هيلاري تستعيد النساء.. وماكين بطل فيتنام إلى الواجهة من جديد

نيو هامبشاير تعيد خلط الأوراق.. أوباما ما زال يؤمن بالتغيير وخسارة رومني قد تقضي على آماله

هيلاري كلينتون تتحضن سيدة في مقر انتخابي أمس (إ.ب.أ) وجون ماكين يحيي أنصاره (رويترز)
TT

أعادت ولاية نيو هامبشاير خلط أوراق معركة الرئاسة الأميركية مع إعادة كل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والجمهوري جون ماكين الى الواجهة، ومنحهما فوزا كانا بحاجة إليه للاستمرار في المعركة، بعد تعثر كبير في الخطوة الاولى في ولاية أيوا، حيث حلت كلينتون ثالثة وماكين رابعا.

وحققت كلينتون فوزا مفاجئا على منافسها باراك اوباما، الذي كان متقدما بعشر نقاط، بحسب استطلاعات الرأي، بعد أن تمكنت من اعادة جذب اصوات النساء اللواتي خذلنها في أيوا وصوتن لأوباما، فصوت 47 في المائة من النساء لهيلاري هذه المرة، مقابل 34 في المائة لأوباما. كما نالت غالبية أصوات الناخبين الأعضاء في الحزب الديمقراطي، فيما حصل أوباما على أكثر بقليل من نصف أصوات الناخبين المستقلين، الذين صوتوا للديمقراطيين. وحل جون ادواردز الذي جاء ثانيا في أيوا، في المرتبة الثالثة، وحصل على نسبة 17 في المائة من الاصوات.

وعلى الرغم من ان الفارق كان ضئيلا بين كلينتون التي فازت بنسبة 39 في المائة من الأصوات، واوباما الذي حصل على 36 في المائة، فإن هذا الفوز قد عنى الكثير لكلينتون التي كانت تراهن منذ البداية على تحقيق نجاح كاسح في نيو هامبشاير.

وقال بعض المحللين ان هيلاري تمكنت من قلب استطلاعات الرأي، بعد أن كادت دموعها تنهمر قبل يوم من التصويت وهي تتحدث عن أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لها، وهو مشهد أثر على الناخبين خاصة النساء. وقال محللون آخرون، ان وجود زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون الى جانبها، وقيامه بحملات منفردا لصالحها قد ساعدها أيضا على استعادة أصوات الناخبين في هذه الولاية، التي كانت أنقذته في عام 1992 حين حل في المرتبة الثانية، في وقت كانت تلاحقه فيه اتهامات الخيانة الزوجية والتهرب من الخدمة العسكرية، وأعلن حينها أنه «الفتى العائد». وقال بيل الاسبوع الماضي، إن زوجته ستكون «الولد العائد» في نيو هامبشاير أيضا مثله تماما. ولم تستطع هيلاري كبت فرحتها العارمة بفوزها، وقالت أمام حشد من مؤيديها المبتهجين بفوزها في خطاب النصر والسعادة تغمرها: «قلبي مغمور بالفرح.. طيلة الأسبوع الماضي استمعت إليكم، والآن وجدت صوتي فيكم.. أشعر اننا نتحدث جميعا من قلوبنا، وأنا ممتنة للغاية لاستجابتكم». وأضافت: «ان السياسة ليست لعبة، وان هذه الحملة تهتم بقضايا الناس».

أما أوباما، وعلى الرغم من خسارته، فقد تمكن من اشعال الحماسة بين أنصاره، ومعظمهم من الشباب الذين تجمعوا لسماعه، وقد بدت عليهم علامات الحزن. وطلب اوباما اليهم الا يفقدوا ايمانهم، واستطاع تحويل لحظة الهزيمة الى نصر. واعتلى أوباما المسرح، بينما كانت شاشات التلفزيون في القاعة الرياضية في احدى المدارس تعرض صور السناتورة هيلاري كلينتون ووجه تهنئة اليها بفوزها.

