مقتل 4 وجرح 12 في هجوم انتحاري بالجزائر

شهود تابعوا بذهول اصطدام السيارة بمقر الشرطة

عناصر من الشرطة والحماية المدنية، أمام مبنى الشرطة المستهدف أمس (أ.ب)
TT

قتل أربعة من عناصر الشرطة وجرح 12 شخصاً، في اعتداء انتحاري استهدف أمس، مركزاً للشرطة في منطقة الناصرية الواقعة شرق العاصمة الجزائرية.

ففي حدود الساعة السادسة و45 دقيقة صباحاً بالتوقيت المحلي، شاهد بعض سكان الناصرية (65 كلم شرق العاصمة)، شخصا مجهولا بداخل شاحنة صغيرة، يقودها بسرعة كبيرة صوب مبنى الأمن الحضري، الذي يقع بقلب المدينة. وأصيب من صاحبوه بأنظارهم بذهول كبير، حسب شهاداتهم، وهم يرونه يصدم سيارته بمقر الشرطة محدثاً دماراً كبيراً مما أدى إلى انهيار جزء كبير من المبنى من شدة الانفجار الذي سمع على بعد أمتار بعيدة.

والتقت «الشرق الأوسط» بعض الشهود وسط ركام مبنى الشرطة الذي انبعثت منه رائحة الدم ممزوجة بالغبار. وقال شاب في الثلاثين يسكن على بعد 30 متراً من مركز الشرطة: «بعد أقل من 10 دقائق من استفاقتي من النوم، سمعت دوي انفجار هائل في الخارج اهتز البيت لقوته وسقط جزء من السقف. أسرعت إلى الباب لأخرج فوجدت صديقي أمامي ليخبرني أن مقر الشرطة بوسط المدينة تعرض للتخريب بواسطة القنبلة، ولما توجهنا إليه وجدناه ركاما وأربعة من موظفيه عبارة عن أشلاء مبعثرة، وهم من أعوان الشرطة الذين نراهم يومياً في المدينة».

ونقل رجل عن ابنه المراهق، أنه شاهد شاحنة صغيرة يابانية الصنع، تنطلق من مخرج المدينة، الذي يقود إلى غابة سيدي علي بوناب الشهيرة بكونها معقلا للجماعات المسلحة، وقد اتجه، حسبه، صوب مبنى الشرطة الذي يشهد حراسة مشددة يومياً خوفاً من تعرضه لهجمات. وذكرت الإذاعة الرسمية ان سيارة تويوتا استخدمت في الاعتداء. وأوعز مسؤولون أمنيون سهولة اقتحام المركز الأمني إلى حال من التراخي في صفوف المشرفين على الحاجز الأمني، الذي يتقدم المقر بحوالي 30 متراً.

ووضع أفراد الشرطة العلمية، الذين انتشروا كالنحل في محيط التفجير، قطعا صغيرة من أجساد الضحايا في علبة من الكرتون تحسبا لنقلها إلى المخبر لإخضاعها للتحليل. وظهرت في العلبة بقايا رأس شخص، رجح شرطي أنه لأحد أعوان الأمن الذين قتلوا في الانفجار. وأشار نفس المصدر إلى صفائح متناثرة قرب المبنى، وقال إنها أجزاء السيارة التي فجرها الانتحاري. ولوحظ انتشار الكلاب المدربة بحثا عن أشلاء القتلى. وذكرت الإذاعة الرسمية أن عدد الجرحى بلغ 12 شخصاً بينهم تسعة من الشرطة. وتضررت عمارات ومساكن ومحلات مدينة الناصرية بشكل كبير، ما استدعى تدخل عمال البلدية لإزالة مئات الشظايا من الشوارع، وتم فتح المدينة لحركة المرور من جديد.

واللافت أن سكان الناصرية تعاملوا مع الحدث وكأنه عادي. وقال أحدهم إن السكان ألفوا الوضع الأمني المتدهور منذ سنين طويلة، وأصبحوا يتعايشون معه وكأنه جزء من حياتهم اليومية. وتعد الناصرية التابعة إدارياً لولاية بومرداس، جزءأ في «المنطقة الثانية» في هيكل «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي»، التي لا يساور مصالح الأمن شك، في أنه وراء عملية أمس.

وقد هدد التنظيم بعد أحداث 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي (تفجير مكاتب الأمم المتحدة ومقر المجلس الدستوري بالعاصمة، خلفت 46 قتيلاً)، بشن مزيد من الهجمات الانتحارية خلال العام الجديد، ودعا المدنيين إلى الابتعاد عن المقار الأمنية والمباني الحكومية والتابعة لمصالح أجنبية، لأنها ستكون هدفا لاعتداءات بواسطة المتفجرات في المستقبل.