سجال المعارضة والموالاة في لبنان يضعهما على طرفي نقيض

الأكثرية تعتبر الحوار مع عون مستحيلا ولا نتيجة له

TT

السجال بين فريقي الموالاة والمعارضة في لبنان تواصل أمس، فتبارى مطلقو التصريحات والمواقف المتباينة، كل يحمل الطرف الآخر المسؤولية عن تعقيدات الأزمة وبخاصة تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بحيث بدا الفريقان على طرفي نقيض لا يلتقيان على شيء إلا الامل في أن يساعد الدور العربي لبنان في الخروج من المأزق» لكي لا يؤدي الفشل الى تدويل القضية بالكامل».

وفي هذا السياق، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح «ان جميع الافرقاء اللبنانيين توافقوا على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية الذي يشكل المرجعية للحوار الوطني الداخلي والحكم في القضايا الخلافية الداخلية الداخلية». واضاف ان (وزير الخارجية السورية) وليد المعلم «استشعر ان سورية في موقع قوي بالتفاوض عن المعارضة والمطلوب من الدول العربية الضغط على الاكثرية لمزيد من التنازلات، اي انه حدد السقف العالي لمطالب المعارضة ووضعها في جيبه وليس في جيب العماد ميشال عون كما ادعى بالامس».

وعن نداء النائب سعد الحريري الى الوزراء العرب، قال الجراح: «ما هو حاصل اليوم هو تهديد للكيان اللبناني ولمؤسساته الدستورية في ظل الفراغ في سدة الرئاسة. ومن هنا كانت مناشدة الشيخ سعد الحريري الدول العربية للمحافظة على الكيان وعلى المؤسسات الدستورية وعلى ملء الفراغ في سدة الرئاسة».

وعما يتوقعه من اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، قال: «التسوية ممكنة والدول العربية لديها من الامكانات والوسائل للضغط على النظام السوري بما يكفي لحلحلة الموقف السوري خصوصا في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية الذي هو نقطة توافق بين اللبنانيين».

وتخوف من «ان يؤدي الفشل العربي، لا سمح الله، الى تدويل القضية بالكامل، حيث تدخل في مرحلة اخرى». وتساءل عما «اذا كان النظام السوري يدرك خطورة ما يجري في لبنان وخطورة نقل هذا الملف اللبناني الى اطار آخر من التعقيدات بالنسبة الى المجتمع الدولي».

وعن امكان التراجع عن ترشيح العماد سليمان، إذا ما حصلت أحداث أمنية، أوضح الجراح: «ان التوافق على إسم العماد سليمان يشكل بالنسبة الى قوى 14 اذار نقطة التقاء بين اللبنانيين. وكنا نتمنى ان يواجه هذا الترشيح بتأييد من المعارضة والاكثرية ليست في وارد التراجع عن ترشيح العماد سليمان، لانها بذلك تكون قد تماشت مع المخطط السوري لاعادة الامور الى نقطة الصفر».

من جهته، سأل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور «حزب الله» عن «موقفه من الاغتيالات السياسية»، مطالبا إياه بـ«الاجابة عن هذا السؤال اذ انه لا يكفي ان يقول الحزب في المطلق انه ضد الاغتيالات في وقت يتحالف مع القاتل ويسكت عنه». وقال: «ان اي اتفاق سياسي او تسوية مستقبلية في البلاد عليها ان تجيب (عن الاسئلة) في قضية الاغتيال السياسي وموقف القوى السياسية منها، مما يقود الى سؤال آخر هو الموقف من المحكمة الدولية لان اساس الخلاف والانقسام السياسي في البلاد على رغم كل الشعارات الاخرى المطروحة هو موقف قوى 8 آذار وفي مقدمها حزب الله من المحكمة الدولية».

وحول ما تطالب به المعارضة في اطار المشاركة في الحكم قال ابو فاعور: «ان مطلب الثلث المعطل (في الحكومة المقبلة) الذي تطرحه المعارضة ليس مطلباً لمجرد الحصول على مكاسب اكبر في السلطة، ولكن المطلوب منه ايضا اسقاط المحكمة الدولية، وبالتالي لسنا نحن من يعيد طرح مسألة المحكمة الدولية».

وعن امكان استئناف الحوار بين المعارضة والموالاة قال: «التمسك بالحوار مع الرئيس بري نابع من شعور قوى 14 آذار بعدم جدوى الحوار مع العماد ميشال عون الذي لديه قضية خاصة يطرحها، فيما القوى السياسية الاخرى لديها قضايا عامة. من هنا فان وضع الحوار في عهدة العماد عون هو بمثابة القول ان الحوار مستحيل ولا يؤدي الى نتيجة».

