«هيومن رايتس ووتش» تطالب البرلمان العراقي بإقرار قانون يرفع الحصانة عن الشركات الأمنية الخاصة

طالبت واشنطن بمقاضاة المتعاقدين الأمنيين ممن ارتكبوا انتهاكات أمام محاكم أميركية

TT

طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تعنى بحقوق الانسان مجلس النواب العراقي (البرلمان) بالموافقة على مشروع قانون يهدف إلى إنهاء حالة إفلات المتعاقدين الأجانب من القطاع الخاص من العقاب. ويبطل مشروع القانون الذي أحالته الحكومة الى البرلمان الأمر رقم 17 لسلطة الائتلاف المؤقتة التي توقف العمل بها والتي كانت تحت القيادة الأميركية، وهو الأمر الذي يمنح المتعاقدين الأجانب وموظفيهم من غير العراقيين الحصانة ضد الملاحقة الجنائية العراقية. وقد أصدرت الحكومة العراقية هذا التشريع في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2007 وأرسلته إلى البرلمان العراقي الذي ما زال يحاول بصعوبة جمع ما يكفي من أعضاء لبلوغ النصاب المطلوب للتصويت على عدة تشريعات تأخر النظر فيها. وطالبت «هيومن رايتس ووتش»، التي مقرها نيويورك، في بيان اول من امس المشرعين العراقيين بضمان الموافقة العاجلة على هذا القانون. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، «لقد خلق التحالف بقيادة الولايات المتحدة فراغاً قانونياً يسمح للمتعاقدين الأجانب في العراق بارتكاب الانتهاكات الجسيمة من دون خوف من عقاب». وتابعت «حان الوقت لكي يمرر البرلمان العراقي قانوناً يقضي على حالة الإفلات من العقاب التي ينعم بها العاملون الأمنيون الأجانب ممن يرتكبون الجرائم في العراق».

وكان مقتل 17 مدنياً عراقياً على يد عاملين بالشركة الأمنية «بلاك ووتر» التي تقدم خدماتها للدبلوماسيين الاميركيين في العراق في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي قد لفت انتباه المجتمع الدولي إلى غياب المحاسبة على الجرائم المرتكبة من قبل المتعاقدين الأمنيين في العراق. وتحركت الحكومة العراقية بوضع مشروع قانون يرفع الحصانة عن العاملين في الشركات الامنية الخاصة. ويعمل في العراق قرابة 48000 موظف يعملون لدى المتعاقدين الأمنيين من القطاع الخاص، وهذا من بين إجمالي أكثر من 100000 عنصر من المتعاقدين.

والأمر الذي أصدرته سلطة الائتلاف المؤقتة في يونيو (حزيران) 2004 يمنح المتعاقدين الأجانب الحصانة من الملاحقة الجنائية على يد السلطات العراقية. وتظل قرارات سلطة الائتلاف المؤقتة نافذة ما لم يلغها أو يبطلها تشريع جديد، بموجب أحكام القانون الإداري الانتقالي الصادر عام 2004 في العراق. وينص الأمر رقم 17 على أنه «يتمتع المتعاقدون بالحصانة من القضاء العراقي فيما يتعلق بالمهام التي يؤدونها على صلة بشروط ومواصفات العقود أو العقود الفرعية». ويُعرِّف الأمر المتعاقدين باعتبارهم: «شخصيات اعتبارية غير عراقية ولا توجد في العراق في الأحوال الطبيعية، بما يشمل العاملين بهذه الجهات من الموظفين غير العراقيين». وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن الموافقة على مشروع القانون الجديد كفيلة بالإسهام في جهود محاسبة الشركات الأمنية على ارتكاب الانتهاكات في المستقبل.

كما دعت المنظمة الحكومة الأميركية إلى مقاضاة المتعاقدين الأمنيين الأميركيين في محاكم أميركية إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم ضد المدنيين العراقيين. وبموجب القانون الأميركي الحالي، فإن «المتعاقدين من القطاع الخاص الذين يتعاونون مع وزارة الدفاع أو يدعمون مهام وزارة الدفاع يمكن مقاضاتهم بموجب قانون الاختصاص القضائي الخارجي على بعض الجرائم المرتكبة بالدول الأخرى». إلا أنه حتى الآن لم تُحمِّل الحكومة الأميركية متعاقدا خاصا واحدا مسؤولية جنائية جراء ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين العراقيين على الرغم من التقارير المنتشرة حول وقائع إطلاق النيران بدون أن تسبقها بوادر عدائية من الأطراف الأخرى.

ومتعاقدو القطاع الخاص، المستخدمون من قبل وزارة الخارجية الأميركية للعمل في العراق بمن فيهم شركة «بلاك ووتر» التي تورطت في واقعة إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) يعتبرون أنهم «يدعمون مهام وزارة الدفاع» ويمكن مقاضاتهم بموجب قانون الاختصاص القضائي الخارجي. لكن حسب «هيومن رايتس ووتش» يوجد غياب للمراقبة والتنفيذ ـ بالنسبة لهذا القانون ـ «على نحو مخيب للآمال». وقالت سارة ليا ويتسن: «بحماية واشنطن للمتعاقدين من الملاحقة الجنائية محلياً فهي تتحمل مسؤولية مقاضاة المتعاقدين في المحاكم الأميركية إذا كانوا مسؤولين عن ارتكاب جرائم خطيرة في العراق».