مرشحو الانتخابات الأميركية استعملوا كل الأساليب لحثّ المواطنين على مغالبة الصقيع

أوباما يطرق الأبواب ويقدم البيتزا.. وآخرون وزعوا أكياس الملح على المزارعين واستأجروا جرافات ثلج

مؤيدة للمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية فريد طومبسون, ترتدي كنزة عليها ملصق دعائي للمرشح الجمهوري وذلك خلال احدى الحملات الانتخابية في ايوا أمس (أ.ب)
TT

وسط طقس بارد ومثلج وصلت فيه درجات الحرارة الى تسع درجات مئوية تحت الصفر، تنقل المرشحون الى الانتخابات الرئاسية الاميركية بين الناخبين في ولاية أيوا طوال أمس لحثهم على مغالبة الصقيع والخروج من منازلهم للمشاركة في المجالس الانتخابية التي بدأت في السابعة من مساء امس في الواحدة صباح اليوم الجمعة بتوقيت غرينتش، لتطلق الحملة الرئاسية الاطول والاكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة. وفيما اختار المرشح الديمقراطي باراك أوباما أن يجول على منازل الاميركيين في أيوا مصحوبا بفريق عمله ليطرق ابوابهم ويطلب اليهم المشاركة في المجالس الانتخابية، لجأ المرشح الجمهوري ميت رومني الى طريقة أبسط عبر المكالمات الهاتفية وقال ان اعضاء حملته الانتخابية اجروا 12 الف مكالمة هاتفية مع ناخبين مفترضين! وطاف المرشحون بدءا من السيدة الأولى السابقة الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى القسيس المعمداني الجمهوري مايك هوكابي مناطق ولاية ايوا في محاولة لاقناع المؤيدين والناخبين المتأرجحين لاختيارهم. واستعانت فرق الحملات الانتخابية بحوالي خمسة آلاف سائق في حين حمل فريق اوباما كميات ضخمة من شرائح البيتزا للناخبين. ولجأ بعض المرشحين الى استئجار جرافات لجرف الثلوج والجليد لمساعدة الناخبين على التنقل، علما ان ايوا الولاية الريفية تضم عددا كبيرا من مزارعي الذرة والمتقاعدين. وجرى توزيع أكياس ملح على المزارعين لتفادي انزلاق سياراتهم على الطرق وحثهم على الخروج الى اماكن انعقاد المجالس الانتخابية. كما استعمل موقع «فيس بوك» في الانتخابات لحث الناخبين الشباب على الذهاب الى حيث المقرات الانتخابية في المدارس والمراكز الصحية والاجتماعية والكنائس.

وتنقل المرشحون من محطة تلفزيونية الى اخرى طوال أمس لتشجيع الاميركيين على المشاركة في المجالس الانتخابية، وكانت العبارة المشتركة التي استعملها المرشحون قبل الشروع في اعلان النتائج صباح اليوم (الجمعة): «كل شيء وارد» او «الاوضاع متقاربة جداً». وقالت كلينتون: «أشعر بالرضى لكن ذلك سيعتمد على من سيقرر ان يضع معطفه على كتفيه ويكون لديه متسع من الوقت لتسخين سيارته ويخرج في هذا الطقس البارد».

واتسمت روح المرشح الديمقراطي جون إدواردز صاحب الشعبية الواسعة والالفاظ القاسية بالعصبية وسرعة الاثارة. وكان ادواردز قد احتل نتائج طيبة في المؤتمر الحزبي بولاية آيوا في عام 2004 مما ساعده على خوض انتخابات الحزب منافسا لجون كيري.

ويأمل هوكابي في الحصول على دفعة قوية من نتائج انتخابات آيوا التي يعد 40 في المائة من ناخبيها الجمهوريين من رفاقه المسيحيين الإنجيليين. وقفز هوكابي من الصفوف الخلفية في استطلاعات الرأي في الولاية والاستطلاعات القومية ليتحدى حاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني البالغ من العمر 60 عاما رجل الأعمال الثري الذي دائما ما ينظر إليه منذ فترة طويلة باعتباره المرشح الأبرز للحزب الذى يمثل يمين الوسط.

