باريس تعزز تأهبها الأمني بعد تبلغها بتهديدات إرهابية ضد مصالحها

السلطات الفرنسية تسعى لتكثيف تعاونها مع الدول المغاربية والأفريقية

TT

عاد موضوع الإرهاب إلى الواجهة في فرنسا رغم نفي الجهات الأمنية وجود «تهديد مباشر» للمصالح الفرنسية على الأراضي الفرنسية. وفي المقابل، فإن السلطات، كما تقول مصادر متابعة، تتخوف من تعرض مواطنين فرنسيين أو مصالح فرنسية لاعتداءات إرهابية في المغرب العربي أو أفغانستان.

وفيما تسعى باريس لتوثيق تعاونها الأمني مع دول المغرب العربي وأفريقيا، أعلن وزير خارجيتها برنار كوشنير أمس، أن بلاده «في حال استنفار دائم» لمواجهة التهديدات الإرهابية. وأكد الوزير، لإذاعة «أوروبا رقم واحد» أن محاربة الإرهاب الذي «نعلم أنه يستيقظ ويتقدم نحو المغرب» هدف أساسي للتحرك والسياسة الفرنسيتين وهي تعمل من أجل تحقيقه مع حلفائها.

ويوم الأربعاء الماضي، شدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على أهمية دعم السلطات الجزائرية والرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكذلك الرئيس المصري حسني مبارك، متسائلا: «هل نريد أن نرى حكم طالبان في الجزائر، أو الإخوان المسلمين في مصر؟».

وتعاقبت في الأسابيع الأخيرة مؤشرات ومعلومات أثارت قلق المسؤولين الأمنيين الفرنسيين. وكان آخرها ما أبلغته أجهزة الأمن البرتغالية إلى باريس عن «مكالمة» رصدتها أجهزة رقابة الطيران المدني البرتغالي قبل يومين تتحدث عن التخطيط لعملية إرهابية ضد مواقع سياحية في باريس ومنها برج إيفل الشهير. وبحسب صحيفة «لوموند» في عددها المقرر صدوره اليوم، فإن أجهزة الأمن الفرنسية وصفت الرسالة بأنها «غامضة ومشوشة» ولم تؤد إلى «حالة هلع» في أوساط مكافحة الإرهاب الفرنسية.

وتلتزم فرنسا حالة التأهب منذ أشهر إزاء خطر التهديد الإرهابي. وتعود آخر العمليات الإرهابية التي ضربت باريس الى أواسط التسعينيات. وفي الثالث من الشهر الجاري رصدت أجهزة مكافحة الإرهاب رسالة تدعو الى شن عمليات إرهابية في فرنسا وأخرى تستهدف المصالح الفرنسية في بلدان المغرب العربي بغرض «وضع حد لطموحات الرئيس ساركوزي» في هذه المنطقة ما سيؤدي الى إحداث «انهيار للاقتصاد الفرنسي على المستوى العالمي». وبعد ذلك بيومين، وصلت رسالة من مركز أميركي متخصص في رصد الرسائل الإلكترونية التي تبثها خلايا القاعدة. وتتضمن الرسالة تهديدات ضد العاصمة الفرنسية ورئيس بلديتها الاشتراكي برتران دولانويه. ومن الأماكن التي تدعو الرسالة إلى ضربها المطارات الباريسية والأماكن السياحية (برج أيفل، الشانزليزيه...) والمراكز الاقتصادية الأساسية (حي لا ديفانس الواقع على مدخل العاصمة الغربي) وخلافها. وتسعى الأجهزة المختصة إلى معرفة مصدر رسائل التهديد التي تنشر على موقع إلكتروني يدعى «الإخلاص».

وموازاة ذلك، تتابع السلطات الفرنسية ما يجري خارج حدودها عن كثب. وما يدل على قلقها حثها على إلغاء رالي داكار للعام 2008 بسبب التهديدات التي أطلقها «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وكان أربعة سياح فرنسيين قد قتلوا في اعتداء، جنوب شرقي نواكشوط، في الرابع والعشرين من الشهر الماضي. وحمل هذا التطور باريس على الإصرار على إلغاء الرالي لأن أربعا من مراحله تجري، كما في كل عام، في الصحراء الموريتانية. وكانت باريس أرسلت بعثة أمنية الى موريتانيا للمساعدة في التحقيق. وقالت صحيفة «لو فيغارو» أمس إن مسؤولين أمنيين فرنسيين كباراً قاموا في الآونة الأخيرة بجولة مغاربية ـ أفريقية لتعزيز العمل المشترك ضد الإرهاب.

وسبق للمخابرات الأميركية أن حذرت ثلاث دول أوروبية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا) في سبتمبر (أيلول) الماضي من عمليات إرهابية على أراضيها.