خادم الحرمين الشريفين يأمر بتنفيذ مشروع توسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام

بعمق 380 مترا وإقامة أنفاقا للمشاة ومحطة للخدمات

TT

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز موافقته ببدء تنفيذ مشروع توسعة للمسجد الحرام، تشمل إضافة ساحات شمالية للحرم بعمق 380 مترا، وأنفاقاً للمشاة ومحطة للخدمات.

وأعلن الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية السعودي رئيس هيئة تطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، أمس لوكالة الأنباء السعودية، أن الموافقة الملكية قضت بالبدء في نزع ملكيات العقارات الموجودة بالمنطقتين الشمالية والشمالية الغربية للحرم بمساحة 300 ألف متر مسطح تقريبا.

وأوضح الأمير متعب أن اللجان المكلفة تقدير العقارات ونزع الملكيات بدأت أعمالها، وأن الفرق الفنية المكلفة التنفيذ ستواصل أعمالها لإنجاز المشروع في الوقت المخطط له.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن التوسعة الجديدة للساحات الشمالية للمسجد الحرام تقدر بنحو 380 مترا طوليا تبدأ من حدود الجهة الشمالية القائمة حاليا للمسجد الحرام، لتضم أجزاء من الأحياء والمناطق القديمة المحاذية للحرم المكي الشريف من جهته الشمالية كأجزاء من أحياء المدعى والشامية والقرارة وبرحة الياس.. وغيرها من المواقع والمسميات القديمة الممتدة من المدعى في الشمال الشرقي للمسجد الحرام وحتى الشامية وحارة الباب إلى الشمال الغربي منه.

وتعد التوسعة الجديدة التي وافق خادم الحرمين الشريفين على تنفيذها، امتدادا للأعمال الكبيرة التي خطتها الدولة السعودية لصالح الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والتي تشمل أعمال التوسعة والإعمار، والتي بدأت منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ومن بعده أبناؤه الملوك، حتى العهد الحالي.

ففي عام 1925 أعلن الملك عبد العزيز بعد ضمه الحجاز البدء بعملية كبرى لإعادة ترميم المسجد الحرام، وبعدها بعامين، أصدر أمره بعمل مظلات ثابتة في صحن المطاف لتقي الحجاج والزوار والمعتمرين حر الشمس.

كذلك قامت الدولة السعودية في هذا العهد بتبليط المسعى، كما تم إنشاء أعمدة رخامية جديدة من قطع المرمر الصقيل في ردهات المسجد الحرام لتعلق عليها الإضاءة الكبيرة. وفي عام 1945 أمر الملك عبد العزيز بتجديد سقف المسعى.

أما أكبر توسعة شهدها المسجد الحرام في العصر الحديث، كانت في عهد الملك سعود، «والتي تعرف بالتوسعة الأولى»، حيث وضع الملك الراحل في عام 1955 حجر الأساس لهذه التوسعة، والتي تمت خلالها عمارة المسجد الحرام على أسس حديثة مع الحفاظ على الطابع العثماني في صحن المطاف وتوسعته، وبناء المسعى الذي أصبح بطابقين، مع المسعى عن حركة المشاة، وتضمنت أعمال هذه التوسعة الكبرى شق وإنشاء طرق وميادين حول الحرم، وقد أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد إضافة توسعة الملك سعود التي استمرت طوال عهده ثم عهد الملك فيصل إلى نحو 161 ألفا و168 مترا مربعا، لتتسع إلى أكثر من 300 ألف مصل، كذلك تواصلت العناية بالمسجد الحرام في عهد الملك فيصل، حيث كان من أهم ما نفذ من مشروعات، خمسة ميادين عامة حول الحرم، وزيادة أبواب المسجد إلى 64 باباً مختلفة الأحجام، وإنارة المسجد بوسائل فنية حديثة، وإنشاء مكتبة المسجد الحرام، كما أزيلت المقصورة التي كانت مقامة على مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ من أجل التوسعة على الطائفين، وأبدلت بغطاء من الكريستال الفاخر، واحتفل بذلك برعاية الملك فيصل في عام 1968.