وأعطى عمدة ولاية نيويورك السابق رودي غولياني اهتماما قليلا بولاية آيوا وسعى من اجل الفوز باصوات الناخبين المعتدلين في أجزاء أخرى من البلاد.

ولم تشكل الحرب في العراق الموضوع الرئيسي بالرغم من ان كافة الديمقراطيين يطالبون بانسحاب الجنود الاميركيين مع فوارق بارزة حول الجدول الزمني. وعاد الموضوع الاقتصادي ليتصدر المواضيع الشاغلة. فازمة الديون العقارية احيت المخاوف من تدهور اقتصادي بينما اصر كل المرشحين على موضوع التغطية الصحية والتعليم الشائك.

وخلال اشهر طويلة جاب المرشحون وللحظة الاخيرة السهول الشاسعة المتجمدة في هذه الولاية الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة ولا ترتدي طابعا تمثيليا لبقية الولايات المتحدة. ويتمتع المزارعون والمتقاعدون بتمثيل كبير فيها بينما تعاني الاقليات الاتنية من نقص في التمثيل. ولم يدخر اي منهم الوقت او المال في سبيل كسب ود الناخبين، وقد انفق اكثر من 40 مليون دولار في الحملة الاعلانية.

ويحلو لهذه الولاية الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة ان تعتبر نفسها «صانعة الرؤساء» مع انها لا تعكس تمثيلا كبيرا لبقية الولايات المتحدة، الا انه يمكن للفشل في ايوا ان يكون قاضيا لاي مرشح اما الفوز فقد يشكل دفعا ممتازا. ففي هذه الولاية التي تمتد فيها حقول الذرة خرج جيمي كارتر عام 1976 من الظل وكذلك فعل والتر مونديل في 1984 وجون كيري في 2004. وخمسة من اصل اخر سبعة فائزين في المجالس الناخبة (كوكوس) في ايوا فازوا في ما بعد بترشيح حزبهم للانتخابات الرئاسية. لكن هذا الامر لا يشكل قاعدة. ففي عام 1988 حل المرشحان اللذان اختارهما حزبهما للمعركة الرئاسية اي مايكل دوكاكيس وجورج بوش في المرتبة الثالثة في ايوا. وفي الواقع تعطي هذه المجالس الناخبة دفعا للذين يحتلون مراتب افضل مما كان متوقعا وتصعب مهمة المرشحين الذين حققوا نتائج دون تلك المتوقعة.

وبالعودة الى عملية التصويت، فقد بدأ الديمقراطيون مجلسهم عند الساعة السادسة والنصف من مساء أمس بالتوقيت المحلي (الساعة 00.30 بتوقيت غرينتش الجمعة) والجمهوريون عند الساعة السابعة مساء (00 .01 ت غ). واستمرت العملية بين ساعة وساعتين لتعلن النتائج بعد بضع ساعات أي صباح اليوم بتوقيت غرينتش.

وعلى غرار ولاية ايوا ستنظم في ولاية نيوهامشير الثلاثاء المقبل انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين. وفي الاسبوع الاول من فبراير (شباط) ستجرى الانتخابات التمهيدية في حوالي عشرين ولاية بينها كاليفورنيا أكبر ولاية اميركية وهي من الولايات الحاسمة في السابق الرئاسية ونيويورك. ويتم اختيار اكثر من نصف المندوبين لمؤتمري الحزبين خلال ذلك الاسبوع. ومن المحتمل ولكن من غير المؤكد ان تعرف بهذه المناسبة اسماء المرشحين الاثنين اللذين سيتنافسان الى البيت الابيض في نوفمبر (تشرين الثاني).