المعلم يعلن «وقف تعاون» سورية مع فرنسا ويحمل «الدور الأميركي» مسؤولية التعطيل

تمنى أن تكون لدى السعودية ومصر مبادرة وقال «سأصفق لهما إذا نجحتا»

وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال مؤتمره الصحافي في دمشق (أ ب)
TT

ردا على اعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من القاهرة، الاحد الماضي، «تعليق» الاتصالات مع سورية حول ازمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني، أعلن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم أمس، أن سورية قررت «وقف التعاون» مع فرنسا بشأن الأزمة اللبنانية. واتهم المعلم، في مؤتمر صحافي عقده في دمشق، الولايات المتحدة و«أطرافاً أخرى» ـ لم يسمها ـ بأنها تريد أيضا تحميل سورية مسؤولية الفشل في التوصل إلى حل في لبنان في حين أن «الدور الأميركي واضح في تعطيله للجهود الفرنسية والمبادرة الفرنسية قبل كل شيء». وقال إن رهان «البعض» في لبنان على الدور الأميركي وتغيير «البعض» لمواقفهم بين ليلة وضحاها كلها مؤشر على أن «التدخل الأميركي في لبنان واضح المعالم عميق الأثر». وقال الوزير السوري إن الإطار الذي جرى الاتفاق عليه مع المبعوث الفرنسي كلود غيان في أول لقاء له مع الرئيس بشار الأسد ان يكون الحل في لبنان حلا توافقيا يشمل: «انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع قانون جديد للانتخابات وتحييد الدور الأميركي المعطل للوفاق الوطني في لبنان»، كما تم الاتفاق أيضا على «الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وليس ممارسة الضغط على طرف بحيث يصبح الحل قائما على أساس غالب ومغلوب»، استناد إلى أن «الصيغة اللبنانية الضامنة للاستقرار في لبنان تقوم على العيش المشترك والشراكة بين جميع مكونات الشعب اللبناني وتقوم على التوافق». وأضاف: «هذا ما سعت إليه سورية بالتعاون مع فرنسا، والدور الذي قامت به سورية كان دور المساعد والمسهل» للتوصل إلى حل «وفق الصيغة اللبنانية» بما يضمن استقرار لبنان وأمنه، أكد انه لم يكن «في لحظة من اللحظات مفهوما لدى الفرنسيين أن سورية ستمارس ضغطا على المعارضة من اجل تمرير ما يريده الطرف الآخر».

وبحسب الوزير المعلم فان الجهود تعثرت في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية «نظرا لإصرار الأكثرية على ألا تكون نسبة تمثيل المعارضة في الحكومة معادلة لنسبة كتلتها في مجلس النواب» وأنه بموجب الاتفاق «الأكثرية هي الجهة التي يتعين على فرنسا التفاهم معها» كما «لم يتم تحييد الدور الأميركي بل عادت الولايات المتحدة إلى ممارسة ما وصفه «بالدور المعطل».

وأشار المعلم إلى زيارتي المسؤول الاميركي ديفيد وولش إلى لبنان وما صدر من مواقف وتصريحات أميركية مناقضة للأسس التي قامت عليها الجهود السورية الفرنسية، فالرئيس الأمريكي جورج بوش أعلن انه سيدعم انتخاب رئيس بالنصف زائدا واحدا، مع «انهم يعرفون ان مثل هذا التوجه لا يعنى توجها باتجاه امن واستقرار لبنان» الذي لا يصان إلا «بالتوافق والشراكة والعيش المشترك». وقال المعلم إنه أكد ذلك وشرح واقع لبنان لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس خلال لقائه معها «لذلك فان الدور الاميركي واضح في تعطيله للجهود الفرنسية والمبادرة الفرنسية قبل كل شيء».

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول رأي الأميركيين بالورقة الفرنسية المتفق عليها مع سورية، للحل في لبنان، والتي قال عضوا الكونغرس الأميركيان آرلن سبكتر وباتريك كندي أنه أطلعهما عليها خلال زيارتهما إلى دمشق، أشار المعلم إلى «الفارق في الرأي بين الإدارة وأعضاء الكونغرس الذين أبدوا «تأييدهم ودعمهم للجهود السورية الفرنسية. أما موقف الإدارة فحتى الآن مختلف». وقال المعلم إنه تم «الاتفاق مع فرنسا بتاريخ 28 ـ12ـ2007 «على مشروع الحل الشامل للازمة في لبنان وهو في الأساس «مشروع تقدمت به فرنسا ودعمته سورية وسعت للحصول على موافقة المعارضة عليه بتاريخ 30ـ12ـ2007 »، وبيّن المعلم أنه كان واضحا من الورقة تفهم فرنسا لضرورة أن يكون الحل في لبنان عبر «سلة كاملة تتضمن انتخابات رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية حسب حجم الكتل البرلمانية وقانون انتخاب جديد» وكان الاتفاق ان تقوم فرنسا بعرضها على سعد الحريري وعلى السعوديين وان تعرضها سورية على المعارضة اللبنانية التي بدأت بدورها «تبدي استجابة واضحة». وأضاف المعلم «لكننا فوجئنا بالمؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس ساركوزي في القاهرة الأحد الماضي واستغربنا تحميل سورية والمعارضة اللبنانية المسؤولية عن الفشل»، رغم ما بذلته سورية طيلة الأسابيع الماضية من جهود تعرفها فرنسا قبل غيرها ورغم ما أبدته المعارضة من مرونة لتسهيل التوصل إلى حل توافقي» وأعطى المعلم مثالاً على مرونة المعارضة تخلي العماد ميشال عون عن ترشحه للرئاسة اللبنانية رغم ما يمثله وما يتمتع به من شعبية واسعة. وفي تفسيره لتصريحات ساركوزي قال المعلم انه كان واضحاً أن «الجهود الفرنسية مع سعد الحريري وغيره على ما تم الاتفاق عليه مع الفرنسيين «باء بالفشل». وقال المعلم انه تلقى رسالة خطية بتاريخ 31ـ12ـ2007 من الجانب الفرنسي «تؤكد عدم قدرتهم على تسويق ما اتفق عليه لدى الجانب الآخر»، وأضاف أن الفرنسيين حملوا سورية «مسؤولية فشلهم في إقناع الأكثرية بقبول المشروع الفرنسي». ولذا «قررت سورية وقف التعاون السوري الفرنسي بصدد حل الأزمة اللبنانية».