كذلك أصدر الملك خالد بن عبد العزيز أمرا في عام 1977، بوضع باب جديد للكعبة من الذهب الخالص.

أما في عام 1989، فقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حجر الأساس للتوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام، والتي تعد أضخم عملية إعادة توسعة وعمارة يشهدها الحرم المكي طوال تاريخه، حيث تم ضم منطقة السوق الصغير، وتم ربطه بالتوسعة السعودية الأولى بمدخل واسع يسهل الحركة بينهما، كما تم عمل نظام تبريد، حيث أنشئت محطة تكييف المسجد الحرام بمنطقة أجياد وتم ربطها بالمسجد الحرام عبر أنفاق تحت الأرض، وبلغت مساحة أدوار المبنى الجديد نحو 76 ألف متر ليتسع وحده لأكثر من 152 ألف مصل، كما شمل المشروع تجهيز الساحات الخارجية التي تبلغ مساحتها 85 ألف متر مربع لتستوعب قرابة 200 ألف مصل، لتصبح مساحة المسجد الحرام بعد إضافة مبنى التوسعة الحالية والأسطح وكامل المساحات المحيطة به إلى نحو 356 ألف متر مربع تتسع لأكثر من 775 ألف مصل في غير أوقات الذروة، والتي تصل إلى مليون و250 ألف مصل، فيما بلغت تكلفة التوسعة التي تشمل المباني ومشاريع الخدمات وتعويض نزع الملكيات إلى أكثر من 55 مليار ريال. وبعد إضافة هذه التوسعة الجديدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، سترتفع الطاقة الاستيعابية لمسجد الحرام ومساحاته إلى مليوني مصل في غير أوقات الذروة.

من جهته ثمن الدكتور محمد بن ناصر الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام موافقة خادم الحرمين الشريفين على هذه التوسعة التي تشمل الجهة الشمالية لساحات المسجد الحرام، وبين أنها امتداد للرعاية والاهتمام المتواصل بالحرمين الشريفين من قبل الملك عبد الله بن عبد العزيز، مشيرا إلى أن هذا من شأنه مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام، حتى يتناسب وزيادة أعداد المعتمرين والحجاج، ومساعدتهم في أداء نسكهم بكل يسر وسهولة.

وكان الملتقى العلمي السادس لأبحاث الحج الذي نظمه معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى في عام 2005، قد ناقش دراسة علمية تقدم بها الدكتور محمد عبد الله إدريس والمهندس عبد الله محمد فودة الباحثان بقسم البحوث العمرانية والهندسية في المعهد بعنوان «دراسة عمرانية لتطوير الساحات الشمالية للمسجد الحرام»، أوضحا فيها أن الساحات المحيطة بالمسجد الحرام تمثل عنصر الربط بينه وبين الطرق والممرات في المنطقة المركزية، وتؤدي دوراً هاماً وكبيراً في تخفيف الضغط عن المسجد الحرام باستيعابها أعــدادا كبيرة من المصلين، كما تساعد في عملية التحكم والسيطرة على الحشود البشرية.

وبينت الدراسة أنه على الرغم من ضخامة المشاريع الموجودة في الجهة الشمالية من المسجد الحرام إلا أن الساحة الشمالية هي الأصغر من حيث المساحة، وقد تكون الظروف الطبوغرافية هي السبب في ذلك حيث ترتفع المنطقة عن أرض المسجد الحرام من 10 أمتار إلى 40 مترا.

وأكدا أن هذه الدراسة تهدف إلى تطوير الساحة الشمالية للمسجد الحرام بما يحقق الاستفادة منها مع المحافظة على البيئة الطبيعية للمنطقة ومراعاة الظروف الاقتصادية والحركية أخذاً في الاعتبار العوامل المختلفة المؤثرة في عملية التطوير وذلك من خلال التعرف على الوضع الراهن للمنطقة والمتمثل في الظروف الطبوغرافية ونمط النسيج العمراني القائم ومنظومة الحركة للمشاة والمركبات والتوسعات المستقبلية للمسجد الحرام ومشاريع التطوير المستقبلية للمنطقة الشمالية وذلك للوصول إلى تصور مناسب لحدود الساحات الشمالية للمسجد الحرام.