واشنطن: أكثر من ألف عالم وخبير نواة فريق مكافحة الإرهاب النووي

طائرات هليكوبتر مجهزة بمعدات اكتشاف الاشعاعات لمسح المدن على مدار الساعة

TT

كل ثلاثة ايام، يتجول فريق من العلماء الفيدراليين، من دون معرفة معظم الاميركيين، في الشوارع في المعركة ضد الارهاب النووي.

وعملية الانتشار هي جزء من جهد بدأ عام 2001 لدعم دفاعات البلاد. وقد تم نشر أكثر من 25 فريقا متخصصا عبر الولايات المتحدة لمواجهة تهديدات الارهاب النووية، ويشارك اكثر من الف عالم وخبير متفجرات في هذا الجهد. وقد تضاعفت نفقات البرنامج منذ بدايته.

وتهدف سياسة قومية على تأسيس شبكة للطب الشرعي النووي يمكن للتحليل العلمي تحديد مصدر الهجوم النووي أو الهجوم المحتمل. ومن المتوقع ظهور تقرير اساسي حول ذلك في الشهر المقبل. وقد اصبحت جهود مكافحة الارهاب عملية روتينية. ويستخدم العلماء طائرات مروحية مجهزة بأجهزة اكتشاف الاشعاعات لمسح المدن، بحثا عن ادلة على وجود اسلحة نووية. ويندمجون وسط الجمهور في الأحداث الرياضية المهمة، ويضعون حقائب ظهر بها العديد من المعدات التي يمكن تحديد البلوتونيوم او اليورانيوم عالي التخصيب.

وحتى الآن لم يواجهوا ارهابيا. وبالقرب من لاس فيغاس، حققوا مع شخص مشرد التقط بطريقة ما مادة مشعة. وفي شوارع مانهاتن، تسبب بائع «هوت دوغ» جاء لتوه من فحص طبي في تشغيل جهاز استكشاف المواد المشعة.

الا أن حماس الفرق لم ينكمش. فإذا انهارت جميع مستويات الدفاع الفيدرالي ضد تهريب الاسلحة النووية، فإن مصممي الاسلحة غير المسلحين وعلماء الذرة، بالاضافة الى خبراء من وزارة الدفاع، يمكنهم ان يصبحوا آخر آمال في وقف كارثة نووية.

فمن المتوقع ان يهرعوا الى مادة نووية في طريقها للانفجار (أو قنبلة قذرة، تنشر المواد المشعة) ويوقفون مفعولها قبل ان تنفجر ـ وهو موقف سجلته هوليوود في واحد من افلامها يبدو اقرب للواقع مع مرور كل عام.

وتقول ديبورا ويلبر العالمة التي تدير مكتب رد فعل الطوارئ في ادارة الأمن النووي الوطني في وزارة الطاقة «بعدما يفشل كل شيء نأتي نحن. انا لا اعتقد ان السؤال المطروح هل سيحدث؟ بل متى».

ومنذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001، أسس المكتب 26 وحدة للرد السريع حول الولايات المتحدة.

واذا تم اكتشف موقع جهاز نووي، يتوجه فريقان متخصصان الى الموقع، واحد من قاعدة في الببوكرك، حيث توجد طائرة مستعدة للانطلاق طوال 24 ساعة. بينما يتوجه فريق آخر من ريف فرجينيا.

وسيحاول الفريقان تعطيل نظام التفجير الكهربائي، ثم ينقلون السلاح الى صحراء نيفادا. وهناك سيتم انزال القنبلة في نفق رأسي عمقه 5 آلاف قدم، حيث يتولى فريق من العلماء وعناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي، تفكيك القنبلة من خلف ابواب من الحديد الصلب.

وتجدر الاشارة الى ان اكثر من الف عالم في الأسلحة النووية، وما يتراوح بين 500 الى الف من عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي، يشاركون في تلك الجهود، وإن لم يكن طوال الوقت. وتعكس زيادة الاستثمار في المشروع الاعتراف بأن البلاد معرضة للارهاب النووي. الا ان الجهود تصل الى امر اكبر من الدفاع: قوة ردع على غرار فترة الحرب الباردة.

والعلماء خبراء ايضا في مجال الطب الشرعي النووي، الذي يتطور بسرعة، ويهدف الى معرفة مصادر المواد النووية. وحتى اذا ما انفجرت القنبلة فيمكن تحليل المواد لمعرفة الارهابيين والدولة التي ترعاهم. ويمكن عندئذ توجيه ضربة انتقامية.

والفكرة هي اجبار الدول الأخرى على الاهتمام بطريقة افضل بوقودها النووي والا ستجد نفسها معرضة لخطر الترسانة النووية الاميركية. وتتولى مجموعة من كبار خبراء الاسلحة النووية في البلاد تحليل الجوانب التكنيكية والسياسية لهذا المنطلق تحت رعاية الجمعية الاميركية لتقديم العلوم وبرئاسة مايكل ماي عالم الطبيعة النووية في جامعة ستانفورد.

وفي الوقت نفسه تسترد الولايات المتحدة وتخزن الوقود النووي في الخارج، واسست سلسلة من اجهزة المسح الاشعاعي في موانئ أجنبية ومحلية وزادت الجهود الاستخبارية.

