سوهارتو.. ديكتاتور إندونيسيا لـ32 عاما

TT

سوهارتو هو الرئيس الثاني لبلاده اندونيسيا (1967 حتى 1998) وأحد أبرز الساسة في القرن العشرين. ولد في 8 يونيو (حزيران) من عام 1921 في قرية كيموسوك الواقعة على بعد 15 كلم من مدينة يوغياكارتا بوسط جزيرة جاوة، الجزيرة الرئيسية في إندونيسيا. والتحق في شبابه الباكر بالقوات الاستعمارية الهولندية التي كانت تحكم البلاد، التي عرفت سابقاً بـ«جزر الهند الشرقية».

وبعد إعلان أحمد سوكارنو استقلال اندونيسيا عام 1945، تصدّت قوات سوهارتو لمحاولات الهولنديين البقاء في البلاد. وفي السنوات التي تلت، واصل خدمته العسكرية في جاوة بشكل رئيسي. وفي عام 1959 نقل الى كلية أركان الجيش في مدينة باندونغ بغرب جاوة وارتقى سلم الرتب حتى بلغ رتبة لواء (ميجر جنرال) عام 1962. وبحلول عام 1965 كان الجيش قد انشق فعلياً الى معسكرين أحدهما يساري كان من أبرز قادته الجنرال عمر داني قائد سلاح الطيران، والآخر يميني بقيادة وزير الدفاع وقائد الجيش عبد الحارس ناسوتيون ومعه الجنرالان أحمد ياني (رئيس أركان الجيش) وسوهارتو.

عام 1965 وبحجة التصدي لانقلاب عسكري شيوعي انتزع سوهارتو السلطة التنفيذية عملياً (رغم بقاء سوكارنو رئيسا صوريا) ومضى سريعاً ليطهر المؤسسة العسكرية من أنصار الرئيس والعناصر الشيوعية واليسارية، وأجبر سوكارنو نفسه ـ بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (الـ«سي آي ايه») ـ على تسليمه سلطاته كافة يومي 11 مارس (اذار) 1966. وتبعاً لتقديرات موثوق بها فقد قُتل مليونا شخص في حملة التصفية والتطهير التي نفذها سوهارتو وأعوانه في أعقاب المحاولة الانقلابية المزعومة واعتقل أكثر من 200 ألف شخص كانت ثمة شكوك في ان لهم صلة بالانقلاب. ويقال ان الـ«سي آي ايه» كانت الجهة التي زوّدته بلوائح أسماء اولئك الضحايا. يوم 12 مارس 1967 أصبح سوهارتو رئيسا بالوكالة وفي الـ21 منه انتخب رسميا للرئاسة لفترة خمس سنوات وآل اليه الحق في تعيين 20 في المائة من أعضاء البرلمان. ثم أسس حزب «غولكار»، ليكون الحزب الوحيد المسموح له ممارسة النشاط السياسي، ثم أدخل بلاده «رابطة أمم جنوب شرق آسيا ـ آسيان».

لما أصبح الفساد عبئاً هائلاً على البلاد، طلبت «مجموعة الالتماس الخمسينية»، التي تألفت من 50 من رجال الجيش المتقاعدين والساسة والأكاديميين والطلاب مزيدا من الحريات السياسية، لكن سوهارتو فرض عليها تعتيماً إعلامياً صارماً. وعام 1984، عندما اتهمته المجموعة صراحة بدكتاتورية الحزب الواحد، ألقى بأبرز أعضائها في السجن.

وتبعاً لتقرير أصدره البنك الدولي عام 1997 فإن 20 إلى 30 في المائة من ميزانية التنمية في اندونيسيا وجدت طريقها الى الحسابات المصرفية الخاصة على مدى سنوات وسنوات. وكانت الأزمة المالية التي ضربت آسيا في ذلك العام نذير شؤم لحكم سوهارتو إذ زادت الشعب فقراً على فقر. ولكن رغم وعد سابق له بالتنحي، ضمن الرئيس العجوز ان يعيد البرلمان انتخابه للمرة السابعة في مارس 1998. بيد أنه بعد اندلاع المظاهرات الطلابية والشعبية وضغوط الساسة المعارضين والجيش أجبر على الاستقالة في 21 مايو من ذلك العام، وخلفه في سدة الرئاسة نائبه بحر الدين يوسف حبيبي.

*وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»