دورات دراسية متخصصة لتحسين سمعة الشرطة المكسيكية

بسبب ضعف النظام التعليمي وتحدر منسوبيها من أحياء فقيرة

ضابطان من الشرطة المكسيكية يدرسان رواية «مائة عام من العزلة»، لكاتبها غابرييل غارسيا ماركيز
TT

في المشهد الافتتاحي الذكي لرواية «ألف عام من العزلة»، لكاتبها غابرييل غارسيا ماركيز، يواجه اوريليانو بوينديا الذاكرة: «بعد عدة سنوات، وبينما كان يواجه فريق الإعدام كان على الكولونيل اوريليانو بوينديا ان يتذكر تلك الظهيرة البعيدة عندما اصطحبه والده لاستكشاف الثلج». إلا ان أفراد الشرطة هنا في نيزاهوالكويوتل حولوا معظم هذه الكلمات إلى اللغة الخاصة بهم. فالمشرفون ترجموا بعضا من أبرز الأعمال الروائية باللغة الإسبانية إلى الرموز الخاصة باللغة التي يستخدمها أفراد الشركة في الاتصالات، وهي لغة تتألف من مفردات وأرقام أيضا. فقرية سانماكوندو، التي يتحدر منها غابرييل غارسيا ماركيز يرمز لها بالرقم 22، ودون كيشوت skinny 67. محاولة نيزاهوالكويوتل ترميز اللغة الإسبانية على نحو يجعل فهمها سهلا لدى أفراد الشرطة الذين يعانون أصلا من ضعف الخلفية التعليمية تعالج مشكلة أساسية. فالنظام التعليمي في المكسيك ضعيف. كما ان أفراد الشرطة، الذين يتحدرون أصلا من مناطق وأحياء سكنية مستوى مدارسها الأكثر سوءا في البلاد. إذ تشير نتائج مسح أجرته «منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي» وسط الطلاب في سن 15 عاما في 30 من الدول النامية إلى ان المكسيك تحتل المرتبة الأخيرة في القراءة.

يضاف إلى ما سبق ان غالبية الـ1300 من أفراد الشرطة ووحدات الإطفاء وعمال الإنقاذ الذين يتلقون كورسا دراسيا هنا في نيزاهوالكويوتل لم تكمل المدرسة الثانوية. ويرى العمدة فيكتور بوتيستا ان تدريس هؤلاء سيؤدي إلى تحسين مهارات الاتصال لديهم ويساعدهم أيضا على التخلص من الصورة السلبية للشرطي، إذ ان ثمة نظرة تعتبر أفراد الشرطة بصورة عامة يتسمون بالفظاظة وقلة التعليم. ويقول بوتيستا نفسه ان «أفراد الشرطة يحتلون ذيل القائمة، شأنهم شأن السياسيين، عندما يتعلق الأمر بالهيبة». وتمتد نيزاهوالكويوتل المكسيكية على مساحة 60 ميلا مربعا إلى الشرق من مكسيكو سيتي، ويقطنها حوالي 1.1 مليون نسمة. وتأتي نيزاهوالكويوتل في المرتبة السابعة في المكسيك من حيث عدد السكان، وتعاني غالبية سكانها من الفقر ومعروف عنها فساد وفضائح الشرطة. أفراد الشرطة في هذه المدينة يعتقدون ان لديهم حماسة غير عادية للاستفادة من هذا المشروع. وبات منظرا مألوفا ان ترى عددا من أفراد المجموعات التي اختيرت للدراسة وهم يجلسون حول طاولات كبيرة يرتدون ستراتهم الواقية من الرصاص وأمام كل منهم نسخة من رواية «مائة عام من العزلة». وكانت المفاجأة ان الدارسين طلبوا دراسة المزيد من الكتب، بل ان بعضهم أبدى رغبة في قراءتها باللغة العادية بدلا من لغة الرموز الخاصة بالشرطة التي كان الهدف منها أصلا تسهيل اللغة، وذهب بعضهم إلى حد إعادة تقييم المواد التعليمية التي يتلقاها أطفالهم في المدارس. وقال بعضهم انه لاحظ ان أطفالهم لا يقرأون قدرا كافيا من الكتب، فيما أقر بعضهم الآخر بأنه لم يقرأ كتابا منذ المدرسة الثانوية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»