وقال: «حين واجهنا رهانا مستحيلا، حين قيل لنا اننا غير مستعدين او انه يجب علينا الا نحاول او اننا لا نستطيع.. ردت أجيال من الأميركيين بإيمان بسيط لخص روح الشعب.. نعم نستطيع». وعندها اشتعل انصار أوباما حماسا وأخذوا يرددون وراءه: «نعم نستطيع.. نعم نستطيع». وكان لوقع كلمات أوباما السحر المطلوب على من يؤمنون به، وقال طالب الحقوق درو في لانفورد: «أحببت خطابه أخذت أرتعش، حين سمعت عبارة نعم نستطيع». أما ادواردز الذي حل ثالثا، فقد أكد استمراره في المعركة الانتخابية، وقال في تصريحات لشبكة «سي.إن.إن» التلفزيونية: «سنمرح كثيرا.. 99% من الأميركيين لم يدلوا بأصواتهم بعد». ويراهن ادواردز وهو من ولاية نورث كارولينا، على ولايات الجنوب حيث يتمتع بشعبية كبيرة وحيث حظوظه بالتقدم على منافسيه كلينتون واوباما مرتفعة.

وفي الجانب الجمهوري، فقد أعلن السناتور جون ماكين البالغ من العمر 71 عاما وبطل حرب فيتنام، عودته الى الساحة بقوة بعد أن كاد ينسجب من المعركة، بسبب عدم قدرته على جمع التبرعات الكافية. وحاز 37 في المائة من أصوات الجمهوريين مقابل 32 في المائة لميت رومني، و11 في المائة فقط لمايك هاكابي فائز أيوا. واحتفل ماكين بالفوز في الولاية التي كان قد احتفل فيها بالنصر في عام 2000 قبل أن ينجح الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، ثم الفوز بالرئاسة. وسعى لكسب أصوات الناخبين المستقلين بما يبرز قدرته على الفوز بأصوات الناخبين من ذوي التوجهات السياسية المتقلبة. وبدا أن ناخبي نيوهامبشاير قرروا مكافأة ماكين على موقفه المبدئي بشأن حرب العراق، حيث كان قد طالب بتعزيز القوات المنتشرة هناك قبل وقت طويل من قرار بوش زيادة عدد الجنود الأمريكيين في الأراضي العراقية في عام 2007، وكذلك مواقفه المناهضة للجوء إلى التعذيب في إطار «الحرب على الإرهاب».

ونجح ماكين في التغلب بسهولة على حاكم ماساتشوستس السابق ورجل الأعمال الغني، الذي يتبع طائفة المورمون ميت رومني، وكذلك على حاكم أركنسو السابق مايك هاكابي، القس المعمداني الذي حقق فوزا مفاجئا في آيوا. واتصل ميت رومني ومايك هاكابي الذي حل ثالثا في نيو هامبشاير وحاز 11 في المائة من الأصوات، بماكين لتهنئته. وقال رومني معترفا بهزيمته الثانية بعد ايوا، حيث قال انه فاز بميدالية فضية: «انها ميدالية فضية اخرى. كنت افضلها ذهبية، ولكنها فضية». ولم تسعف رجل الاعمال الثري المورموني الاموال الطائلة، والجهد الوفير الذي بذله في حملته في ولايتي أيوا ونيوهامبشاير. وعلى الرغم من تأكيده مواصلة السباق، الا ان خسارته أمس، قد تضع حدا لآماله بالحصول على ترشيح حزبه.

أما رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، الذي حصل على 9% من الاصوات فقط، فلم تكن حملته كثيفة في ايوا ولا في نيو هامبشاير، حيث فضل ادخار قواه لولايات اكبر مثل فلوريدا. ومع انطلاق المنافسة بزخم، سيكون المتنافسون قريبا على موعد يوم الثلاثاء المقبل في 15 يناير (كانون الثاني) مع انتخابات ميتشيغان التمهيدية الديمقراطية والجمهورية، و19 يناير مع انتخابات نيفادا الديمقراطية والجمهورية، والانتخابات الجمهورية في نيفادا وكارولاينا الجنوبية تليها الانتخابات الديمقراطية في 26 يناير. أما في الخامس من شباط (فبراير) فستجرى الانتخابات في 20 ولاية دفعة واحدة بما فيها ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي التي تكتسب الانتخابات فيها أهمية كبرى.