بدء السباق نحو البيت الأبيض.. وأيوا نقطة الانطلاق

المرشحون يحثون الناخبين على المشاركة في الانتخابات في رسائل الدقائق الأخيرة

مؤيدون للمرشح الديمقراطي باراك أوباما يستمعون اليه عشية بدء الانتخابات المرحلية (أ.ب)
TT

عشية أول امتحان حقيقي بعيدا عن استطلاعات الرأي التي تحمل هوامش أخطاء، بدا أن همّ المرشحين الـ15 للانتخابات الاميركية أصبح مشتركا وباتوا كلهم يتكلمون لغة واحدة بدلا من انتقاد بعضهم البعض. فالهم المشترك بينهم كان جذب الاميركيين في ولاية ايوا الى صناديق الاقتراع. وقبل ساعات على بدء التصويت في المجالس الانتخابية، توجه المرشحون الى ناخبيهم عبر شاشات التلفزة وحجز كثير منهم مساحات اعلانية على محطات التلفزة لتوجيه رسالة الدقائق الاخيرة. وتوجهت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون الى الناخبين في اعلان بثته محطات التلفزة في ساعة الذروة مساء لمدة دقيقتين، قائلة: «أعرف أنكم انتظرتم طويلا رئيسا يراكم ويسمعكم. أود أن أكون هذا الرئيس. لذا أطلب منكم أن تصوتوا لي غدا (اليوم). ضعوا معاطفكم واتصلوا بصديق وساعدوني لتغيير أميركا». وأضافت: «يبدأ هذا العام والولايات المتحدة على مفترق طرق. نحن أمة في حالة حرب في عالم خطير. اقتصادنا يتعثر وهناك 47 مليون شخص من دون ضمان صحي».

أما منافسها باراك أوباما الذي ظهر هو الاخر في اعلان لمدة دقيقتين في ساعة الذورة مساء، فقد توجه الى الناخبين قائلا: «الاستطلاعات تبدو جيدة، ولكنها ليست كافية. الامر الوحيد الذي يؤثر هو ظهوركم أو عدمه في انتخابات المجالس».

وفي الجانب الآخر لدى الجمهوريين، ظهر مايك هاكابي، القس السابق الذي يتقدم استطلاعات الرأي لدى الجمهوريين، يتحدث الى المئات: «لا تذهبوا لوحدكم خذوا أشخاص آخرين معكم. املأوا سياراتكم. استأجروا حافلة. اخطفوا حافلة رعيتكم، افعلوا ما يلزم لمساعدة الاشخاص الذين يريدون التصويت لي للوصول الى المكان الذي يصوتون فيه».

إلا ان منافس هوكابي الاقرب ميت رومني، وهو يتبع المورمونية وهي طائفة مسيحية متشددة، اعتمد سياسة أخرى وقال في حديث الى تلفزيون الـ«سي إن إن» مساء أمس إنه وزوجته «لن يحرجا الولايات المتحدة كما فعل آل كلينتون اذا وصلا الى البيت الابيض». وقال: «سنحاول ان نمثل أنفسنا ووطننا بطريقة جيدة وامام اولادنا أيضا لانني أعتقد ان الاطفال يشاهدون البيت الابيض وفي الماضي كان هناك خيبات أمل كبيرة في البيت الابيض... اذا عدنا الى سنوات كلينتون...».

ويسعى المرشحون الى استقطاب الناخبين المترددين والذين لم يقرروا لمن سيقترعون بعد، ويمكن لهذه الشريحة أن تشكل فارقا مهما في تقدم مرسح على آخر. وبدأ الاف «المتطوعين» من كل انحاء الولايات المتحدة واضعين شارات تحمل صورة مرشحهم بالتوافد الى ايوا. ويقوم هؤلاء المتطوعون في مجموعات من شخصين او ثلاثة اشخاص واحيانا منفردين بزيارة الناخبين في منازلهم مذكرين بقواعد هذه الانتخابات المعقدة. فعلى الناخبين ان يذهبوا للتصويت كلهم في الوقت نفسه وليس في الوقت الذي يختارونه. وعملية الاقتراع مفتوحة فقط امام الناخبين المنتمين الى الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري فقط لكن الكل حر في الانضمام الى حزب او تغيير انتمائه الحزبي حتى في ليلة التصويت.

