السلطة تغلق المناطق المحيطة بمقر الرئاسة في رام الله خلال زيارة بوش .. وإسرائيل تنشر 10 آلاف شرطي

الشرطة الإسرائيلية ترفع حالة التأهب الى ما دون الطوارئ.. و250 رجل أمن أميركيا يشاركون في الحراسة.. ومظاهرات مناهضة في رام الله وغزة والقدس

ملصقات في القدس امس احتجاجا على زيارة بوش (ا ف ب)
TT

بينما تستعد الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية لاستقبال الرئيس جورج بوش التي تبدأ اليوم وتستغرق 48 ساعة، بما يليق بضيفهما الكبير، تعد بعض الفصائل الفلسطينية والقوى اليمينية المتطرفة في اسرائيل، لاستقباله بطرقها الخاصة وإخراج الآلاف من أنصارها الى الشوارع تعبيرا عن الاحتياج على ما يحمله في جعبته.

ففي رام الله ستغلق السلطة الفلسطينية غدا منطقتين وشوارع رئيسية حول مقر الرئاسة وتمنع استخدامها، كما منعت المواطنين من الوقوف فوق أسطح المنازل في المربع المطل على هذه الشوارع ومقر الرئاسة ومدرسة الفرندز، وهي المحل الذي هبطت طائرات هيلكوبتر أميركية وأنزلت قرابة 250 رجل أمن أميركيا سيكونون الى جانب 4 آلاف شرطي فلسطيني، مسؤولين عن حراسة الرئيس بوش لدى وجوده في رام الله. وطالبت السلطة الناس بشراء حاجياتهم سلفا، إذ من المتوقع أن يفرض هناك نوع من حظر التجول.

وأعلن العقيد عدنان الضميري، مدير عام العلاقات العامة في الشرطة، أن الأجهزة الأمنية ستغلق المربعين الواقعين في منطقة مدرسة «الفرندز» ومحيط مقر المقاطعة بشكل تام، ما بين فجر غد وحتى المساء، ويحذر في هذه المنطقة تنقل السيارات تماما. وستغلق أيضا الطريق الرئيسي الممتد ما بين فندق بيست ايسترن في نهاية شارع الإرسال، وحتى ميدان المنارة وسط مدينة رام الله، ثم من ميدان المنارة وحتى مفرق الشرفة في مدينة البيرة.

وستغلق الأجهزة الأمنية الطريق الممتد من مفترق الشرفة وحتى فندق «سيتي إن» القديم في حي البالوع شمال مدينة البيرة.

ونصح العقيد الضميري المواطنين بعدم الصعود إلى أعلى المباني ومنازلهم، مهما كان السبب، لأن ذلك قد يشكل خطراً على حياتهم نظراً لوجود انتشار مكثف لأفراد الأمن، وبخاصة المناطق المطلة على منطقة «الفرندز» ومقر المقاطعة. وطالب المواطنين بالاتصال على رقم 105 المخصص للطوارئ، في حال وجود حالة اضطرارية أو مرضية، حتى تقوم الأجهزة الأمنية بدورها في تقديم العون لهذه الحالات.

ودعا العقيد الضميري المواطنين في المناطق التي أُعلن عن إغلاقها خلال هذه الزيارة عن التزود بالحاجات الأساسية واحتياجاتهم مسبقاً، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية ستنظم حركة تنقل السيارات، من خلال إيجاد طرق بديلة للشوارع المغلقة لتمكين المواطنين من الانتقال إلى أعمالهم وقضاء حاجاتهم.

ورفعت الشرطة الإسرائيلية حالة التأهب في صفوفها الى درجة واحد فقط قبل حالة الطوارئ، كما ان كل الأجهزة الامنية والمخابرات معبأة على اعلى مستوى في هذه العملية التي يطلق عليها «السماء المفتوحة». وحسب الإذاعة الإسرائيلية نشرت الشرطة اعتبارا من صباح أمس وحتى انتهاء زيارة بوش صباح يوم الجمعة، 10 آلاف و460 شرطيا في القدس وتحديدا حول منزل رئيس الوزراء ايهود اولمرت وفندق «الملك داوود» وعلى طول الطريق السريع الذي يربط بين القدس وتل أبيب حيث ستحط طائرة الرئيس في حوالي الساعة 11:55 صباحا حسب التوقيت المحلي. وستكتظ السماء بمناطيد المراقبة وطائرات الهليكوبتر التابعة للشرطة. وستكثف الشرطة حضورهاا بشكل خاص في محيط الحرم القدسي الشريف عقب ورود معلومات استخبارية حول نية نشطاء من اليمين اقامة الصلوات في الحرم. وتفيد المعلومات بأن نشطاء يمينيين سيحاولون سد طرق في القدس خلال زيارة بوش.

هذا على الصعيد الرسمي، أما على الصعيد الشعبي فستنظم الفصائل الفلسطينية المختلفة تظاهرات في رام الله وغزة، بعضها للمطالبة بوقف التحيز الأميركي، والأخرى لإدانة السياسات الأميركية والتعبير عن رفض الزيارة. فقد أعلن مصطفى البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، الثلاثاء أن مؤسسات وقوى فلسطينية ستنظم مسيرات خلال الزيارة لمطالبة بوش بـ«وقف التحيز الأميركي لإسرائيل». وقال البرغوثي، الذي يرأس المبادرة الوطنية، في مؤتمر صحافي «سنطالب بوش خلال هذه المسيرات بوقف الانحياز الأميركي لاسرائيل»، معتبرا أن «باستطاعة الرئيس الأميركي خلال زيارته إحداث تغيير إذا أظهر توقف الانحياز الأميركي للجانب الاسرائيلي، والضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وكل الخروقات لحقوق الإنسان وساند عملية السلام».

