بوش: الدولة الفلسطينية ستقوم.. والأمم المتحدة لم تنجح

وعد بإطلاق آلية ثلاثية لمراقبة تطبيق «خارطة الطريق» * عين الجنرال فريزر عن الطرف الأميركي

أبو مازن يستقبل بوش أمس (إ. ب . أ)
TT

أعرب الرئيس الأميركي جورج بوش، عن ثقته الكاملة، في توقيع اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل انتهاء هذا العام. وقال بوش بعد مباحثات اجراها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في مقر الرئاسة في مدينة رام الله «أنا متأكد من أن الدولة الفلسطينية ستبرز هذا العام». وبدا بوش واثقا وهو يتحدث عن توقيع اتفاق سلام قبل مغادرته البيت الأبيض، قائلا «سيكون هناك اتفاقات موقعه قبل مغادرتي». وأقر بوش بفشل دور الأمم المتحدة في تحقيق السلام، وقال «إن الأمم المتحدة لم تنجح في الماضي». وتابع «انا اطلب من اسرائيل التفاوض بنوايا طيبة، لنخرج بحل دائم». ووصل الرئيس الأميركي الى مقر المقاطعة في رام الله، في الساعة 9.45 من صباح امس.

ووحده أبومازن ومن دون أي من وزرائه، أو مستشاريه، كان في استقبال بوش لحظة وصوله. وتجنب بوش زيارة قبر الزعيم الراحل ياسر عرفات، الذي لم يبعد سوى بضع عشرات من الأمتار، وان كانت صوره بقيت معلقة كما هي، وجلس بوش الذي يكن العداء له، تحت صورة كبيرة لعرفات في مكتب ابو مازن، وجرت مراسم استقبال الضيف الأميركي، سريعا، في اقل من 5 دقائق، من دون ان تعزف الفرق الموسيقية، ايا من النشيدين الوطنيين. وجمع الصحافيون في زاوية بعيدة عن مكان الوصول، وتم ابلاغهم بمنع ادخال اجهزتهم الجوالة الى قاعة المؤتمر، كما منعوا من اجراء اية اتصالات من داخل القاعة. وسار أبو مازن برفقة بوش سريعا على بساط أحمر أعد خصيصا لـ«الضيف» الى داخل مكتب ابو مازن.

وعقد بوش 3 اجتماعات سريعة، أحدها مغلق مع الرئيس الفلسطيني، والثاني موسع بحضور طاقمي ومساعدي الرئيسين، والثالث مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس الوفد الفلسطيني أحمد قريع (أبو علاء). وعلمت «الشرق الأوسط» ان لقاء عباس ـ بوش، تركز في بحث موضوع الدولة والاستيطان وغزة، وقدم أبو مازن للرئيس الأميركي خرائط مفصلة عن الاستيطان والجدار قائلا له، انه لا يمكن اقامة الدولة بهذه الطريقة. وتم الاتفاق خلال لقائهما عل اطلاق الآلية الثلاثية لمراقبة تنفيذ خطة «خارطة الطريق».

وقال بوش انه على قناعة بأن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت وعباس، سيتمكنان من اتخاذ القرارات الصعبة التي تقود الى اتفاق قيام الدولة الفلسطينية. وأكد بوش ضرورة ان تكون هذه الدولة ديمقراطية وموصولة الأجزاء، بهدف تحقيق رؤيا الدولتين للشعبين، وتعيشان جنبا الى جنب بسلام. وقال ممازحا الصحافيين «أنا قلت سابقا ان الجبن الفرنسي (المقطع)، لا يصلح كدولة فلسطينية». وتابع بوش «أنا أؤمن بشمولية الحرية، وفي قرار كل فرد يريد العيش بحرية، وأنا أؤمن بأن فكرة حل الدولتين تستند إلى شمولية الحرية»، وتساءل «التحدي، هو هل من الممكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يحلوا خلافاتهم حول المسائل الجوهرية»؟ واستطرد مجيبا «نعم، قطعا، هذا ممكن وضروري أيضا».

وأشار بوش إلى أنه لمس الجدية لدى عباس وأولمرت، للسير في عملية السلام، متعهدا أن الولايات المتحدة ستبذل الجهد المطلوب لتقريب وجهات النظر بين الجانبين. وأوضح، أن العمل يتم حالياً في ثلاثة مسارات وهي: المفاوضات لتحديد الرؤية للعمل وفق خطة «خارطة الطريق»، والمساعدة في تسوية المسائل المتعلقة بخطة الطريق، ومساعدة السلطة الوطنية لتطوير البنية التحتية الخاصة، بالديمقراطية والاقتصاد والأمن.

