هولندا: معلومات جديدة حول اللقاح المضاد لفيروس إنفلونزا الطيور

TT

في خطوة جديدة ومهمة، نجح العلماء في تطوير لقاح فعال مضاد لفيروس H5N1 المسبب لانفلونزا الطيور الذي يشكل خطراً أيضاً على البشر. وتبين أن اللقاح الحالي يمكن أن يصبح فعالاً ضد مختلف أنواع فيروسات انفلونزا الطيور بعد إضافة مادة إليه تنشط نظام المناعة.

وأجريت اختبارات مكثفة على اللقاح المضاد لفيروس انفلونزا الطيور، الذي طورته شركة الصيدلة البريطانية «جي إس كي» في معمل بمركز إراسموس الطبي بروتردام الهولندية. ويوفر وقاية من العديد من فيروسات إنفلونزا الطيور الموجودة في العالم بما فيها «فيروس إتش 5 إن»1 المسؤول عن حالات الوفيات البشرية.

وفي تقرير حول هذا الصدد ذكرت اذاعة هولندا العالمية أن غموضا كان يحيط ببعض الجوانب المتعلقة بتطوير لقاح فعال ضد النوع المحدد من فيروس H5N1 الذي يشكل خطراً على الإنسان، مما كان له اكبر الاثر في تأخير الوصول إلى الوصفة الصحيحة للقاح.

ولم يكن العلماء متأكدين من الفصيلة التي ينتمي إليها هذا الفيروس، ولا من نوع انفلونزا الطيور القابل لاحتضان الفيروس الخطر الذي يسبب وباءً يمكن أن ينتشر عالمياً. كل هذه الاسئلة التي لم يكن هناك جواب حاسم لها جعلت من شبه المتعذر اكتشاف الوصفة الصحيحة للقاح، إذ لم يكن من الواضح أي نوع من فيروسات انفلونزا الطيور يمكن أن يصيب البشر. لكن الاكتشاف الجديد الذي أنجزته شركة غلاكسو سميث كلاين البريطانية للأدوية، جعل تحديد فصيلة الفيروس أمراً قليل الأهمية.

ويقول التقرير ان اختبارا للقاح المعدّل جرى داخل «فيرو ـ كلينيكس» وهو القسم الخاص بالفيروسات في مستشفى أرسموس الأكاديمي في روتردام. ويقول عالم الفيروسات آب أوسترهاوس إن اللقاح الجديد يعتبر نقطة تحول لأكثر من سبب «إنه لقاح فعال للحماية من أكثر من نوع من أنواع فيروس H5N1، حتى من الأنواع الجديدة». وهو أمر فريد حسب رأي أوسترهاوس الذي يضيف «عادة ما تجيء اللقاحات متأخرة قياساً بقدرة الفيروسات على تطوير أنواع جديدة منها، بينما يتميز هذا اللقاح بقدرته على الحماية حتى من الأنواع التي يمكن أن تنشأ لاحقاً من هذا الفيروس».

إضافة إلى ذلك بينت الاختبارات أن إضافة المادة المنشطة للمناعة تجعل كمية اللقاح المطلوبة أقل بكثير ممن هي عليه الآن، وهذه ميزة مهمة جداً في حال انتشار وباء على الصعيد العالمي، حيث تنشأ الحاجة لتطعيم أعداد كبيرة من البشر باللقاح.

وتعتبر المادة المضافة «عاملاً مساعداً»، وهو التعبير الذي يطلق على المواد التي تضاف إلى دواء معين لتقويته ورفع درجة فعاليته. تساعد هذه المادة في تنشيط نظام المناعة وتحسين استجابة الجسم للقاح. أجرى مستشفى أراسموس الأكاديمي اختبارات للقاح على البشر وكذلك على حيوان النمس الذي يمكن مقارنته بالبشر من حيث تأثره بفيروسات الانفلونزا. يقول أوسترهاوس «تبين أن الإنسان لديه استجابة جيدة عبر إنتاج الجسم للمواد المضادة. بالنسبة لحيوانات النمس، أجرينا اختباراً مختلفاً بتطعيم الحيوان باللقاح، ثم تعريضه لفيروس H5N1 وقد أظهر هذا الاختبار فعالية واضحة في الحماية من الفيروس».