وقال رئيس حركة «التجدد الديمقراطي»، أحد أركان «قوى 14 آذار» النائب السابق نسيب لحود «إن المواقف التي صدرت عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم هي مؤسفة حقا، إذ ان المطلوب اليوم في لبنان هو الاسراع في انتخاب رئيس جمهورية ليتمكن اللبنانيون من معالجة نوعين من المشكلات، تلك الناتجة عن المطالب التي تقدمها المعارضة، وتلك المتصلة بالعلاقات اللبنانية ـ السورية، وان معالجة كل هذه المشكلات يتطلب وجود رئيس جمهورية يكون هو في حد ذاته راعيا لأي حوار حول هذه المطالب». ولفت الى «ان المشكلات والقضايا العالقة او المطروحة بين لبنان وسورية تحتاج ايضا الى وجود رئيس جمهورية، وبالتالي الى حكومة موثوقة تتمكن من إعادة الامور الى طبيعتها». وأمل في «أن تنصب الجهود لانتخاب رئيس جمهورية، وبعد ذلك الانصراف الى معالجة كل المطالب، سواء أكانت من قبل المعارضة أم المشكلات المتصلة بالعلاقات اللبنانية ـ السورية».

وتابع لحود: «طالما ان ليس هناك رئيس جديد للجمهورية فان الحوار سيبقى متعثرا، وان الباب الالزامي للحوار هو بوجود شخص مؤتمن على هذا الحوار. ومؤسساتيا ان الشخص المؤتمن على هذا الحوار هو رئيس الجمهورية الذي هو الحكم بين المؤسسات وبين الموالاة والمعارضة. ونأمل ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية كي ينطلق الحوار بشكل جدي حول كل القضايا، وقد يكون بعض مطالب المعارضة محقا، إلا ان معالجته يجب ان تحصل في إطار المؤسسات الدستورية».

وحول دعوة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى التفاوض مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، قال لحود: «لا مانع من الحوار مع المعارضة حول كل القضايا المطروحة، إلا ان نجاح أي حوار يتوقف على رعايته من قبل رئيس جمهورية جديد يكون مؤتمنا على هذا الحوار».

وكان الوضع اللبناني موضع بحث ايضا بين الرئيس الأسبق للحكومة سليم الحص ورئيس حزب الاتحاد النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي اعرب عن «الاسف لبعض التصريحات التي صدرت في اليومين الماضيين بما يؤشر ان الوضع اللبناني في العام 2008 ربما يكون استمرارا للعام 2007 نتيجة المواقف المتطرفة من بعض اركان الموالاة». وأمل في «عدم المراهنة في العام 2008 على الاميركي والفرنسي والاوروبي والغريب». الى ذلك، رد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل على ما ورد في بيان رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري اول من امس، فحمل قوى «14 اذار» (الموالاة) مسؤولية اجهاض مبادرة بري «بهدف فرض ارادتها بالاتيان برئيس غير توافقي». ونفى ان يكون بري قد تخلى لمصلحة عون على التفاوض باسم المعارضة بطلب من سورية، وقال: «الحقيقة ان الرئيس بري تخلى وباصرار عن التفاوض السياسي نتيجة تهربكم من الاتفاقات حتى الخطية في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية والالتزام الشفوي بعدم الحاجة الى تعديل دستوري. ويأتي تكليف الجنرال عون من قبل المعارضة بعد ان كان الرئيس بري قد اعلن وفي بيان منشور سابقا لهذا التكليف، اننا مستعدون لاستئناف الحوار ولكن بمحاورين جدد والعماد احقهم بذلك».

وقال عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب كميل خوري: «ان من هم في الحكم اليوم لا يريدون الشراكة»، معتبرا «ان الحل موجود عند العماد ميشال عون لانه المسيحي الاقوى ورئيس اكبر تكتل نيابي بالاضافة الى كونه المفوض للحل والربط من قبل المعارضة». واستغرب «تجاهل الاكثرية لهذا الموضوع وهذا ما يشير الى أن من هم في الحكم اليوم يسعون الى استمرار حالة الفراغ».

وعن الخطوات المرتقبة للمعارضة لفت الى «ان لدى المعارضة خطة تصعيدية تدريجية للتصدي للاستفزازات التي يقوم بها رئيس الحكومة وفريقه السياسي من استعمال صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم احترام الدستور جملة وتفصيلا، لذلك نؤكد بأننا لن نسكت عن هذا الامر وسنعالجه بالطرق المناسبة».

وطالب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان: «بالموافقة المبدئية على حكومة وحدة وطنية طالما ان الاتفاق قد حصل على العماد ميشال سليمان كرئيس توافقي، وقطعا سيرضي الجميع، الموالي والمعارض والمحايد».