أكراد تركيا يتوجهون إلى كردستان العراق بحثاً عن الوظائف والتجارة

رغم توتر العلاقة بين حكومة الإقليم وأنقرة بسبب حزب العمال الكردستاني

وزير الموارد المائية العراقي عبد اللطيف رشيد، الذي ينتمي الى الاتحاد الوطني الكردستاني، يمسك بيد نظيره التركي فيصل اروغلو وهما يتوجهان الى مكان اجتماع اللجنة العراقية – السورية – التركية لحوضي دجلة والفرات في دمشق امس (أ.ب)
TT

ديار بكر (تركيا) ـ رويترز: أن يتدفق آلاف الاكراد الاتراك على شمال العراق بحثا عن فرص للعمل والتجارة ليست متوفرة الى حد كبير في موطنهم فكرة قد تبدو غريبة. ففي حين كانت الطائرات الحربية التركية تقصف أهدافا لحزب العمال الكردستاني شمال العراق، كان رجال أعمال وعمال أتراك منشغلين بجمع الاموال في اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، في حين كان أكراد العراق يتوجهون لتركيا للعمل والاسترخاء.

وتعمل مؤسسات في منطقة جنوب شرق تركيا الفقيرة التي يغلب الاكراد على سكانها كوسطاء بين الشركات الغربية وأكراد العراق. وقال سيهموس أكباس رئيس منتدى دوجونسيفيد الاقتصادي في جنوب شرقي تركيا «العراق يساهم بشكل جاد في عملية التوظيف بديار بكر. شبابنا يحصل على الفرص لإيجاد وظائف هناك في البناء والمطاعم ومحلات الملابس».

وديار بكر التي يسكنها نحو مليون نسمة هي أكبر مدن جنوب شرقي تركيا لكن اقتصادها متعثر منذ فترة طويلة بسبب أعمال العنف التي تقع نتيجة الصراع بين قوات الامن ومتمردي حزب العمال الكردستاني المحظور. ويقول مسؤولون ان الصراع الذي اندلع عام 1984 وأسفر عن مقتل قرابة 40 ألف شخص يؤدي لانصراف المستثمرين عن المنطقة ويساهم في بقاء نسبة البطالة عند مستوى 60 في المائة من السكان المحليين مقابل 9 في المائة على مستوى البلاد.

وقتل ستة أشخاص معظمهم من الطلاب في انفجار قنبلة وسط ديار بكر الاسبوع الماضي. وألقت السلطات المسؤولية على عاتق حزب العمال الكردستاني، في حين لمحت الجماعة الى أن بعضا من أعضائها يعملون بشكل مستقل ربما يكونون المسؤولين.

ويعادل دخل الفرد في جنوب شرقي تركيا ثلث المعدل القومي. ويحمل أكثر من نصف سكان هذه المنطقة «بطاقة خضراء» تتيح للفقراء رعاية طبية مجانية ومساعدات في شراء الغذاء والوقود. ومن ثم فليس من المستغرب أن يكون الاكراد الاتراك متلهفين للحصول على نصيب من الازدهار الاقتصادي في اقليم كردستان الغني بالطاقة.

وتدفع بعض مواقع البناء في شمال العراق للعمال ما يصل الى ألفي دولار في الشهر، في حين يتقاضى العمال عن نشاط مماثل في جنوب شرقي تركيا نحو 400 ليرة (345 دولارا) فحسب.

وتسعى شركات البناء التركية التي لها نشاط في الشرق الاوسط وروسيا واسيا الوسطى أن تكون لها حصة من مشاريع البنية الاساسية في شمال العراق والتي يقدر أن تصل قيمتها الى 20 مليار دولار على مدى الاعوام العشرين المقبلة. وتجاوزت قيمة العقود التي نالتها شركات البناء التركية في العراق خلال عام 2007 أربعة مليارات من الدولارات.

وبلغ اجمالي صادرات تركيا للعراق نحو ثلاثة مليارات من الدولارات وشملت سلعا رأسمالية مثل الاجهزة الالكترونية الى جانب السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية.

ويحمل سائقو الشاحنات الاتراك وكثير منهم من جنوب شرقي تركيا معهم النفط الخام وهو أرخص بكثير في شمال العراق لبيعه داخل تركيا. كما يضخ العراق النفط الخام لساحل تركيا على البحر المتوسط عن طريق خط أنابيب يربط بين كركوك ويومورتاليك.

وبسبب الروابط الثقافية الوثيقة واللغة المشتركة لا يجد أكراد تركيا صعوبة في العثور على وظائف في كردستان العراق. وقال مرسل تونجاي وهو رئيس مجموعة شركات موركان، ومقرها ديار بكر «الشركات الغربية تبحث عن شركاء في جنوب شرقي تركيا للعمل في شمال العراق بسبب اللغة والثقافة المشتركة». وأضاف أن رجال الاعمال الاكراد العراقيين يفضلون أيضا التعامل مع تركيا بسبب اقتصادها المفتوح. وتابع «انهم يأتون هنا للعمل وابرام الصفقات والتمتع في اسطنبول. لا يمكنهم فعل ذلك في ايران أو سورية. يعتبرون تركيا بوابتهم الى العالم».

ويخشى بعض رجال الاعمال المحليين من أن تضر حملة القصف التي نفذها الجيش التركي ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق على مدى الشهر المنصرم بقطاع الاعمال. وقال أكباس الذي وصف أكراد العراق بأنهم أبناء عمومة لاكراد تركيا «عندما نشاهد قصف شمال العراق على الهواء مباشرة تنفطر قلوبنا».

وحث رجال الاعمال في جنوب شرقي تركيا الحكومة التركية على توطيد العلاقات السياسية مع أكراد العراق، لكن أنقرة تفضل التعامل مباشرة مع بغداد.

وتحرص تركيا على منع قيام دولة كردية مستقلة في شمال العراق، خشية أن يؤجج ذلك النزعة الانفصالية بين الاقلية الكردية التركية ويؤدي لزعزعة استقرار منطقة أوسع نطاقا. وقال فهرتين أكيل وهو رئيس بورصة السلع في ديار بكر «ينبغي أن تلعب تركيا دور الاب (للاكراد العراقيين). ليسوا مصدر خطر. نحن أكبر بلد في الشرق الاوسط وعددهم ضئيل بالمقارنة بنا». وقال أكباس «انه اقليم غني للغاية. ينبغي استغلال امكاناته بشكل فعال.