ويعتبر فيروس H5N1 هو الفيروس المسبب لانفلونزا الطيور والقابل للتحول إلى فيروس وبائي واسع الانتشار. ظهر الفيروس للمرة الأولى عام 1996 في آسيا، ومنها انتقل بسرعة كبيرة إلى مختلف أنحاء العالم. وقد تم التعرف على الفيروس لاحقاً في أوربا وإفريقيا والشرق الأوسط. أدى الوباء إلى إتلاف ملايين الدواجن، وراح ضحيته أكثر من مائة إنسان.

ينتمي فيروس H5N1 إلى ما يعرف بالجراثيم عالية الخطورة: تؤدي الإصابة به إلى الموت في 90 في المائة من الحالات. حتى الآن لم ينشأ نوع جديد من هذا الفيروس قابل للانتقال من إنسان لإنسان.

وتعتبر منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس السبب الأول للوباء، لكن هناك أنواعاً أخرى لا تقل خطورة. ويمكن اعتبار فيروس «الانفلونزا الإسبانية» الذي تسبب عام 1918 بوفاة خمسين مليون شخص نوعاً أقدم من النوع الحالي ويطلق عليه اسمH1N1.

ويدعو أوسترهاوس إلى توفير كميات كبيرة من اللقاح ومن المادة المساعدة، للحماية من فيروس انفلونزا الطيور. في حالة نشوء نوع جديد من الفيروس قابل للانتقال من إنسان لآخر، وعند ظهور الوباء، يمكن إضافة المادة المساعدة بسرعة إلى كميات اللقاح الجاهزة، واستخدامه بشكل واسع. إلى جانب ذلك يجب الاستمرار في توفير ما يكفي من المواد المضادة للفيروسات مثل تامي فلو بالكميات نفسها الموجودة حالياً.

بالرغم من أنه ليس من المؤكد أن يتحول فيروس H5N1 إلى فيروس وبائي واسع الانتشار، فإن أوسترهاوس يدعو إلى اليقظة واتخاذ الاحتياطات الضرورية. «يظل الخطر قائماً بالنسبة للبشر. بهذا اللقاح الجديد يمكن تجنب وقوع ضحايا بأعداد كبيرة في حال استخدامه في وقت مبكر. لكن في حال ظهور نوع جديد من الفيروس، فإن إنتاج لقاح جديد ضده يستغرق بضع شهور على الأقل». وكان العلماء في سنغافورة قد اعلنوا في وقت سابق عن تطويرهم جهازا يكشف عن فيروس انفلونزا الطيور القاتل«اتش 5 ان 1»، خلال نصف ساعة. ويمكن للجهاز عزل وتركيز وتكبير الحمض النووي للفيروس من عينة من الحلق والتعرف عليه. وتجرى الاختبارات التقليدية في معمل وتأخذ وقتا لعزل الفيروس. ويقول فريق العلماء السنغافوري، في مقالهم بمجلة طب الطبيعة، ان القدرة على اختبار المرض في الأشخاص المصابين في موقع الاصابة سيسهل السيطرة على اي انتشار للوباء. ويقول العلماء ان الجهاز الذي طوروه ارخص كثيرا من تكلفة اختبار المصابين في المعامل، وقد اعلن في مصر مؤخرا عن حالات وفاة بين الادميين بسبب الاصابة بفيروس انفونزا الطيور وأشارت الانباء إلى ان جميع هذه الحالات كانت على صلة مباشرة بدواجن مصابة بالفيروس. وبذلك وصل عدد الوفيات في مصر بإنفلونزا الطيور إلى ما يقرب من 20 بين 44 حالة تاكد إصابتها بالسلالة القاتلة من المرض منذ ظهوره في مصر في فبراير/شباط 2006 . ودعت السلطات المصرية المواطنين للالتزام بتعليمات حظر تربية الدواجن في مساكنهم وعدم نقلها بين المحافظات بدون تصريح. واكدت كذلك ضرورة تطبيق إجراءات الحماية البيطرية في مزراع الدواجن والرقابة الشديدة على عمليات البيع والشراء. وقد اعلنت منظمة الصحة العالمية أن دول العالم حققت في 2007 تقدما في إجراءات الوقاية من إنفلونزا الطيور لكن الوضع ما زال حرجا في مصر وإندونيسيا.