أحكام سجن لعناصر «خلية المهدي» المتهمة بالإرهاب في المغرب

25 سنة لزعيم المجموعة و5 سنوات للنساء الملاحقات والبراءة لواحد

TT

أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، الليلة قبل الماضية، أحكاما بالسجن في حق عناصر خلية «أنصار المهدي» المتهمة بالإرهاب، تراوحت بين السجن 25 عاما والبراءة، وذلك بعد مداولات دامت أكثر من 5 ساعات.

وقضت المحكمة على الخطاب بالسجن مدة 25 عاما، بعد إدانته بجرائم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، والمشاركة في مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام، وجمع أموال بنية استخدامها في أعمال إرهابية، والانتماء لجمعية غير مرخص لها، وعقد اجتماعات عمومية بدون ترخيص قانوني. ولم يعلق الخطاب على الحكم الصادر ضده أمام القاضي محمد بن شقرون، واكتفى بتحريك رأسه وأنشد رفقة بعض المتهمين أناشيد حماسية أثناء مغادرتهم قاعة المحكمة في اتجاه السجن.

وقضت المحكمة بسجن ياسين الورديني، لمدة 20 عاما، بعد ثبوت التهم المنسوبة اليه، وهي إحداث الجناح العسكري لخلية «أنصار المهدي»، باعتباره عمل في مؤسسة الجيش. وقضت المحكمة ايضا بالسجن مدة 15 عاما على محمد بنعياد، وحمادي خالدي، (إمامي مسجد)، والجندي توفيق أوقدي، فيما قضت بسجن خمسة متهمين مدة 10 أعوام وهم محمد الحبيب (عسكري)، وعزيز فكاك، ومحسن الزوهري، وبدر البوزريكي، ويوسف الشاوني، والسجن مدة 8 اعوام في حق أربعة متهمين، ضمنهم بوشعيب الراقي (دركي)، ويوسف أعميمي، وعبد السلام أدبيبغ، ومحمد سحيتة.

ودانت المحكمة حسن طارق (رجل استخبارات) بالمنسوب إليه، وحكمت عليه بالسجن مدة 6 أعوام، كما حكمت على 11 متهما بالسجن النافذ مدة 5 أعوام. وضمن هؤلاء المدانين الـ 11 أربعة نساء، هن: زهرة الرحيوي، وإيمان بنسعيد، وآمال السراج، وأمينة لمسفر، ومتهمان يعملان في سلك الدرك، هما محمد صفر، وعبد الرحيم شكور، وآخر يشتغل في سلك الجيش، وهو محمد خلو المهدي، وزين العابدين الشقيري، وهشام واهل، والحسين المباركي، وعبد القادر قبضي.

وقضت المحكمة نفسها بسجن 6 متهمين مدة 4 اعوام، ويتعلق الامر بكل من بوسلهام بن فراج (عسكري) وبوشعيب نجاح الادريسي، ومصطفى الحيني، وأحمد باعمي، ورضوان جبوري، وعزيز شقرون، وبسجن عبد الغني خالص، وسمير الشامي، مدة 3 اعوام، كما قضت بسجن 13 متهما مدة عامين، ضمنهم عسكريان، هما عبد الرحمن الفرياطي، ومحمد أوساوي، وفؤاد الشرقاوي السلامي (دركي)، والبركي توفيق الله، وأحمد المطاعي، ونبيل بلعقدة، وأمين أولاد عمار، وعزيز البطبوطي، وأحمد المالكي، وعبد الله أهرام، ومحمد العبدلاوي، ومحمد لكسير، وناصر بن حماد. وبرأت المحكمة ساحة هشام الرحيوي، الذي كان متابعا في إطار سراح (إفراج) مؤقت.

وقال المحامي محمد طارق السباعي لـ«الشرق الأوسط» إن الاحكام الصادرة هي بمثابة فتوى لمنع البر ومساعدة الفقراء والمعوزين، كما فعلت موكلاته النساء الأربع، اللواتي قدمن مساعدات مالية وأدوية لشخص اسمه «الخطاب»، قال إنه مريض بالقلب، فزج بهن في هذا الملف الفارغ قانونيا، كونه لا يستند إلى أي دليل مادي يثبت أن موكلاته، على علاقة بالخطاب. واضاف السباعي: «إن مثل هذه الاحكام القاسية، التي لا تراعي المحاكمة العادلة، ستدفع الأطباء الى الحنث بقسم ابوقراط، وعدم تقديم أي مساعدة لمريض أو شخص يوجد في حالة خطر».

