ساركوزي مدافعا عن سياسته: أتحمل مسؤولية زيارة القذافي ولست نادما على الحوار مع سورية

الرئيس الفرنسي يرد بقوة على الحملات التي يتعرض لها بسبب أسلوب حياته الخاصة

TT

في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ وصوله الى قصر الأليزيه، في مايو (أيار) الماضي، تناول الرئيس الفرنسي في أكثر من ساعتين استراتيجية حكومته والتحديات التي تواجهها، مشددا على إرادة التغيير التي يتسم بها عهده بما في ذلك اسلوب حياته الخاصة، وعلاقته مع المغنية كارلا بورني، التي اثارت جدلا واسعا.

ودعا ساركوزي الوسائل الإعلامية التي تعتبر أنه يمزج بين حياته الخاصة والعامة، الى أن تمتنع عن إرسال المصورين والصحافيين الذين يلاحقونه من مكان الى آخر.

وإذا كان ساركوزي قد كرس الجزء الأساسي من مؤتمره الصحافي للوضع في فرنسا، حيث تتكاثر الانتقادات فإنه تناول علاقات بلاده الخارجية عارضا رؤيته للعلاقات الدولية وضرورة إصلاح المؤسسات الدولية كمجلس الأمن الدولي ومجموعة الدول الثماني الأكثر تصنيعا، مشددا على تمسكه بمشروع الاتحاد المتوسطي وتفادي صراع الحضارات. ودافع ساركوزي عن سياسته إزاء بعض العالم العربي، وذلك قبل 5 أيام من جولته الخليجية، التي ستشمل السعودية والإمارات وقطر. ورد الرئيس الفرنسي على منتقدي سياسته الذين لاموه على إتمام زيارته للجزائر ومصر. ودعا ساركوزي، إزاء عودة أعمال العنف الى الجزائر، الى دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والحكومة الجزائرية. وقال: «نعم. يجب دعم حكومة (الرئيس) بوتفليقة، لأنه لا أحد يريد حكم طالبان في الجزائر»، في إشارة الى الحقبة التي كانت فيها حركة طالبان تحكم أفغانستان. وفي السياق عينه، طالب الرئيس الفرنسي، بدعم الرئيس مبارك الذي زاره نهاية الأسبوع ما قبل الماضي. وقال ساركوزي «نعم. يجب دعم الرئيس مبارك في مصر، هل نريد في مصر حكومة للإخوان المسلمين؟». وتوقف ساركوزي مطولا عند الزيارة الرسمية التي قام بها العقيد القذافي الى باريس، قبل اسابيع قليلة والتي أثارت انتقادات عديدة من قبل اليسار وبعض الجمعيات والمثقفين. وأكد ساركوزي أنه «يتحمل مسؤولية» الدعوة، منتقدا اليسار الذي يهاجمه في باريس بينما ملك اسبانيا واليسار الإسباني الذي يمسك بالحكومة، استقبلا القذافي من غير تردد أو جدل. ونفى ساركوزي الذي خرج عن النص المكتوب لكلمته التي افتتح بها مؤتمره الصحافي، ليؤكد أن الجمهورية الفرنسية «قامت بما يتعين عليها» إزاء الزعيم الليبي الذي «أطلق سراح الممرضات البلغاريات وتخلى عن الإرهاب وعن أسلحة الدمار الشامل». وتساءل ساركوزي:» إذا لم نقم بذلك، فما الذي نقوله لإيران التي ترفض التعاون مع الأسرة الدولية، ومجلس الأمن لوقف نشاطاتها النووية الحساسة؟».

وفي هذا السياق، رد الرئيس الفرنسي على الاتهامات التي تساق له بسبب اقتراحه التكنولوجيا النووية السلمية على الدول العربية، وعدم أخذه بالاعتبار إمكانية انتشار الأسلحة النووية، وعدم قدرة العرب على التعاطي مع النفايات النووية بالقول، إنه «يتعين مساعدة الدول النامية وفتح القطاع النووي المدني أمامها». وقال ساركوزي «إن المشكلة الكبرى في العالم، هي تحاشي النزاع بين الشرق والغرب. وإذا قلنا للدول العربية ان لا حق لها بالحصول على النووي المدني، لأنها دول عربية، فهذا سيكون دفعا لإيران التي تدافع عن هذه المقولة».

ومرة أخرى، خرج الرئيس الفرنسي عن النص المكتوب، ليتناول العلاقات مع سورية مدافعا عن دبلوماسيته القائلة بضرورة ان «تتحدث» فرنسا مع الجميع. وقال ساركوزي إنه «غير نادم على أنه بذل محاولة مع سورية رغم أن ذلك لم يعط نتيجة». وأضاف الرئيس الفرنسي: «إن فرنسا تريد أن تمد يدها للجميع وأن تعمل بنية حسنة وبنزاهة. ولكن عندما لم يستجب السوريون، استخلصنا النتائج وأدنت الموقف السوري». واعتبر الرئيس الفرنسي لبنان «مثالا» على التعددية التي تدافع عنها فرنسا. وقال ساركوزي «إن فرنسا تريد أن تستخدم كل ما في حوزتها لضمان استقلال لبنان، وليعود مجددا رمزا للتعددية التي ميزته طيلة تاريخه».

ونوه ساركوزي بمبادرتين قام بهما وزير خارجيته برنار كوشنير، وهما تنظيم مؤتمر دولي حول دارفور، وآخر للدول والهيئات المانحة للفلسطينيين في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي حصد التزامات مالية لدعم الفلسطينيين بقيمة 7.3 مليار دولار. واغتنم المناسبة لتأكيد أنه سينفذ الوعود التي أطلقها خلال الحملة الرئاسية قائلا، إنه أمضى 30 سنة يحضر نفسه للرئاسة وأنه يريد التغيير، خصوصا أن الطرق القديمة في معالجة أزمات فرنسا لم تنجح.

ورد الرئيس الفرنسي بقوة على الحملات التي يتعرض لها بسبب أسلوب حياته الخاصة، ومنها علاقته مع كارلا بروني وعطله التي أمضاها في مصر والأردن، وسفره على متن طائرات خاصة يضعها أصدقاء له بتصرفه. وقال ساركوزي إنه يريد «الشفافية» ولا يريد أن يخبئ ما يقوم به، مشددا على أن سفراته «لم تكلف دافع الضرائب الفرنسي سنتا واحدا»، بعكس ما حصل مع الرؤساء السابقين.