فرنسا ترد على المعلم: لا وجود لوثيقة تفاهم مع دمشق والانتخابات الرئاسية

يمكن أن تحصل إذا «أرادت» سورية

TT

فيما نفت الخارجية الفرنسية أمس، ردا على تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وجود «وثيقة تفاهم» رسمية فرنسية ـ سورية لتسوية الأزمة اللبنانية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، قالت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل السياسي» بين فرنسا وسورية انقطع «لكن التواصل الدبلوماسي» على مستوى السفير الفرنسي في دمشق والسفارة السورية في باريس «ما زال قائما». وتوقعت المصادر الفرنسية أن «يقوى» الضغط السياسي العربي والدولي على سورية لتسهيل الانتخابات في لبنان وأن ينتج عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب المنتظر عقده في القاهرة الأحد المقبل «إحياء دينامية عربية ودولية» لوضع حد للفراغ الرئاسي.

وردت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني في المؤتمر الصحافي الإلكتروني ظهر أمس، على إعلان الوزير المعلم وضع حد للتعاون بين بلاده وفرنسا حول لبنان بالقول: إن باريس «أخذت علما» بما قاله الوزير السوري، لكنها وضعته في إطار تصريحات الرئيس ساركوزي في القاهرة التي اعلن فيها أن بلاده «ستوقف» كل اتصالاتها مع دمشق طالما لم يتوافر لها الدليل على مساهمة سورية إيجابية لوضع حد للأزمة اللبنانية. ولا تعتبر باريس أنها أعطت دمشق «دورا محوريا» من خلال انفتاحها عليها في البحث عن حل كما لا تعتبر أن انقطاع «تعاونها» مع دمشق يعني نهاية «الوساطة» التي تقوم بها. وقالت أندرياني إن باريس «جاهزة باستمرار من جانبها للمساهمة في البحث عن حل». لكن مصادر سياسية في العاصمة الفرنسية رأت أن «الخلاف» مع دمشق ووصول الأمور بين العاصمتين الى حد «الانقطاع» من شأنه أن «ينسف» الوساطة الفرنسية باعتبار أن سورية «قد تلجأ الى استخدام الفيتو ضد الوساطة الفرنسية عبر حلفائها في المعارضة اللبنانية».

وردت باريس كذلك على تأكيدات دمشق المتكررة حول وجود وثيقة تفاهم فرنسية ـ سورية وصفها المعلم بأنها «اتفاق على حل شامل» للأزمة اللبنانية تم التوصل اليه في 28 الشهر الماضي أي قبل يومين من كلام ساركوزي في القاهرة بالقول إنها «لا تؤكد وجود مثل هذه الوثيقة» بل كان هناك «تبادل لوجهات النظر» بين سورية وفرنسا «يفرض تسهيل التوافق بين اللبنانيين لانتخاب رئيس يحظى بأوسع دعم. وشرحت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» ما حصل بقولها إنه كانت هناك «أفكار متبادلة لا يمكن وصفها بالاتفاق» وأن باريس اعتبرت ان هذه الأفكار «ليست نهائية وهي تحتاج للمناقشة لموافقة الأطراف المعنية». وعلى سبيل المقاربة، قالت المصادر الفرنسية إنه يمكن تسميتها بـ«لا ورقة» وهو مفهوم يستخدم في مجلس الأمن الدولي عند طرح أفكار حول مشروع قرار يكون أساسا للتشاور ومنطلقا يتم ادخال التعديلات الضرورية عليه. ويتعلق الخلاف بين باريس ودمشق بمسألة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية وتحديدا حصص الأكثرية والمعارضة وحصة رئيس الجمهورية. وترفض الاكثرية إعطاء الأقلية «الثلث المعطل» أي 11 وزيرا بينما تربط المعارضة مشاركتها في الانتخاب بحصولها على هذه النسبة في إطار «سلة تفاهم» سياسي شاملة بين الجانبين. وعلقت المصادر الفرنسية على تأكيد المعلم بأن ثلاثة اتصالات هاتفية حصلت بين كلود غيان، أمين عام الرئاسة وبينه بالقول، إنه بالنسبة اليها «حصل اتصال هاتفي واحد كان غرضه إعلام السلطات السورية رسميا بوقف الحوار معها». وترد باريس على قول المعلم بان دمشق لا تريد ان تضغط على المعارضة وأن المعارضة «لا تفبل الضغوط»، بالقول إن فرنسا ومعها دول كثيرة «تعرف» أن لدمشق قدرة كبيرة في التأثير على المعارضة و«إذا أرادت أن تحصل الانتخابات فستحصل».

وتربط باريس اليوم وأكثر من أي يوم مضى بين علاقاتها بسورية وطريقة التعاطي السوري مع الملف اللبناني. ومع انتهاء الانفتاح الفرنسي على سورية يبدو أن باريس تراهن، وفق مصادرها، على الدور العربي كما سيبرز في اجتماع القاهرة وعلى استخدام ورقة القمة العربية المنتظرة في دمشق في شهر مارس (آذار) المقبل لجهة نجاحها أو فشلها لحث سورية على التجاوب. كما تستطيع باريس أن تعبئ مجددا مجلس الأمن بحجة أن الفراغ الرئاسي من شأنه تهديد السلم الأهلي في لبنان وضرب الاسقرار في المنطقة بما يوفر مدخلا لمجلس الأمن للإطلالة على الانتخابات الرئاسية اللبنانية. ولا تنسى باريس المحكمة الدولية خصوصا أن العبارات الغامضة التي استخدمها الرئيس ساركوزي تحمل أكثر من مغزى وهي «رسائل» تعتبر فرنسا أنه يمكن التعويل عليها. وأمس قالت أندرياني إن فرنسا «ملتزمة بإقامة المحكمة الدولية التي يتعين عليها أن تبدأ اعمالها سريعا».