ومن جهته، قال المحامي الخليل الادريسي «إن الأمر لا يتعلق بحكم محكمة، بل بمصادقة على محضر الشرطة القضائية حرفيا»، مبرزا أن الاستمرار في إصدار مثل هذه الاحكام، يطرح جملة من الاسئلة حول جدوى المحاكمات، والمرافعات، ووجود هيئة دفاع، مادامت هيئة المحكمة آمنت إيمانا راسخا أن محضر الشرطة القضائية، هو الحقيقة الثابتة دون وجود دليل مادي واحد.

ووصف المحامي عبد الفتاح زهراش الحكم بانه «قاس جدا، لم نسمع بمثله حتى في مدريد، التي شهدت حدثا إرهابيا مروعا، أودى بحياة العشرات من المواطنين». معتبرا الحكم الصادر في حق موكله سابقة في العمل القضائي، لغياب دليل واحد يثبت صحة ما كتب في محاضر الشرطة القضائية.

وكان جميع المدانين قد نفوا أمام هيئة المحكمة، التهم المنسوبة اليهم، ومنهم من قال إنه التقى الخطاب من اجل علاجه من صرع الجن، فيما أعلن الخطاب خلال محاكمته صراحة أنه يساند تنظيم القاعدة في أي بلد تحتله القوات الاميركية، التي تنشر الفتنة، وتزرع الرعب، من أجل الاستحواذ على خيرات البلدان الاسلامية، كما انتقد سياسة الانظمة العربية.

وكان المدعي العام قد التمس من هيئة المحكمة الحكم بأقصى العقوبات في حق جميع عناصر خلية «أنصار المهدي»، وإضافة عقوبة إضافية للخطاب، نظرا لعدم اتعاظه حينما قضى عقوبة حبسية مدتها عامين على خلفية التفجيرات الارهابية، التي وقعت بالدار البيضاء في 16 مايو (ايار) 2003.

وبرر المدعي العام ملتمسه قائلا: «هؤلاء المتهمون شكلوا تنظيما إرهابيا خطيرا، واتفقوا على تكوين عصابة إجرامية لارتكاب عمليات انتحارية بواسطة متفجرات، لزعزعة استقرار المغرب، خاصة أن الخلية ضمت عسكريين، وعناصر الدرك الملكي، والامن الاستخباراتي، ونساء».

وأكد المدعي العام أن خلية «أنصار المهدي» كانت تستهدف تفجير مقر البرلمان المغربي، وضرب مواقع سياحية في مدن طنجة والصويرة ومراكش، واغتيال شخصيات سياسية، والسطو على ثكنات عسكرية، في مدينتي سلا والقنيطرة، وضرب القاعدة الجوية بالقنيطرة، والاعداد لضرب سفارات أجنبية، مشيرا الى أن الاجهزة الامنية المختصة قامت بإتلاف المواد التي كانت ستستعمل في عمليات تفجيرية خطيرة.

وأكد المدعي العام أن تنظيم «أنصار المهدي» له علاقة بتنظيم القاعدة، واستطاع التحضير لعمليات إرهابية شبيهة بعمليات نفذها تنظيم القاعدة في بلدان عديدة، مبرزا الدور الرئيسي للخطاب، والمهارات العديدة التي اكتسبها للقيام بعمليات إرهابية خطيرة، مستندا إلى تصريحاته أمام هيئة المحكمة.

ودحض المدعي العام فقهيا تصريحات الخطاب أمام هيئة المحكمة، بالاستناد إلى كبار مشايخ الاسلام، بخصوص مصطلح «المرتد عن الدين الاسلامي»، وحكم الاسلام فيه، حيث اعتبر أن جل المغاربة بمن فيهم المسؤولين، لم يعلن احدهم أنه ارتد عن الاسلام، لا جهارا، ولا خلسة، حتى يتهمهم الخطاب بـ«الكفر»، بل على العكس، تم بناء مساجد كثيرة، وإحداث فضائية للقرآن الكريم، وإذاعة لذات الغرض، وغيرها من الامور التي دأب المغاربة ابا عن جد في تطبيقها وفق المذهب المالكي، وليس وفق مذهب آخر، يريد الخطاب تمريره في المغرب.

يذكر أن خلية أنصار المهدي تم تفكيكها صيف العام قبل الماضي، وكان من تداعيتها إقالة الجنرال محمد بلبشير، مسؤول المكتب الخامس (المخابرات العسكرية) في الجيش المغربي.