وحسب بوش، فإن هدف الإدارة الاميركية، هو إقامة دولة فلسطينية قادرة على الدفاع عن نفسها، وتعطي الثقة للجيران بأنه لا حاجة للحواجز، وهذه الدولة ستكون مترابطة جغرافياً. وردا على سؤال حول الحواجز الاسرائيلية، قال انه يتفهم ان ذلك يولد الاحباط للفلسطينيين، واشار الى حادثة توقيف «كبير المفاوضين على أحد الحواجز، اثناء ذهابه الى التفاوض». لكن بوش، قال ايضا انه يتفهم الحاجة الاسرائيلية لإقامة نقاط التفتيش بهدف اعطاء الاسرائيليين شعورا بالأمن. ومازح الصحافيين من جديد، قائلا «انا سعيد، لأن موكبي لم يفتش اليوم».

وتوقع الرئيس الأميركي من الجانبين «احترام تعهداتهما وفقا لخارطة الطريق». وأشار الى أنه عبر للمسؤولين الإسرائيليين عن قلقه من توسيع المستوطنات، مؤكدا ان الولايات المتحدة تحاول تغيير الوضع الراهن في المنطقة.

وفي هذا السياق أعلن عن تعيين الجنرال وليام فريزر للاشراف على تطبيق «خارطة الطريق». وعرف بوش ابو مازن على الجنرال الذي كان يرافقه. والجنرال فرايزر يتولى حاليا منصب مساعد رئيس هيئة اركان الجيوش الأميركية.

وأشار الى انه اوضح ايضا للجانب الاسرائيلي، معارضته لأية نشاطات من شأنها عرقلة الجهود التي تبذلها قوات الامن الفلسطينية للحفاظ على الامن، موضحاً أن مهمة الجنرال الأميركي كنيث دايتون تتركز في مجال تطوير هذه القوات وتفعليها. وقال «أنا أؤمن بأن قوى الأمن الفلسطينية آخذة بالتحسن، ورسالتي للإسرائيليين هي أن عليهم تقديم المساعدة».

وطالب الرئيس بوش، عباس واولمرت، باستمرار عقد الاجتماعات بينهما، واتخاذ القرارات الصعبة، والعمل على حل الإشكاليات القائمة لتحقيق السلام على أساس فكرة الدولتين اللتين تعيشان جنباً إلى جنب وطالب بوش الإسرائيليين، بالتفاوض مع الزعيم الفلسطيني المنتخب. وأكد الرئيس الأميركي بأنه يرغب في رؤية دولة فلسطينية تكون واضحة الحدود والمعالم. وهاجم الرئيس الاميركي حركة حماس، قائلا «نريد دولة تختلف عن الموجود حالياً في غزة، والوضع في غزة صعب، وعلى الشعب الفلسطيني، أن يقرر السير مع حماس التي لا تقدم سوى الشقاء، أو مع حكومة الرئيس عباس التي تعطي رؤية مفعمة بالأمل». من جانبه، أشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالرئيس الأميركي وقال إن الشعب الفلسطيني لم «ينس أنكم يا سيادة الرئيس، أول من أعلن التزامه بإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين». وأعلن عباس عن قرب انطلاق المفاوضات، قائلا «إننا سنبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة مع جيراننا مفاوضات ثنائية، تتناول جميع القضايا النهائية، ونأمل أن تتكلل بإنهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا المستقلة، استنادا لرؤية الرئيس بوش، وقرارات الشرعية الدولية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، التي طال أمدها، كما دعت لذلك مبادرة السلام العربية، ووفقا لقرارات الأمم المتحدة».

ورداً على سؤال حول رضاه عن الزيارة، أكد أبو مازن أنه راض من نتائج زيارة الرئيس الأميركي إلى فلسطين، وقال للصحافيين «إن المباحثات مع الرئيس بوش، تناولت كل المواضيع التي تخطر ببالكم، والتي لم تخطر ببالكم، ونحن متفقون حول كل ما تناولناه».

وحسب عباس فإن الرئيس الأميركي تفهم ان الاستيطان يشكل عقبة حقيقية أمام تقدم المفاوضات. ولم يعط بوش ابو مازن، حسب ما قالت مصادر فلسطيينية سوى وعد جاد، بمتابعة مباحثات السلام، وتفعيل الآلية الثلاثية لتطبيق خطة «خارطة الطريق».