وفي الاستطلاعات الاخيرة، يبدو ان المواجهة في ايوا منحصرة بين هاكابي ورومني، الا ان السناتور السابق عن ولاية اريزونا جون ماكين قد يحدث المفاجأة في نهاية المطاف. ويلقى ماكين دعما من صحيفة «دي موين ريدجيستر» النافذة، واحتل المرتبة الثالثة في استطلاع للرأي اجرته الصحيفة الثلاثاء. وفي حال تأكدت هذه النتيجة اليوم وفاز ماكين بعد خمسة ايام على ذلك في نيو هامبشير فان بطل حرب فيتنام السابق سيكون في موقع جيد جدا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية.

ويحتل مايك هاكابي المرتبة الأولى مع 32 في المائة من الأصوات المحتملة، أمام ميت رومني، الذي اثير حوله الكثير من الجدل بسبب اعتناقه المذهب المورموني مع 26 في المائة وجون ماكين مع 13 في المائة. وقد يتلاشى فوز هاكابي في ايوا في حال لم يتعزز من خلال انتخابات نيو هامبشير. ووضع رومني في نيو هامبشير رهنا جزئيا بنتائج ايوا. وفي حال عدم تحقيقه نتائج جيدة اليوم فان رجل الاعمال الثري من طائفة المرمون الذي انفق ملايين الدولارات في ايوا قد يجد نفسه امام مهمة معقدة اكثر.

وفي الجانب الديمقراطي فان التنافس لايزال على اشده. ويبدو من الصعب تحديد نتائج هذا الاقتراع مسبقاً، إذ أظهرت بعض الإحصائيات الأولية تقدماً طفيفاً لكلينتون على منافسها الأبرز أوباما، مع هامش خطأ واسع، فيما أظهر مسح آخر تقدم أوباما، وبفارق ملموس، عن أقرب منافسيه.

واظهر الاستطلاع الأول أن كلينتون ستحصل على دعم 33 في المائة من الناخبين في هذه الانتخابات التمهيدية، فيما سينال أوباما 31 في المائة من الأصوات، غير أن هامش الخطأ في هذا المسح يصل إلى 4.5 نقطة مئوية، وهذا ما يترك الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات.

واظهر مسح آخر الثلاثاء أن أوباما يتمتع بثقة 32 في المائة من ناخبي الحزب الديمقراطي الذين سيقترعون اليوم، فيما لم تتجاوز حصة كلينتون 25 في المائة، مقابل 24 في المائة لجون ادواردز. وبحسب هذا المسح، يلقى أوباما دعماً من الناخبين الشبان والمستقلين والحديثي الانتماء إلى الهيئة الناخبة الحزبية.

وتشير دراسات مسح أعدتها شبكة الـ«سي إن إن» إلى أن ناخبي الحزب الديمقراطي يرجحون أن تستمر هيلاري كلينتون في المنافسة على المستوى الوطني في المستقبل، فيما يبدو أن سباق الحزب الجمهوري سينحصر بين رومني وهاكابي. وفي أبرز التطورات التي سجلت عشية حسم معركة أيوا الانتخابية، أعلنت الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون جمع 100 مليون دولار من تبرعات المؤيدين، فيما طلب المرشح الديمقراطي، دينيس كوسينش من مؤديه التصويت لأوباما إذا ما خرج هو مبكراً من السباق.

يذكر أن الاقتراع المحدد في أيوا، سيتبعه في الثامن من كانون الثاني اقتراع آخر في نيوهامشر، ثم كارولاينا الجنوبية، التي ستتبعها نحو عشرين ولاية أخرى منها نيويورك وكاليفورنيا في انتخابات أولية مماثلة قبل وضوح معالم السباق نحو المكتب البيضاوي. والانتخابات المرحلية تعطي أفضلية للفائز على غيره من مرشحي الحزب للفوز بترشيح حزبه ليكون ممثله في الانتخابات الرئاسية. والفائز يكون المرشح الذي جمع عدد النقاط الاكثر في كل الانتخابات التمهيدية، ما يعني أن انتخابات اليوم التي ستعطي فائزا معينا قد يتحول هذا الفائز الى خاسر اذا لم يجمع نقاطا كافية في باقي الولايات.