معهد السلام الأميركي: الباكستانيون يريدون ديمقراطية إسلامية ولا يثقون بواشنطن

اغتيال بوتو يوقظ توترات كامنة بين الإثنيات في البلاد

TT

قال استطلاع نشر أول من امس ان معظم الباكستانيين يريدون ان تكون بلادهم دولة إسلامية ديمقراطية ولكنهم يشعرون بعدم ثقة بشكل كبير في الولايات المتحدة وحربها على الإرهاب.

واجري هذا الاستطلاع الذي موله معهد السلام الاميركي في باكستان قبل حالة الطوارئ التي فرضها الرئيس برويز مشرف لمدة ستة اسابيع وقبل اغتيال زعيمة المعارضة بي نظير بوتو الشهر الماضي. وقال القائمون على الاستطلاع ان هذه النتائج التي نشرت قبل نحو ستة اسابيع من الموعد الذي من المقرر ان تجري فيه الانتخابات الباكستانية في 18 فبراير (شباط) المقبل تظهر ان اغلبية كبيرة من الشعب الباكستاني ترى ان الديمقراطية تتلاءم بشكل كامل مع الاسلام، حسب تقرير لرويترز.واحتلت الديمقراطية بشكل خاص مكانا بارزا بين نسبة الستين في المائة الذين قالوا من بين من شملهم الاستطلاع انهم يريدون ان تلعب الشريعة الاسلامية دورا اكبر في الشؤون القضائية.

وقال ستيفن كال مدير جماعة «استطلاع الرأي العالمي» التابعة لجامعة ماريلاند والتي اجرت الاستطلاع لحساب معهد السلام الاميركي «ان النتائج تثبت عدم وجود جماعة فرعية علمانية رئيسية ذات توجه غربي في باكستان. الناس يريدون مزيدا من الاسلام. ولا يعتقدون ان باكستان متدينة بما يكفي او ان القيم الاسلامية يتم تطبيقها بشكل كاف في الحياة اليومية». ومعهد السلام الاميركي مؤسسة غير حزبية يمولها الكونغرس لمعالجة القضايا المتعلقة بالصراع الدولي.

وشمل الاستطلاع 907 بالغين في 19 مدينة باكستانية خلال الفترة من 12 الى 28 سبتمبر (ايلول) الماضي وبلغ هامش الخطأ فيه 3.3 نقطة مئوية. وكان نحو 49 في المائة ممن شملهم الاستطلاع نساء. وقال كال ان اغلبية كبيرة من الناخبين المعتدلين من الوسط كانت ضمن نسبة الستة والاربعين من الباكستانيين الذين قالوا انهم يؤيدون اصلاح الحكومة للمدارس الدينية والتي ينحى باللائمة عليها في نشر التشدد الاسلامي.

وقال كال ان الاستطلاع اظهر ان 59 في المائة من الناس يريدون اتخاذ خط حازم في مواجهة تعديات العادات الاسلامية المحافظة المعروفة باسم «الطالبانية». ولكن النتائج اشارت ايضا الى وجود تأييد لجماعات اسلامية متشددة ومن بينها القاعدة فيما بين اقليات باكستانية مهمة، واوضحت التحدي الذي يواجه ادارة الرئيس جورج بوش في علاقاتها مع حليفتها الرئيسية باكستان خلال حربها على الارهاب. وقال اكثر من ثلثي الباكستانيين انهم لايثقون في ان تعمل الولايات المتحدة بشكل مسؤول في العالم في حين اعرب 70 في المائة عن اعتقادهم بشكل جازم ان احد الاهداف الاميركية اضعاف وتقسيم الاسلام. وأبدى نحو نصف الاشخاص عدم موافقتهم على علاقات باكستان مع الولايات المتحدة وقالوا ان واشنطن تسيطر على معظم او على كل الاحداث الرئيسية تقريبا داخل بلادهم.ووافق 60 في المائة على الاقل على ان انشطة القاعدة وطالبان تشكل خطرا على المصالح الحيوية لبلادهم خلال السنوات العشر المقبلة. ولكن اكثر من 80 في المائة قالوا نفس الشيء عن الوجود العسكري الاميركي في آسيا بما في ذلك في افغانستان. وعبر 31 في المائة عن وجهة نظر ايجابية بشأن اسامة بن لادن زعيم القاعدة في حين ابدى 19 في المائة مشاعر متأرجحة تجاهه.

