحدود بالكامل. وفي الوقت نفسه تعرف انه لا يمكن تجاهل الموقف الدولي. ولذلك فإن التسوية الشاملة للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني ستبنى على هذه الحدود، في القدس أيضا، مع اصرار اسرائيلي على ضم التجمعات السكانية في المستوطنات المحاذية للقدس وللخط الأخضر «لتبقى جزءا لا يتجزأ من دولة اسرائيل».

وكانت اوساط اسرائيلية قد تحدثت في نهاية السنة المنصرمة عن خلافات بين أولمرت ووزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، حول التقدم في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين. وقالت هذه الأوساط ان رايس تتهم أولمرت بالجبن والتردد الزائد عن الحد، وانها شكت لبعض المسؤولين الاسرائيليين الذين التقتهم مؤخرا من انه يظل يشكو من خطر انهيار الائتلاف الحكومي في حال التقدم بخطوات جدية نحو انجاز اتفاق سلام، مع انه يقود إحدى الحكومات الأكثر ثباتا في تاريخ اسرائيل. وقالت ان الرئيس بوش معني بتسوية هذا الصراع خلال دورة حكمه الحالية (حتى مطلع السنة المقبلة)، لكن أسلوب أولمرت لا يساعد في ذلك، مع ان بوش قدم أكبر خدمة لاسرائيل في تاريخ العلاقات بين البلدين. وأشارت رايس بذلك الى كتاب الضمانات الذي قدمه الى رئيس الوزراء السابق، أرييل شارون، وفيه يحدد موقفين مبدئيين يصبان في المصلحة الاسرائيلية، هما: الموافقة على المطلب الاسرائيلي بعدم العودة الى حدود 1967 بالكامل وضم التكتلات الاستيطانية الكبرى الى اسرائيل في اطار التسوية الدائمة، والموافقة على الموقف الاسرائيلي بأن تقتصر عودة اللاجئين الفلسطينيين الى تخوم الدولة الفلسطينية العتيدة وليس الى ديارهم التي رحلوا عنها سنة 1948. وقالت، حسب تلك المصادر، ان اسرائيل لم ترد على هذا العطاء الأميركي السخي بمواقف شجاعة وسخية. وهذا يزعج البيت الأبيض.

في المقابل ردت مصادر مقربة من أولمرت انه يشعر بأن رايس لا تدرك كنه السياسة الداخلية الاسرائيلية. وان أولمرت لا يختلف في المواقف الأساسية من حيث الجوهر عن موقف البيت الأبيض، لكنه يتحفظ من الوتيرة التي تحاول رايس فرضها. فهي متعجلة من أمرها. وتريد انجاز اتفاقات خلال أسابيع. ولا تأخذ بالاعتبار ان هنالك حزبين أساسيين في الحكومة «شاس»، (حزب اليهود الشرقيين المتدينين، برئاسة وزير التجارة والصناعة، ايلي يشاي)، و«اسرائيل بيتنا»، (حزب يميني متطرف تابع لليهود الروس، بزعامة وزير الشؤون الاستراتيجية، أفيغدور لبرمان)، يهددان بالانسحاب وباسقاط الحكومة في حال الاقدام على خطوات بعيدة المدى في موضوع القدس والاستيطان.

وكشفت هذه الأوساط ان اسرائيل أجهضت عدة زيارات كانت تنوي رايس القيام بها الى المنطقة في الشهور الماضية بسبب تردد أولمرت في تنفيذ أمور كان قد تعهد بها، مثل ازالة البؤر الاستيطانية العشوائية وحواجز عسكرية في الضفة الغربية واطلاق سراح أسرى فلسطينيين. وادعت انه في نقاش صاخب بين أولمرت ورايس هددها بأنه سيلتف عليها ويتصل مباشرة بالرئيس بوش. فأجابته: «ستسمع منه نفس الأجوبة».

ونفذ أولمرت تهديده وشكا رايس أمام بوش، فصمت هذا ولم يرد. وحسب مصدر مقرب من البيت الأبيض، فقد علق بوش على أقوال أولمرت لاحقا، فقال في جلسة داخلية، أنني أود أولمرت ولكنني أود رايس أكثر.

وتعتقد تلك الأوساط بأن بوش قرر القيام بزيارة الى المنطقة لكي يعطي دفعة لأولمرت، حتى يجرؤ على اتخاذ مواقف أفضل تساعد على التقدم في المسيرة السلمية. إلا ان المقربين من أولمرت يقولون ان جل زيارة بوش ستتركز على موضوع مواجهة سباق التسلح النووي الايراني. وانه في الموضوع الاسرائيلي ـ الفلسطيني يوجد تفاهم شبه مطبق بين اسرائيل والولايات المتحدة.