خريجو جامعة البصرة.. بعضهم باعة على الأرصفة وآخرون يحلمون بالهجرة

أحدهم شاكيا: عندما نتقدم إلى وظيفة يسألوننا عن قوميتنا وديننا وانتمائنا الحزبي

سوق في مدينة البصرة («الشرق الأوسط»)
TT

أصبح الهم المشترك بين أوساط واسعة من الشباب العاطلين عن العمل من خريجي كليات جامعة البصرة للسنوات القليلة الماضية هو كيفية الحصول على عمل يتناسب ومؤهلاتهم العلمية؛ إذ تحول عدد منهم الى باعة على الأرصفة فيما يتطلع آخرون على مضض لقبول تطوعهم في أفواج الشرطة وهي الوظيفة الوحيدة الشاغرة حاليا، بينما يعتزم الكثيرون منهم الهجرة الى الخارج لإيجاد فرصة عمل.   ويقول أيسر كامل، خريج كلية الآداب، لـ«الشرق الأوسط» إن وضعة الحياتي وكل الخريجين العاطلين يدعو للرثاء، وإنهم يعيشون حالة الحرمان، مشيرا إلى لجوئهم إلى افتراش أرصفة الشوارع لبيع السجائر والكتب المستعملة والعطور وغيرها من اجل سد الرمق وإعانة عوائلهم التي كانت تمني النفس بتخرجهم وحصولهم على الشهادة الجامعية التي تؤهلهم لفرص حياتية مقبولة.

وأضاف نزار الدوسري، بكالوريوس فيزياء، انه والمئات من أمثالة طرقوا أبواب الدوائر للتعيين فيها ولكن من دون نتيجة، وان «أسئلة لجنان المقابلة في معظم الدوائر لا تتعدى الاستفسار عن القومية والدين والطائفة وهل المتقدم يحمل كتاب تزكية من التيار (الديني) المهيمن عليها».

ويقول عبد الحليم كافي، خريج كلية الآداب، ان الفرصة الوحيدة المفتوحة أمام المئات من الخريجين بمحافظة البصرة «هي التطوع بصفة شرطي، وقد قبلها أعداد من الشباب تحت ضغط حاجة عوائلهم لوسائل العيش».

وتقول سلمى جواد، 28 عاما، انها حصلت على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة البصرة عام 2001 «والأمل يشدني إلى مسك أطراف خيوط المستقبل والتعيين كمدرسة لهذه المادة التي عشقتها وتعلقت بفنون آدابها منذ نعومة أظفاري والحصول على مورد لإعانة عائلتي، لكن من دون نتيجة»، واقترحت على المعنيين بوزارة التربية الاستعانة بهذه الطاقات في التعيين بصفة معلمه في المدارس الابتدائية بدلا من تأهيل خريجات الدراسة الاعدادية.

فيما قال علي شاكر، بكالوريوس هندسة مدنية، «لجأت الى بيع الحاجات السريعة التداول على المارة بغية جمع تكاليف السفر إلى الخارج، بعد أن أصبحت الحياة في الوطن هامشية لا قيمة للمؤهل العلمي فيها». ولم يجد سامر طالب، بكالوريوس علوم حياة، وسيلة لجمع مبلغ السفر إلا بعد ان دفعه والده الى العمل في فرن لدى أحد أقاربه، وقال «بالرغم من صعوبة العمل ورخص التعامل مع مفردات الحياة اليومية فأنا أعلل النفس بأنه عمل وقتي ربما أجد بعده ذاتي في بلاد الغربة». ووصف نخبة من أساتذة جامعة البصرة لـ«الشرق الأوسط» حال طلبتهم الخريجين بالقول «إذا كان عشرات الآلاف من الخريجين قد ذاقوا الأمرين  من طغيان التفرقة والتغييب وعدم تكافؤ الفرص مع أقرانهم في زمن النظام السابق، فان الحال لم يختلف كثيرا الآن». وأكدوا أن التمايز في التعيين يجب ان يكون على أساس التفوق المعرفي والعلمي، وإن هدر الثروات البشرية الشابة ستكون له نتائج وخيمة على مستقبل البلد، إضافة إلى ما ستخلقه من عقد وأمراض نفسية متعددة وفي مقدمتها الشعور بالإحباط وكراهية الأنظمة السياسية والحكومات. وأشاروا إلى أهمية البحث عن تجارب الدول المتقدمة واعتماد الوسائل الموضوعية في الاختيارات بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة والحزب والعشيرة والتي تعد من أكثر الوسائل تخلفا بين الشعوب.