وريث الملكية الفرنسية محام هندي يعيش في بوبال

نابوليون دي بوربون مستعد لإجراء اختبارات الحمض النووي

نابوليون دي بوربون سليل الملكية الفرنسية («لوس انجليس تايمز»)
TT

إذا قررت فرنسا إلغاء ثورتها والعودة إلى الحكم الملكي، فإن تولي العرش سيكون من نصيب رجل هندي لطيف ومهذب، ممتلئ الجسم يحمل اسما طويلا ومتنافرا، كما الزنبق الذي يعلو مدخل بيته. بالثازار نابوليون دي بوربون سيرحب ويلبي نداء الواجب، إذا احتاجته فرنسا، إلا ان عودة الحكم الملكي في فرنسا أمر غير وارد الحدوث بالطبع. يقول دي بوربون انه ولد في الهند، لكنه ينتمي إلى الأسرة الملكية الفرنسية. ويعيش دي بوربون في مدينة بوبال، وسط الهند، حيث يمارس مهنة المحاماة. شأن كل قصص المكائد الملكية، لا تخلو قصة دي بوربون من المغامرة والخيانة والحب المحظور والهروب من تحت ظل السيف والاختفاء في ظروف غامضة. بمعنى آخر، يختلط الحقيقي بالأسطوري. إلا ان حديث دي بوربون عن تحدره من طبقة النبلاء الأوروبيين وجدت تأييدا غير متوقع العام الماضي لدى كتابة واحد من أبناء عمومته الافتراضيين، الأمير مايكل اليوناني، معبرا عن موقفه المؤيد لدي بوربون في رواية تاريخية. ففي هذه الرواية، بعنوان Le Rajah Bourbon تناول الأمير مايكل، وهو مؤلف معروف، حياة جون فيليب دي بوربون، الجد الذي يقول بالثازار انه جده. جاء في الكتاب ان جون فيليب، وهو قريب الملك هنري الرابع، الذي نجا من محاولة اغتيال واختطاف في عرض البحر، وجد نفسه في نهاية الأمر في سواحل الهند، حيث عمل في بلاط الإمبراطور المغولي اكبر في القرن السادس عشر الميلادي. وانتقل أحفاده في وقت لاحق إلى وسط الهند. وتشير سجلات تاريخية إلى انه معروف عن أفراد أسرة دي بوربون، انهم يتمتعون بالأهمية والاحترام في المنطقة على مدى مئات السنوات. وفي السنوات اللاحقة تزاوج أفراد الأسرة مع السكان المحليين. ويعتقد مايكل، الذي يعيش في باريس، ان بالثازار دي بوربون هو الوريث الذي لا يزال على قيد الحياة من هذه الأسرة، وهذا بدوره يعطي بالثازار أولوية على المتحدرين من أسرة هنري الرابع في حق المطالبة بالعرش. وكان الأمير مايكل قد التقى بالثازار في بوبال عام 2006 عن طريق الصدفة فقط، عندما نزل بفندق كان يقضي فيه عطلته. وقال الأمير مايكل انه انتقل من غرفة في الفندق إلى جناح باسم «بوربون». وعلى وجه السرعة سأل الأمير مايكل موظف الفندق عن السبب وراء تسمية الجناح بـ«بوربون» فأجابه قائلا: ان هناك أسرة تحمل هذا الاسم وانها أسرة معروفة في مدينة بوبال. وقال مايكل انه لم يكن يعرف ان هذه الأسرة لا تزال موجودة. وكانت تلك التجربة عاملا رئيسيا في دفعه إلى البحث وكتابة رواية La Rajah Bourbon. وقد صودر الكثير من أملاك عائلة دي بوربون، وأرغموا عبر السنوات على بيع المجوهرات والشمعدانات والبيوت، بما في ذلك قصر مدمر الآن، لا يزال بالثازار يتذكره عندما كان طفلا. ويقول ان البيت الذي يعيش فيه ظل في يد العائلة لفترة 200 سنة، وكان المكان الذي يتوقف فيه أسلافه لإنعاش أنفسهم بعد ركوب على ظهر الفيل للذهاب إلى الكنيسة التي ما تزال شاخصة في مكان قريب.