وردا على سؤال عما إذا كان يمكن الفهم بأن النائب سعد الحريري رفض إعطاء المعارضة الثلث الضامن وبالتالي أفشل المشروع الفرنسي أجاب الوزير المعلم ..«يمكن اعتبار ذلك».

وردا على من يقول من الأطراف الدولية والإقليمية أن على سورية «بما تملك من صداقات وتأثير في لبنان ان تمارس دور الضاغط على أصدقائها ليقبلوا ما تريده «الأكثرية ومن وراءها» في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية أي «احتكار القرار» قال المعلم : «إذا كانت المسألة مجرد ما تملكه دولة ما من نفوذ وتأثير فان غيرنا من الأشقاء العرب يملك تأثيرا على بعض قوى واسعة من جماعة 14 شباط اكبر مما تملك سورية على أصدقائها في المعارضة»، متسائلاً « لماذا لا يستخدمون هذا النفوذ والتأثير للدفع باتجاه قبول ما يتفق عليه والصيغة اللبنانية في الشراكة والعيش المشترك في صيغة لا غالب ولا مغلوب».

وأعرب المعلم عن تمنياته في ان تكون «لدى السعودية ومصر مبادرة في شأن الوضع في لبنان وان تنجحا فيها» وأضاف:«سأصفق لهما اذا نجحتا». وردا على سؤال عما إذا كانت الازمة اللبنانية ستؤثر على العلاقات العربية وعلى انعقاد القمة العربية المقررة في دمشق في مارس (آذار) المقبل قال المعلم «إذا كان هناك من يخطط لعرقلة الحل في لبنان من اجل عرقلة القمة العربية العشرين في دمشق فأعتقد انه مخطئ وينسف العمل العربي المشترك» وأكد «إن القمة ستعقد في موعدها وفي دمشق بغض النظر عن التطورات الراهنة في لبنان». وفيما يتعلق بتفسيره لتصريحات الرئيس المصري في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الفرنسي قال «هذه المعادلة تدعو إلى الحيرة، من جهة يطالبون بعدم التدخل الخارجي بالشأن اللبناني ومن جهة أخرى يطالبون بأن تستخدم سورية صداقتها في لبنان وهم يتفرجون هذا شيء محير». وأضاف: «قرارنا أن لا نتدخل في الشأن اللبناني»، مضيفاً «إذا جاء من الأصدقاء والأشقاء من ينوي وفق قاعدة التوافق تسهيل الحل فنحن جاهزون للتعاون وليس التدخل فى الحل.. أما ان تقوم سورية بالضغط على المعارضة من اجل أن تفرض الأكثرية إرادتها واحتكار السلطة فهذا وهم.. سورية لن تقوم بذلك». مشددا على «أن سورية لا تعقد صفقات على حساب المعارضة اللبنانية او على حساب اي احد اخر مشيرا إلى موضوع المحكمة الدولية هو ما أعلنته سورية مرات عديدة من ان هذا الموضوع لا يتعلق بسورية ولا يعنيها».

وعما إذا كان وقف التعاون السوري مع فرنسا سيؤثر على العلاقات مع فرنسا وعلى الانفتاح الأوروبي تجاه سورية قال المعلم إن الرئيس الأسد أكد منذ البداية للمبعوث الفرنسي رفض سورية «ربط علاقاتها الثنائية بطرف ثالث». وحول العلاقات السورية ـ الفرنسية قال المعلم «سورية لا تستطيع الاستغناء عن دور فرنسا في أوروبا كما أن فرنسا لا تستطيع الاستغناء عن سورية في مسائل المنطقة» واحدى هذه المسائل هو الانتخابات في لبنان.

وفي إجابته على سؤال يتعلق باجتماع وزراء الخارجية العرب لبحث الأزمة في لبنان قال المعلم ان سورية ستحضر اجتماع وزراء الخارجية العرب وستسعى «للتضامن العربي وليس للفرقة العربية» لكن هذا المسعى يحتاج إلى استجابة الآخرين.. إن «سورية لوحدها لا تستطيع أن تقيم تضامنا عربيا».