واشنطن غير مقتنعة برواية إسلام آباد حول مقتل بوتو

مسؤولون أميركيون يكشفون عدم رضاهم عن الترتيبات الأمنية لها

TT

قال مسؤولون أميركيون اول من أمس ان محللي الاستخبارات في الولايات المتحدة غير مقتنعين بالدلائل المقدمة حتى الآن من جانب السلطات الباكستانية القاضية بأن متطرفا مرتبطا بتنظيم «القاعدة» هو المسؤول عن اغتيال بي نظير بوتو. واعتبرت السلطات الباكستانية، اعتمادا على دليل واحد من تنصت استخباراتي بعد يوم من مصرع بوتو، الزعيم المتطرف بيت الله محسود المتهم الرئيسي الذي يقف خلف الهجوم.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الاميركية، الذي طلب مثل غيره من مسؤولين اميركيين تم الاتصال بهم لاعداد هذه المقالة عدم الكشف عن اسمه بسبب استمرار التحقيق، انه «بقدر ما اعلم فان الباكستانيين يقولون ان هذا هو الدليل. وقبل ان يجيب اصحابنا بالايجاب او النفي فانهم بحاجة الى ما هو اكثر من شيء واحد، حتى وان كان دليلا ملموسا». وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان محللين يدرسون عدداً من الأعداء الآخرين المحتملين لبوتو، بينهم عناصر من جماعات «طالبان» الباكستانية ومتطرفون اسلاميون آخرون. واوضح المسؤول: «يوجد كثير من الناس ممن كانوا يريدون قتلها، مما يجعل من الصعب ان ننسب الحدث لجهة معينة».

وقال المسؤولون الأميركيون ان الولايات المتحدة ليس لديها امكانية للاطلاع على كل المعلومات المتيسرة لدى السلطات الباكستانية، وان محسود قد يكون، في نهاية المطاف، من يتحمل المسؤولية عن الهجوم على بوتو.

وارتباطا بتنامي الشكوك داخل باكستان وخارجها حول كفاءة وموضوعية التحقيق في اغتيال بوتو، من المتوقع أن يطلب الرئيس برويز مشرف من الشرطة البريطانية ارسال تقنيين للمساعدة في التحقيق وفقا لما ذكره مسؤول اميركي.

ويحث مسؤولون كبار من ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ومشرعون أميركيون من كلا الحزبين سرا الرئيس مشرف على السماح بمشاركة دولية في التحقيق لمنحه مصداقية من جانب عائلة بوتو ومؤيديها، ومن أجل التخفيف من الاضطراب المدني.

وبينما يقف فريق من خبراء الطب العدلي من «مكتب المباحث الفيدرالي» على أهبة الاستعداد للتوجه جواً الى باكستان، قال مسؤول أميركي أول من امس ان ارسال اخصائيين بريطانيين قد يثير توترات أقل في باكستان.

ومن غير المحتمل أن تساهم مشاركة خبراء دوليون في التخفيف من تهدئة مشاعر مؤيدي بوتو، بمن فيهم زوجها آصف علي زرداري وابنها بيلاوال بوتو الذي جرى اختياره رئيسا لحزب الشعب الباكستاني.

ودعا آصفي زرداري إلى إجراء تحقيق دولي على نمط التحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005. ولكن استبعد السفير الباكستاني لدى واشنطن، محمود علي دوراني، ذلك الاحتمال. وقال في مقابلة هاتفية يوم الاثنين الماضي ان مثل هذا التحقيق الدولي يطرح «تعقيدات كثيرة».

وقد شكا زرداري ايضا من «اخفاق» ادارة بوش في الضغط على حكومة مشرف بما يكفي لتوفير الأمن المناسب لزوجته. غير ان مسؤولين اميركيين ردوا قائلين انهم قدموا تقارير مستمرة للمخاطر ضد بوتو ومستشاريها السياسيين، حتى قبل ان تعود الى باكستان يوم 18 أكتوبر الماضي من منفاها الاختياري.

وافاد مسؤولون استخباراتيون أميركيون انهم لم يتلقوا معلومات محددة حول هجوم في تاريخ أو وقت او مكان معين. وقال المسؤول من وزارة الخارجية الاميركية ان «مسؤولين أميركيين التقوا مرارا وتكرارا مع رئيسة الوزراء السابقة بوتو وأفراد عائلتها، وبينهم زرداري، لبحث مخاوفها الأمنية». واضاف: «قدمنا مشورة عامة وليست مفصلة مثل الطريق الذي يجب ان تسلكه أو التجمع الذي تحضره».

وأوضح المسؤول انه في كل مرة طلبت فيها بوتو أو مستشاروها مساعدة الادارة الاميركية في الحصول على تحسين الاجراءات الأمنية لها، فان مسؤولين من الادارة أو السفارة كانوا يطرحون قضيتها بإلحاح مع السلطات الباكستانية. وقال المسؤول ان دبلوماسيين في السفارة الأميركية في إسلام آباد، وبينهم السفيرة آن باترسون، كانوا على اتصال يومي مع مسؤولين من حزب بوتو. وأشار المسؤول الى أن الأميركيين قدموا معلومات ونصيحة خاصة حول تعيين حراس امنيين خاصين، وهي مشورة رفضتها بوتو ومساعدوها بازدراء جلي.

ولم يشجع دبلوماسيون وخبراء أمن في السفارة الأميركية، على سبيل المثال، بوتو على تكليف شركات أمن اميركية أو بريطانية خاصة، خشية أن يلفت الحراس الغربيون الأنظار الى بوتو لتكون بذلك هدفا.

واقترح ضباط الأمن في السفارة، بدلا من ذلك، أسماء ست من شركات أمن باكستانية كانت الولايات المتحدة ودول غربية قد استخدمتها لحماية موظفيها. وقال المسؤول في وزارة الخارجية ان «الشركات المحلية لديها حراس يتحدثون اللغة ويعرفون المحيط». غير ان بوتو وزوجها رفضا الاقتراح، وفقا لما قاله المسؤول، وكان ذلك في اطار خوفهما من أن حتى الشركات الباكستانية ذات السمعة الجيدة يمكن أن تكون مخترقة من قبل المتطرفين.

* خدمة «نيويورك تايمز»