وأبدى نحو 40 في المائة اعتراضهم على اعتقال بن لادن اذا تم اكتشافه داخل باكستان. وقال اقل من واحد من بين كل اربعة انه يجب على باكستان استخدام القوة العسكرية في المناطق القبلية المدارة اتحاديا وهي منطقة يصفها محللون بأنها ملاذ لطالبان والقاعدة وبؤرة لهجمات المتشددين في افغانستان. وأيد 46 في المائة بدلا من ذلك التفاوض مع طالبان في حين قال 12 في المائة انه يجب انسحاب القوات الباكستانية من المنطقة. وقال اكثر من ثلاثة ارباع من شملهم الاستطلاع انه يجب عدم السماح للقوات الاجنبية بمطاردة مقاتلي القاعدة او طالبان داخل باكستان. وأبدى 30 في المائة موافقتهم على هجمات طالبان على قوات حلف الاطلسي في افغانستان في حين تأرجحت مشاعر 18 في المائة نحو ذلك. وأبدى 15 في المائة عدم موافقتهم.

ومن جهة اخرى، أيقظ اغتيال بي نظير بوتو الريبة الدفينة القائمة منذ اجيال بين الاثنيتين البنجابية والسندية فشكلت محركا للشبهات وفرضيات المؤامرة وغالبا ما دعا مثيرو الاضطرابات واعمال الشغب التي شلت البلاد على مدى 3 ايام وخصوصا في اقليم السند الى الثأر من البنجابيين.

وعرفت السند معقل حزب الشعب الباكستاني الذي كانت بوتو تتزعمه اعنف اعمال شغب في تاريخ البلاد. ووصلت الحصيلة الرسمية للاضطرابات التي تلت اغتيال بوتو الى نحو ستين شخصا قتل معظمهم في السند.

وغالبا ما شهدت باكستان توترا اثنيا غير انه لم يسبق ان بلغ الحد الذي وصلت اليه الاوضاع في الاسابيع الاخيرة. ويتحدث الجميع سواء في بنجاب او في السند عن «التقسيم» في هذا البلد الاسلامي المتعدد الاثنيات والبالغ عدد سكانه 160 مليون نسمة، فيما تبقى انظار الاسرة الدولية مسمرة بقلق على هذه القوة النووية الوحيدة المؤكدة في العالم الاسلامي.

ويخشى العديد من الخبراء ان تؤدي نقمة السند وسعي شريحة كبيرة من الطبقة السياسية البنجابية الى استغلالها الى حملة دامية قبل الانتخابات التشريعية والمحلية التي ارجئت من الثامن الى الثامن عشر من فبراير (شباط) المقبل.وقال نظير احمد اريجو وهو استاذ في الثانية والثلاثين من العمر جاء يصلي في مدفن آل بوتو في قرية جارهي خوده باكش مسقط رأس هذه العائلة لوكالة الصحافة الفرنسية «كانت بي نظير بوتو من بين الزعماء الوحيدة القادرة على توحيد ولايات البلد الاربع» مضيفا بقلق «تحدق الآن بالبلاد مخاطر اندلاع حرب اهلية».

وقال اريجو «ان قوى الشر تبذل كل ما في وسعها لتقسيم السند والبنجابيين. فرق تسد... لذلك قتلوا زعيمتنا». وحين يتكلم سكان السند عن «البنجاب» بازدراء فهم يعنون الجيش والطبقة السياسية اللذين يديران البلاد فعليا منذ قيامها قبل ستين سنة، اكثر مما يعنون الولاية.

ويبدي الكثير من بين مئات الاشخاص الذين يتقاطرون يوميا الى ضريح بوتو فيكسونه بالورود ويرددون شعارات حزب الشعب الباكستاني، مخاوف على وحدة البلاد.ويخشى بعض الخبراء السياسيين ان تعمد شريحة معينة من قيادة حزب الشعب الباكستاني الى تحريك النزعات الاثنية، لا سيما ان اقطاب السلطة البنجابيين لا يتوانون عن ذلك.