واذا ما فشلت كل تلك الجهود، فإن فرق الرد السريع هي الأمل الأخير، ولكن لا ينبغي الاعتماد عليها كما يقول تشارلز كورتيس رئيس مبادرة التهديد النووي، التي تعمل على بذل مزيد من الجهود لمنع الارهاب النووي.

وقال كورتيس النائب السابق لوزير الطاقة، ان اعتراض جهاز نووي هو «مشكلة في غاية الصعوبة، ولكنها ليست مستحيلة». إلا أن الدكتور وحيد المجددي كيميائي الأسلحة النووية ورئيس ادارة أسلحة الدمار الشامل في مكتب التحقيقات الفيدرالي، يبدو اكثر ثقة. ففي رده حول سؤال بخصوص فرص العثور على قنبلة نووية في مانهاتن خلال 24 ساعة من تلقي تحذيرات بقوله «معقولة».

وتجدر الإشارة الى ان القدرات الكاملة للفرق سرية. وذكر بروس غودوين رئيس الأسلحة النووية في مختبرات لورانس ليفرمور الوطنية، أن الفرق «لديها معدات مهمة يمكنها منع الانفجار النووية»، مما يشير الى جهاز يمكنه تعطيل نظام التسلح أو ربما يحيد العمليات الاساسية.

ومن المعروف أن الخطر الذي يمثله سلاحا نوويا مسروقا من المخزون النووي أقل من قنبلة نووية بدائية. ويحمل التاريخ بعض الدروس غير المحظوظة. ففي عام 1980 تم ارسال خبراء من وزارة الطاقة للمساهمة في تفكيك قنبلة تقليدية وزن الف طن وضعها ارهابيون في فندق هارفي في ستالاين بولاية نيفادا. وكان بالقنبلة أجهزة عصية على التفكيك.

ولذا قرر الخبراء إطلاق قذيفة على آلية التسليح، على امل فصلها عن باقي القنبلة قبل تفجيرها. وبعدما تم اخلاء الفندق، اطلق الفريق القذيفة من مسافة آمنة. وفشلت الاستراتيجية وألحقت القنبلة اضرارا كبيرا بالفندق. الا أن الخبرات المتوفرة اليوم ستحل المشكلة، مثلما قال جوزيف كرول وهو ادميرال متقاعد يرأس مكتب عمليات الطوارئ في ادارة الامن النووي الوطني. واوضح كرول «نحن افضل استعدادا. كيف كنا نعمل انذاك وكيف نعمل اليوم، امر مثل الليل والنهار».

وذكر فيلب كويل نائب المدير السابق في لورانس ليفرمور، انه عندما خدم في فرق الطوارئ في السبعينات والثمانينات، كان يحمل بطاقة في محفظته لتقديمها لمطار في حالة الطوارئ، لكي يمكن له اصدار اوامره لطائرة تقله لأي مكان. وقال «يبدو الأمر جيدا، ولكني كنت اتسائل دائما، عما اذا كانت ستعمل في الواقع». الا انهم يسافرون الآن بطائرات حكومية وفي سيارات فيدرالية.

وسيؤدي هجوم ارهابي نووي ناجح، الى تشغيل ما يعرف باسم خطة الرد الوطنية. وهي تعني تشغيل العديد من الوكالات الفيدرالية بما فيها وكالة حماية البيئة ووزارة الدفاع ووزارة أمن الوطن ووزارة العدل، بالإضافة الى عديد من المكاتب والأجهزة غير المعروفة للأغلبية العظمى من الأميركيين، فعلى سبيل المثال المركز القومي للاستشارات المناخية في مختبرات ليفرمور الذي سيدير نماذج كومبيوترية لتأثير تساقط الاشعاع النووي لإعداد خطط اخلاء ملايين من الناس. وتعتبر مسألة امكانية عمل هذا العدد الكبير من الوكالات معا في حال حصول هجوم نووي، بينما تقوم كلها بالتنسيق مع مسؤولي الولايات والمسؤولين المحليين، تعتبر مسألة ذات أهمية فائقة في الكونغرس. ولكن مجيدي وكرول، يقولان ان الممارسات والتخطيط الواسع أوضحت الأمور. وقال جاي ديفيز، عالم الأسلحة المتقاعد والذي يعمل في الدراسة على الطب الشرعي، انه «اذا ما طلبت من 100 مليون شخص التوجه الى الشرق، فإن 25 مليون سيتجهون الى الغرب، لأنهم لا يثقون بالحكومة».

وتحاول دراسة الطب الشرعي، ان تقيم كيفية كون الولايات المتحدة دقيقة في عزو وسيلة نووية الى مصدر معين، وفي طرح قضيتها المبررة على الجمهور الأميركي وبقية الناس في العالم.

وقال ديفيز انه كان يؤمل أن الطب الشرعي النووي يمكن أن يحدد حجم التفجير خلال ساعة واحدة، ونوعية تصميم القنبلة خلال ست ساعات، والوقود المخصب خلال 72 ساعة، والتفاصيل المحددة لمنشأ التصميم، أي هل هذه الوسيلة تبدو روسية أم صينية ام باكستانية أم من منشأ آخر، خلال أسبوع.

* خدمة «لوس انجليس تايمز»