واستبق أهالي غزة الزيارة بتنظيم تظاهرة حملوا فيها نعوشا تمثل عشرات الفلسطينيين الذين توفوا بسبب «حرمانهم» من العلاج خارج غزة، داعين بوش للضغط على إسرائيل لرفع الحصار. وحمل شبان وعدد من الأطفال ستين نعشا لفت بأعلام فلسطينية وكتبت عليها أسماء فلسطينيين توفوا خلال الأشهر الستة الماضية بسبب عدم تمكنهم من السفر للعلاج في مشاف إسرائيلية أو عربية.

وجاب المتظاهرون شوارع غزة وهم يرفعون لافتات كتب على إحداها «نقتل بالسلاح الأميركي ونحاصر بقرار أميركي»، وعلى أخرى «أغيثوا غزة أو احكموا عليها بالموت البطيء». وشارك في التظاهرة قرابة مائة من الجرحى والمرضى على كراسٍ متحركة.

ورفع بعض الشبان صورا للرئيس الأميركي بوش وبجانبه رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت وكتب عليها باللغة الإنجليزية «ارهابيان».

وقال الطفل وسام،13 عاما، وهو يحمل نعشا صغيرا كتب عليه اسم الطفلة سنا محمد الحاج ذات الشهور الستة التي توفيت بعد منعها من السفر للعلاج «كل يوم نموت ولا نعالج من المرض». وتابع القول «نطالب بوش بفتح المعابر كي نعالج.. كفى موتا».

وقال النائب عن حركة حماس، إسماعيل الأشقر، إن «زيارة بوش المشؤومة للمنطقة هدفها دعم العدو الصهيوني ولن تكون في مصلحة شعبنا»، وتابع «نخشى من تزايد الظلم على شعبنا بعد هذه الزيارة».

وستتواصل اليوم التظاهرات من قبل أنصار حماس التي تحمل م بوش مسؤولية الدماء النازفة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. وأكد أشرف أبو دية المتحدث باسم جهاز العمل الجماهيري في حماس أنه يجري التحضير لتنظيم العديد من الفعاليات الجماهيرية للتنديد بالزيارة. وقال أبو دية «إننا سنوجه خلال هذه الفعاليات رسالة قوية للرئيس بوش مفادها أننا نرفض وجوده على أرضنا المقدسة، لأنه المسؤول الأول عن سيل الدماء المتواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية، وتعميق الانقسام الداخلي الفلسطيني والتواطؤ مع الاحتلال الصهيوني». وأوضح أن مسيرات كبيرة ستجوب شوارع قطاع غزة تنديداً بالزيارة، حاثاً كافة الفصائل والأحرار على المشاركة في هذه الفعاليات. وفي إسرائيل تعد قوى اليمين المتطرف في إسرائيل لاستقبال بوش جورج بوش بسلسلة تظاهرات احتجاجا على جهوده لتطبيق «خارطة الطريق». ورفعت ملصقات تحمل صورا لبوش وأولمرت والرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية. ووضعت «الجبهة اليهودية القومية» شعارا كبيرا فوق هذه الصورة بعنوان: «شركاء الإرهاب». وسارعت الشرطة الى اعتقال ستة من نشطاء تلك العصابة على ذمة التحقيق. وقال رئيسهم، ايتان بن جبير، إن الاعتقال يدل على ان الشرطة الإسرائيلية لا تحتمل نشاطات اليمين الديمقراطية مثلما تحتمل نشاطات اليسار. ووعد بأن يغرق القدس بمثل هذه الملصقات طيلة فترة زيارة بوش. وأكد انه ورفاقه في تلك الجبهة سيتظاهرون غدا أمام فندق الملك داود في القدس، حيث سيقيم الرئيس بوش.

وكانت قوى اليمين قد طلبت وحصلت على تصريح لإقامة مظاهرتين أخريين ضد زيارة بوش: الأولى ستكون عبارة عن سلسلة بشرية تحيط بأسوار البلدة القديمة من القدس، وذلك للتعبير عن رفض التسويات التي ستفضي الى الانسحاب الاسرائيلي من القدس الشرقية المحتلة عام 1967 أو أجزاء منها وعن التشبث بالمدينة المقدسة كـ«عاصمة أبدية لإسرائيل»، والثانية، ستقام في مستعمرة هار حوماه، المقامة على أراضي جبل أبو غنيم جنوب القدس الشرقية، والتي أصدرت الحكومة الإسرائيلية أخيرا مناقصة لبناء 440 وحدة سكنية جديدة فيها لليهود وأثار ذلك القرار انتقادا في الولايات المتحدة.

وتجندت قوى أخرى في اليمين لطرح مسألة الجاسوس اليهودي الأميركي، جونثان بولارد، الذي يمضي 22 سنة من السجن حتى الآن بعد ادانته بتحويل وثائق سرية عن التسلح النووي الأميركي الى اسرائيل بالتنسيق مع جهاز «الموساد» الاسرائيلي، والذي ترفض المخابرات الأميركية الطلبات الاسرائيلية المتكررة لإصدار عفو عنه.