موقفان في الحكومة الإسرائيلية إزاء التفاوض الشامل مع حماس

أحدهما مؤيد تقوده لفني وقادة وعسكريون والثاني معارض يتصدره باراك

TT

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، ان عددا من كبار الوزراء والمسؤولين السياسيين والعسكريين في الحكومة الاسرائيلية يؤيد اجراء مفاوضات شاملة مع حركة «حماس» حول هدنة طويلة الأمد، لمدة 10 ـ 15 سنة، لكن المخابرات الاسرائيلية ووزير الدفاع، ايهود باراك، يعارضان ذلك بشكل حاد.

وقالت مصادر اعلامية مطلعة، أمس، ان الاجتماعات الأخيرة التي أجريت في الأطر الأمنية المغلقة للحكومة، بمشاركة رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، وباراك، شهدت نقاشات حادة. ودلت على اتفاق الجميع على ضرورة التفاوض مع «حماس»، ولكن هناك خلافا حول مضمون التفاوض. وانقسم المسؤولون الى تيارين في الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية: تيار يقول ان المفاوضات معها يجب أن تقتصر على صفقة تبادل أسرى يتم خلالها اطلاق سراح الجندي الأسير، جلعاد شليط، مقابل 1100 أسير فلسطيني، والتيار الثاني يؤيد التفاوض مع «حماس» حول صفقة شاملة تتضمن الاتفاق على اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة تقل عن حدود 1967 مقابل هدنة طويلة الأمد تدوم 10 – 15 سنة.

ويقول مؤيدو الاتفاق الشامل مع «حماس» انه رغم ان هذه الحركة تفسح المجال أمام التنظيمات العسكرية الفلسطينية اطلاق الصواريخ والقذائف على اسرائيل، إلا ان عناصرها لم ينفذوا أي عملية تفجير منظمة ضد اسرائيل، منذ فوزها في الانتخابات وحتى اليوم، وهذه رسالة واضحة منها بأنها حركة جدية قادرة على الانضباط وتنفيذ الالتزام. والتعاطي معها مجد. وبسبب موقف «حماس» هذا، لم تنفذ عمليات تفجير نوعية ضد اسرائيل في السنة الأخيرة، وانخفض عدد القتلى الاسرائيليين الى 13 (24 في سنة 2006 و50 قتيلا في سنة 2005 و109 قتلى في سنة 2004 و199 في سنة 2003 و426 في سنة 2002 و201 في سنة 2001).

ولكن المخابرات رفضت هذا المنطق التحليلي وقالت ان انخفاض عدد العمليات الفلسطينية وعدد القتلى الاسرائيليين ناجم عن الجهود الكبيرة للجيش والمخابرات ضد التنظيمات الفلسطينية بشكل مثابر تستفيد فيه من تجارب الماضي. ويعزو هؤلاء موقف «حماس» الى انها عندما وصلت الى الحكم، قررت التفرغ لتثبيت حكمها، وصيانة عناصرها العسكرية والقيادية لمهمات مستقبلية. وان ما دفع «حماس» الى طلب الهدنة هو خوف قادتها من التصفيات الاسرائيلية لهم. فهم جميعا مهددون. ويعرفون ان اسرائيل تستطيع تصفيتهم فردا فردا، لكنها لا تفعل بسبب وجود الجندي شليط أسيرا بأيديها. ويقود تيار العداء لحركة «حماس» ورفض التفاوض معها باراك، ونائب رئيس الوزراء، حايم رامون، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، ورئيس المخابرات العامة، يوفال ديسكين، فيما يقود التيار الثاني، عدد من قادة الجيش ووزيرة الخارجية، تسيبي لفني، ويميل اليهما رئيس الوزراء، ايهود أولمرت. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، فإن أصوات ترتفع لدى التيارين تنتقد أولمرت لأنه لا يتحلى بالشجاعة الكافية لاتخاذ موقف حازم من هذا الخلاف. وحتى وهو يسعى الى اتفاق مع «حماس» حول صفقة تبادل الأسرى، يمتنع عن اتخاذ موقف حاسم في نوعية الأسرى الفلسطينيين الذين ينبغي اطلاق سراحهم. ويحاول القاء المسؤولية على قادة الأجهزة الأمنية.

وقال أحدهم للصحيفة: عندما نفذت الحكومات السابقة صفقات كهذه مع التنظيمات الفلسطينية وحزب الله اللبناني، اتخذ رؤساؤها، قراراتهم بشكل مستقل وتحملوا المسؤولية كاملة عن ذلك. وبرز بينهم في اتخاذ القرار الشجاع شارون وباراك. لكن أولمرت يتهرب من المسؤولية وينتظر الحسم من أجهزة الأمن. ولذلك أقام اطارا خاصا في الحكومة، برئاسة نائبه رامون وعضوية رؤساء الأجهزة والوزارات الأمنية، لتحدد نوعية الأسرى. وهذه اللجنة هي التي قررت اطلاق سراح مجموعات ممن تطلق عليهم اسرائيل «أيديهم ملطخة بالدماء»، إذا كان ضحاياهم عملاء فلسطينيين أو جرحى اسرائيليين. بيد ان «حماس» تطلب اطلاق سراح أسرى كبار، ممن أدينوا بعمليات تفجير وقع فيها قتلى. وما يعيق اتخاذ قرار صارم، حسب الصحيفة، هو أولمرت نفسه. وينتقده هؤلاء ويحملونه مسؤولية التأخير في اطلاق سراح شليط بسبب تردده وضعفه.