ويهز دي بوربون رأسه عندما يفكر بظروف عائلته التي يشعر بالفخر تجاهها. ويقول انه ليست لديه رغبة للاستفادة ماليا من ادعائه الانتماء إلى عائلة ملكية فرنسية.

ويقول «لا أسعى إلى المطالبة بأي شيء. أنا لا أشحذ أي شيء من أي شخص. أنا إنسان سعيد».

ولكنه يعترف بأنه قد يرغب في نقل عائلته إلى فرنسا من اجل توفير فرص أفضل لأطفاله وشعور براحة الانتماء إلى أغلبية دينية وليس أقلية صغيرة.

ويشعر بالضيق بسبب ان رسائله كانت تقابل بصمت او ردود مؤدبة لا تعترف به كواحد من سلالة بوربون. ويتساءل دي بوربون عما إذا كان يعامل بتجاهل او ازدراء لأنه هندي في مظهره وجنسيته. ويشير مايكل إلى سبب أعمق، فيقول «أعتقد ان آل بوربون هنا في فرنسا منشغلون ولا يمكن ان يهتموا كثيرا بالهند، ولدي انطباع بأنهم لا يتوقون إلى اكتشاف ان لديهم أبناء عم في الهند، ويعود السبب الرئيسي إلى ان أفراد عائلة بوربون الهنود، إذا كانت نظريتي صحيحة، هم من الكبار في النسب العائلي. ولهذا فانه ليس هناك حماس كبير للقول: تعالوا إلى هنا فانتم الكبار وانتم عمداء العائلة». ولكن هل يتخذ أفراد العوائل المالكة الأوروبية موقفا مثل هذا ويتمسكون به، خصوصا انه ليس هناك ما يمكن أن يتعرض إلى خطر، أي لا تيجان او أراض موروثة او ألقاب وإنما الحنين إلى الماضي والصور الباذخة التي تظهر على صفحات المجلات؟ ولا يهتم المواطنون الفرنسيون في الواقع باعادة النظام الملكي.

ويقول الأمير الذي ينتسب إلى عائلة بوربون من ناحية امه «أستطيع أن اؤكد لكم بأنني اعرف عوائل ملكية سابقة من الأوروبيين الذين يصارعون من أجل حقوق انتهت منذ زمن بعيد. غير انني لا أهتم بالموضوع، ذلك ان اهتمامي يتجه إلى الحقائق التاريخية اكثر مما إلى حقوق هذا الشخص او ذاك». وعلى أية حال فقد يكون العلم هو الجواب الشافي على تكهن مايكل وعلى آمال بالثازار دي بوربون. ويقول الأمير انه سيكون مستعدا لترتيب اختبار بالحامض النووي (دي أن أي) للتوثق من ادعاء دي بوربون بالنسب، ويقول دي بوربون انه سيكون مسرورا لإجراء مثل هذا الاختبار. وفي الوقت الحالي يقنع دي بوربون نفسه بما يتوفر له من فتات معلومات، وهو ما يبدو تفكيرا رغائبيا من جانبه.

فهو يقول «سمعت، بصورة غير رسمية، ان ملكة إسبانيا صوفيا غالبا ما تستفسر عني. وتسأل الأشخاص الذين يذهبون إلى هناك من الهند عن حالتي وتلقبني بابن العم».

وهو يأمل في التوجه إلى فرنسا قريبا، على الرغم من أنه لا يتحدث الفرنسية. ويبعده الاعتداد بالنفس عن تقديم طلب للحصول على تأشيرة دخول كسائح، الأمر الذي يعتبر نوعا من الإذلال. انه يريد ان يجري الترحيب به باعتباره احد أفراد عائلة مالكة قديمة، حيث «سيكون ذلك حلما تحول إلى حقيقة».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»